-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نوعية ومستوى التمثيل يكشفان عن محاورها الدبلوماسية

رسائل الجزائر من وراء احتضانها منتدى قمة الغاز

محمد مسلم
  • 2078
  • 0
رسائل الجزائر من وراء احتضانها منتدى قمة الغاز
ح.م

قدمت الجزائر من خلال نجاحها في احتضان “قمة الغاز”، أوراق اعتمادها كلاعب مؤثر في دبلوماسية الغاز، التي تحولت إلى ورقة رابحة للدول المنتجة والمصدرة في الدفاع عن مصالحها، في ظل سياق عالمي مشحون بالصراع من أجل التزود بالغاز، والذي أصبح هاجسا بالنسبة للغرب خاصة، ولاسيما في ظل استبعاد قرب نهاية الحرب الروسية الأوكرانية.
ويكمن هذا النجاح في المشاركة اللافتة لزعماء كبار الدول التي تسيطر على إنتاج وتصدير هذه المادة الحيوية في سوق الطاقة العالمية. ومثلما كشفت نوعية مشاركة الدول الأعضاء في “منتدى البلدان المصدرة للغاز”، تنوع المحاور التي تنشط على صعيدها الدبلوماسية الجزائرية، فقد بينت أيضا ثقل الجزائر بين نظرائها في هذا المنتدى، الذي تأسس في العام 2011.
ويضم “منتدى البلدان المصدرة للغاز”، 12 دولة، هي الجزائر، قطر، روسيا، إيران، بوليفيا، مصر، غينيا الاستوائية، ليبيا، نيجيريا، ترينيداد وتوباغو، فنزويلا، الإمارات العربية المتحدة. ويسيطر النادي ومعه سبع دول أخرى مرتبطة به، على نحو 70 بالمائة من احتياطيات الغاز المؤكدة و51 بالمائة من الصادرات العالمية من الغاز الطبيعي المسال، وهو ما يجعل منه قوة مؤثرة في سوق الطاقة العالمية، إذا توافقت على توجه واحد.
وشاركت في قمة الغاز بالجزائر عشر دول بالمستوى الأول من التمثيل، أي بالرؤساء والملوك الأمراء، على غرار كل من الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وهما من كبار منتجي ومصدري الغاز، يضاف إليهما الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، والرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي يزور الجزائر للمرة الثانية في غضون أقل من أسبوعين، بعد ما كان زار تندوف لافتتاح المعبر البري والمنطقة الحرة بين البلدين.
كما شارك أيضا، رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، والرئيس التونسي قيس سعيّد، والرئيس السنغالي ماكي صال، والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والرئيس البوليفي لويس آرسي، فيما أوفدت روسيا وزير الطاقة نيكولاي شولجينوف، وشارك عن الجانب المصري، وزير البترول والموارد المعدنية، طارق الملا، وناب عن الرئيس النيجيري وزير الطاقة والبترول إكبيريكبي إيكبو، فضلا عن وزراء الطاقة لكل من أنغولا وأذربيجان وسلطنة عُمان وترينيداد وتوباغو وغينيا الاستوائية. ويؤشر نوعية التمثيل على طبيعة علاقات هذه الدول بالجزائر.
ولخص وزير الطاقة، محمد عرقاب، في الكلمة الافتتاحية لاجتماع الوزراء، الهدف من اجتماع قمة الجزائر للغاز، وقال إنها تستبعد الذهاب إلى حالة من الاستقطاب بين المنتجين والمستهلكين، وتفضل “حوارا مستمرا وجادا بين الطرفين لبناء رؤية مستقبلية مشتركة تعترف بالدور المتنامي للغاز الطبيعي في مزيج الطاقة العالمي، كمصدر مستدام وتنافسي قادر على ضمان أمن الطاقة”.
أما على الصعيد المتعلق بالبعد الجيوسياسي، فيرى الخبير الأمريكي المتخصص في قضايا الطاقة في شمال إفريقيا جيف بورتر، أن الجزائر تريد توجيه رسالة للعالم مفادها أنها “لاعب دبلوماسي دولي مهم. إنها تريد أن تظهر أنها قادرة على الجمع بين إيران وقطر وروسيا في الجزائر، وأنها محاور محايد يمكنه الجمع بين البلدان ذات التوجهات المختلفة”.
وعلى الرغم من محاولة بعض البلدان الكبرى المستوردة للغاز التقليل من أهمية الغاز على المديين المتوسط والبعيد، والتهليل للطاقات المتجددة كبديل للطاقة الأحفورية، في محاولة للضغط على الدول المصدرة، إلا أن التقرير السنوي لمنتدى البلدان المصدرة للغاز بخصوص توقعات الغاز العالمي في آفاق 2050، والذي نشر الخميس المنصرم، يؤكد أن الغاز الطبيعي “من المقدر له أن يظل لا غنى عنه لعقود من الزمن”.
ويؤكد التقرير أنه “بحلول عام 2050، من المتوقع أن يرتفع الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة مذهلة تبلغ 34 بالمائة، مما يزيد بشكل كبير حصته في مزيج الطاقة العالمي، من 23 بالمائة الحالية إلى 26 بالمائة”، وهي قراءة تلتقي مع تلك التي قدمتها وكالة الطاقة الدولية مطلع شهر يناير المنصرم، والذي قال إنه من المتوقع أن يشهد الطلب العالمي على الغاز “نموا قويا” في عام 2024 مقارنة بعام 2023، مدعوما بتوقعات درجات الحرارة الباردة وانخفاض الأسعار.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!