الرأي

ربيع عربي أم خريف؟

رشيد ولد بوسيافة
  • 4550
  • 4

في تونس انفلتت الأوضاع وحدث الصدام بين الحكومة التي أفرزها الربيع العربي والشارع، وأصبح ضحايا النظام القمعي السابق هم الذين يمارسون القمع ويمنعون المظاهرات ويواجهونها بالقوة المفرطة، في مشهد لا يختلف كثيرا عن المشهد الذي عايشه التونسيون قبل هروب زين العابدين بن علي، ليتحول الضحية الذي كان يقبع في السجون إلى جلاد يمارس القمع والعنف في حق المتظاهرين السلميين.

وفي اليمن يعجز الرئيس التوافقي الذي استلم مقاليد الحكم بتسوية خليجية بعد ثورة عارمة صنعت مشاهد فريدة من نوعها، هذا الرئيس يعجز عن إزاحة مسؤولين عسكريين محسوبين على الرئيس السابق محمد علي صالح.

وفي مصر لازالت كل المؤشرات توحي بأن نظام حسني مبارك هو الذي يحكم وليست القوى التي أفرزها الربيع العربي، بل إن ما أصبح يطلق عليه فلول النظام السابق بلغت بها الجرأة ليقدموا مدير مخابرات مبارك ونائبه ليكون رئيسا للبلاد رغم أن ملايين المصريين ثاروا ضده وضد رئيسه وأجهزته الأمنية.

وفي ليبيا التي قامت فيها ثورة مسلحة مدعومة من الناتو والقوى الغربية والعربية، اختلط فيها الحابل والنابل، وأصبحت الكلمة العليا للميليشيات المسيطرة في المدن، واستيقظ الليبيون على كابوس مرعب بعد أن اعتقدوا أنهم خرجوا من ظلمات الطغيان إلى ربيع الحرية والديمقراطية.

وفي سوريا انحرفت الثورة التي بدأت سلمية إلى مواجهة عسكرية بسبب الجرائم التي ارتكبها النظام البعثي في حق أطفال ونساء ورجال سوريا الأحرار، وبسبب التدخلات الأجنبية الداعية إلى عسكرة الثورة وتسليح المدنيين، وأصبح المستفيد الأكبر من ربيع سوريا هو نظام الأسد الذي استمر في الحكم رغم بشاعة الجرائم التي ارتكبها.

وبعد كل هذا، هل يمكن أن ندّعى أن ما حدث على مدار العام الماضي هو ربيع عربي حمل معه تباشير الحرية والديمقراطية، أم خريف بئيس هز استقرار الدول العربية وغيّر المعادلات السياسية لصالح أطراف غربية ظلت تتربص بهم منذ سنوات.

المؤكد أن المستفيد الأكبر من هذا المشهد القاتم في الدول التي شهدت ثورات، هو الأنظمة التي لم تطلها بعد هذه الثورات، لأنها ستصمد لعقود أخرى بحجة أن البديل هو الفوضى والخراب والقتل والتعذيب والمليشيات والتقسيم والتدخل الأجنبي، وغيرها من الأسباب التي تجعل الطغاة يستمرون في الحكم.

مقالات ذات صلة