-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
زوجات يفضلن المال والوظيفة والأطفال

رجال.. ضحايا خلع تعسفي!

وهيبة سليماني
  • 11836
  • 0
رجال.. ضحايا خلع تعسفي!

بات “الخلع”، وسيلة سهلة عند فئة من الجزائريات، للتخلص من الزوج، دون مبررات مقنعة، إلى درجة أن الظاهرة أخذت أبعادا خطيرة في مجتمعنا، فمعطيات وزارة العدل لسنتي 2021 و2020، تحصي 10 آلاف قضية خلع في عام واحد، والأرقام بحسب المختصين مرشحة للارتفاع أكثر، ما يهدد استقرار الأسرة الجزائرية.

وعندما يصل “الخلع” إلى التعسف في حق الزوج، واستغلاله فقط لإنجاب أطفال، أو لتحقيق غرض معين، ثم التخلص منه بدفع مبلغ لا يتعدى في الغالب 20 مليون سنتيم من طرف الزوجة، وفي مقابل استفادة هذه الأخيرة من مصاريف العدة والكراء ونفقة الأولاد، فإن الأمر يدعو إلى القلق.

قصص من الواقع.. والضحايا رجال

وبالنظر إلى القضايا التي سجلتها أقسام شؤون الأسرة في الآونة الأخيرة عبر بعض المحاكم، ومنها محاكم العاصمة، فقضايا الخلع لا تعني فقط تلك الحالات التي تجد المرأة فيها، مضطرة وتحت الضغط والإكراه لطلب الخلع، حيث توسعت إلى أشبه بـ”طلاق تعسفي”، لكنه ضد الرجل!

ومن بين الكثير من قضايا الخلع القائمة على أسباب تافهة وخلافات بسيطة، قضية لرجل جاء من البقاع المقدسة، أين كان يؤدي مناسك العمرة، فعاد إلى منزله، وتفاجأ بأن زوجته رفعت ضده قضية “خلع”، وبحسب ما أكده محاميه لـ”الشروق”، فإن الأسباب لم تكن مقنعة، وكل ما في الأمر، أنها تزوجته من أجل أن يشتري لها بيتا، ولا ترغب في البقاء معه.

زعطوط: طلب الزوجة الخلع لا يناقش من طرف القاضي

وفي محكمة الحراش، تم تسجيل قضية خلع لامرأة اختلفت مع زوجها على برامج القنوات الفضائية، ومن له الأولوية في مشاهدة البرنامج الذي يفضله، كما عالجت محكمة بالعاصمة، قضية خلع لسيدة اكتشف زوجها خيانتها له مع رجل آخر، ولما سمعت بأنه يحوز تسجيلا يثبت فيه هذه الخيانة، ذهبت وطلبت الخلع لتحمي نفسها.

وكشف لنا المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر، سليمان لعلالي، عن قضية لشابة ذهبت في رحلة شهر عسل مع زوجها الجديد إلى تركيا، وبقيت معه هناك شهرا كاملا، ولما عادت ذهبت إلى قسم شؤون الأسرة بمحكمة حسين داي، وطلبت الخلع، بحجة أنها اكتشفت شخصيته خلال هذه المدة، ولم تعد تتحمل البقاء معه تحت سقف واحد.

الحسابات المادية للزواج زادت من الخلافات

وفي هذا السياق، قالت الأستاذة فتيحة زعطوط، محامية معتمدة أمام المحكمة العليا ومجلس الدولة، إن قضايا الخلع، أخذت منعرجا خطيرا في الفترة الأخيرة، بعد أن أصبح الزواج يعتمد على حسابات مادية، ونظرة انتقامية، وعلاقة بنظرة غير بعدية، مؤكدة أن أغلب القضايا من هذا النوع، تكون لأسباب واهية من طرف المرأة، وتتعلق غالبا بالخوف من فضحها عند تورطها في الخيانة الزوجية، أو عندما تنجب أطفالا ولا ترغب في استمرار الحياة الزوجية، أو الطمع في الميراث، وكذلك عندما ترفض الزوجة معاشرة زوجها في الفراش.

بن لحرش: نساء لا يحتجن من الزوج إلا إنجاب الأولاد

وأوضحت ذات المحامية، أن الخلع هو طلب الزوجة الانفصال عن زوجها مقابل دفع مبلغ مالي والتخلي عن حقوقها المادية، حيث تمنح المادة 54 من قانون الأسرة الجزائري للمرأة حقا شخصيا لإنهاء الرابطة الزوجية عن طريق الخلع وبإرادتها من دون موافقة الزوج، ومن دون مراعاة الأسباب المؤدية لذلك، كما أن القانون أعطى مفهوما واسعا للخلع، مشيرة إلى أن القانون حدده بأنه تصرف انفرادي من الزوجة.

قضايا الخلع تعالج بسهولة في المحاكم

وحول ذات الموضوع، قال المحامي زكريا بن لحرش، عضو رابطة حقوق الإنسان، إنه رغم التغيرات والتطورات التي يشهدها المجتمع الجزائري، لا تزال المرأة تعاني من كلمة “عانس”، فمجرد وصولها إلى 25 سنة، تبحث عن رجل يمحو عنها هذه الكلمة، ولو كان لا يعجبها في الكثير من الأحيان، حيث ترسخت هذه الفكرة حتى أضحى الزواج، بحسبه، سهلا ومنتشرا عند بعض المراهقين، عكس سنوات سابقة عندما كان ينظر لهذه العلاقة على أنها مسؤولية صعبة وتحتاج إلى تفكير وتمهل وتدبر واستشارة لكل أفراد العائلة.

وأضاف المحامي، أن قضايا الخلع تجرى بسهولة، لا تسبقها أي إجراءات قبلية، أو جلسات صلح وسط العائلة أو حتى تلك الجلسات التي تجرى في أقسام شؤون الأسرة لا تلعب دورا كبيرا في ما يتعلق بمثل هذه القضايا، فالصلح يكون من جلسة إلى جلستين ولا يحال جميع الأطراف على الوصول إلى النتيجة الإيجابية، خاصة أن إجراءات الخلع سهلة ومتاحة.

جعفري: الخيانة الزوجية وراء أكثر أسباب الانفصال

وأضاف زكريا بن لحرش: “أكثر قضايا الطلاق والخلع التي تتم بسهولة سبقها زواج تم بسهولة وكانت أهدافه مادية، وتخضع لضغوطات اجتماعية، وعند شابات لا يتعدى سنهن 25 سنة”.

وقال محدثنا إن النظرة المسؤولة للزواج تغيرت، وباتت أتفه المشاكل تتيح للأزواج إجراءات الطلاق والخلع، حيث إن من لا ترضى أن تعيش مع زوجها يمكن لها أن تتوجه إلى الكاتب العمومي وتدفع ورقة 1000دج لكتابة عريضة طلب الخلع.

ويرى بأن المشكل تحول من اجتماعي إلى ضغط قضائي، حيث كثرت قضايا الطلاق والخلع في أقسام شؤون الأسرة، فأصبحت هذه الأخيرة تعالج في غضون شهرين تقريبا، ما يزيد أحيانا عن 200 قضية.

محمدي: لا يجوز للمرأة الخلع دون أسباب مقنعة

وتأسف ذات المحامي، من دواعي الطلاق والخلع، التافهة التي تتعلق بخلافات حول برامج التلفزيون أو الإنترنت أو “الفايسبوك”، و”تيك توك”، أو بتحقيق مطامع مادية على حساب العلاقة الزوجية والأبناء.

ثغرات قانونية زادت من تفشي الظاهرة

وفي ذات السياق، تحدثت المحامية فتيحة زعطوط، عن الثغرات القانونية، التي تظهر مع الوقت في الكثير من المواد والنصوص خاصة تلك المتعلقة بالأسرة وقضايا المرأة، موضحة أن التعديل الذي خضع له قانون الأسرة سنة 2005، أكد أن أسباب طلب الزوجة للخلع لا تناقش من طرف القاضي، أي إنها غير مطالبة بإقناع القضاء بحجج طلبها الخلع.

وترى بأنه من الضروري إشراك الفقهاء في الدين والسنة والقياس في مثل هذه القضايا، حيث إن هناك ثغرات في الكثير من القوانين، تظهر مع مرور الوقت، قائلة: “إن الأسرة عنصر مهم في المجتمع، يحسب له ألف حساب للحفاظ على كيانه”.

وأكدت أن حصول المرأة التي تطلب الخلع على حق العدة المقدر بـ3 ملايين سنتيم في الغالب، وحصولها على السكن ونفقة الأولاد، يشجع كثيرا على مثل هذه القضايا، خاصة من طرف نساء همهن الوحيد إنجاب الأطفال، أو تحقيق أهداف مادية.

واعتبرت أن ما تدفعه المرأة للرجل عند خلعه، مبلغ رمزي، خاصة أنه يدور في الغالب ما بين 10 ملايين و15 مليون سنتيم.

وتساءلت قائلة: “أين التعويض عن الضرر الذي يلحق بالزوج، عندما يقع ضحية خلع لأسباب واهية وقرار صادر عن مزاج زوجته؟”.

استقلالية وحرية المرأة شجعت على الخلع

ومن جهتها، قالت شائعة جعفري، رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، لـ”الشروق”، إن المرأة اليوم أصبحت مستقلة، وتتمتع بأكثر حرية في ظل اكتسابها بعض المقومات، مثل السكن والسيارة والوظيفة، والشهادات العليا، والقدرة على مواجهة الحياة بمفردها، بعد أن بات الطلاق مقبولا وليس وصمة عار، كما كان سائدا في المجتمع من قبل.

وترى بأننا لا يمكن أن نقول في جميع الأحيان إن هناك خلعا تعسفيا في حق الرجل، ولكن ربما أن المرأة الجزائرية لم تعد تتقبل أبسط الأخطاء ولا تستطيع تجاوزها مثل أمهاتنا في الماضي.

وكشفت أنها استقبلت حالات لمتزوجات اضطررن لرفع دعوى الخلع، بسبب الخيانة الزوجية، حيث قالت إن إحدى السيدات تتمتع بوضع مادي لا بأس به، واكتشفت أن زوجها على علاقة بامرأة أخرى، ويتحدث معها في الهاتف، فوضعته بين خيارين، ومنحت له فرصة، ولكنه لم يقطع تلك العلاقة، فرفعت قضية الخلع ضده.

وبحسب القضايا التي تستقبلها شائعة جعفري بصفتها رئيسة المرصد الجزائري للمرأة، قالت إنها تتعلق دائما بالخيانة الزوجية، سواء من طرف الزوج أم الزوجة، حيث يكون للوسائط الجديدة التأثير والدور السلبي في مثل هذه الخلافات، مضيفة أن الزوجة اليوم باتت تطلب الطلاق لمجرد الشك في زوجها، أو بمجرد اكتشاف صداقات له عبر “الفايسبوك”.

من حق المرأة الانفصال عن رجل سكير ومدمن وزير نساء

وبحسب جعفري، فإن المرأة بالأمس، كانت تتقبل زوجا سكيرا أو متعاطي مخدرات، أو زير نساء، أو بطالا، ولكن بعد امتلاكها الكثير من المقومات المادية، باتت بعضهن ترفض أي عيب في الزوج، إلى درجة أن أبسط الأسباب تجعلها ترفع قضية خلع ضده.

وقالت شائعة إن الخلع رغم أنه موجود منذ 14 قرنا، إلا أنه بات سلاحا قويا تستعمله بعض النساء لتهديد الرجل، بعد أن تنجب منه أطفالا، ويصبح المنزل باسمها، إلى درجة بحسبها، أن بعضهن يظهرن في “تيك توك” يرقصن ويكشفن عن زينتهن، وأسرار بيوتهن دون أي رادع من طرف الزوج أو الأخ أو الأب.

“لا تشم رائحة الجنة من تخلع زوجها دون سبب”

ومن جهته، قال الشيخ سليم محمدي، داعية وخطيب، إن الزواج رباط مقدس ويفترض أن يكون مؤبدا إلى غاية وفاة أحد الزوجين، موضحا أن الخلع مذكور في القرآن الكريم في آية من سورة البقرة، لكنه لا يحدث إلا في حالة تستحيل فيها الحياة مع الزوج، إلى درجة الشعور بالإكراه.

وذكر بالحديث النبوي الذي يقول: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير”، مشيرا إلى أن رسول الله قال: “أيما امرأة سألت زوجها طلاقا من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة”، وهذا معناه، بحسبه أن الخلع الذي تطالب به الزوجة، ولا يكون لديها فيه مبرر مقنع وسبب شرعي، مرفوض شرعا، وتحرم بسبه هذه الزوجة من رائحة الجنة.

وتطرق الشيخ سليم محمدي، مدير التوجيه بوزارة الشؤون الدينية، إلى قصة بريرة، التي كانت تخدم عائشة- رضي الله عنها-، فلما أعتقتها، وتركت لها الخيار في البقاء مع زوجها مغيث أو مفارقته، اختارت الفراق، فبكى مغيث إلى أن سالت دموعه على لحيته من شدة حبه لها.

وطلب الرسول من بريرة أن تعود إليه، فقالت: “يا رسول الله أتأمرني بمراجعته وجوبا”، فقال: “إنما أتوسط له”، فردت: “لا غرض ولا رغبة لي في مراجعته”. وفي رواية أخرى، قالت بريرة للرسول: “لو بقيت معه سأكفر”.

وحذر في هذا الصدد، الشيخ سليم محمدي، النساء الجزائريات من التوسع والتعلق بأيدلوجيات مستوردة تجعلهن ينظرن إلى العلاقة الزوجية على أنها حلول وقتية وتحقيق لمصالح ذاتية على حساب الأسرة الجزائرية التي تعتبر إحدى مميزات مجتمعنا على مجتمعات أوروبية، ذهبت فيها ملامح هذه الأسرة وتحولت إلى علاقة مفتوحة بين الرجل والمرأة، أو بين شخصين من نفس الجنس.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!