الرأي

رسائل شعبية بين بوغني والبويرة وسيدي عيسى!

محمد سليم قلالة
  • 2005
  • 17
ح.م

يبقى المجتمع الجزائري مُوَحَّدا رغم محاولات التفرقة الكثيرة بين أبنائه. وتبقى الصراعات التي يحاول البعض تضخيمها مجرد عمل فوقي تقوم به بعض الأطراف لضرب بعضها البعض. أما في العمق فالأخُوّة الجزائرية قائمة والتعاون بين أبناء البلد الواحد قائم، والاشتراك في السراء والضراء قائم، وقبل كل ذلك التعلق بالعلم والقرآن الكريم قائم، وهو أساس الوحدة وأساس العمل وأساس الانتصار…

منذ أيام قليلة اتصل بي ممثلون عن جمعية العلماء المسلمين من شعبة سيدي عيسى ليؤكدوا لي تكريم الجمعية بالتعاون مع تنسيقية زوايا منطقة القبائل لطلبة نجباء من ولايتي تيزي وزو والبويرة المجاورتين في لفتة تضامنية بين القواعد الشعبية بعيدا عن الأطر الرسمية. وقد أثلج صدري هذا التعاونُ القاعدي العلمي المتميز خاصة وأنه يأتي في ظرف يسعى البعض إلى بث التفرقة بين الجزائريين على أساس عناصر الهوية الوطنية من لغة ودين وتاريخ… وسعدتُ لما علمت أن التلميذة المُكرَّمة إيمان حمزاوي من دائرة بوغني قد تحصلت على المرتبة الأولى بمعدل 18.58 أما التلميذة سامية زايدي من البويرة فقد تحصلت على المرتبة الأولى بمعدل 17.91… ولكن ما أسعدني أكثر وما زادني شعورا بالثقة في المستقبل أن التلميذة إيمان حمزاوي، فضلا عن تفوُّقها في التحصيل العلمي، هي من حفظة القرآن الكريم.

كم هو عميق وأصيل هذا المجتمع الجزائري الذي يحاول البعض تشويهه وتقسيمه وبث الفرقة بين أبنائه، وكم هو وفِيٌّ لروح صُنّاع ثورته المجيدة، الذين جمعتهم يد الله ولم تُفرِّقهم يدُ الشيطان.

وكم كانت عميقة تلك الرسالة التي أبلغوني من خلالها بهذا النشاط؛ إذ أبوا إلا أن يكون مستهلَّها التذكيرُ باستشهاد العقيد عميروش الذي هو ابن منطقة القبائل بجبال ثامر القريبة من بوسعادة المجاورة لدائرتهم، في إشارة منهم إلى وحدة الجهاد والاستشهاد بالأمس، ووحدة التضامن والأخوَّة اليوم…

هذه عيّنة من السلوك المجتمعي الهادئ والمستمرّ بعيدا عن كل تلك الخطابات الشاذة التي مازالت تحنُّ إلى لغة الاستعمار التقليدي القائمة على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد وعلى التشكيك في هويته وتاريخه ووحدة نضاله ومصيره… هذه هي جزائرنا العميقة التي يريد البعض استبدالها بدول عميقة أخرى لا تمتُّ إليها بِصِلة، سنبقى متمسكين بها في كل الظروف وستنتصر بإذن الله تعالى.

شكرا للشباب الساهر على مثل هذه المبادرات، التي لا أقول عنها بعيدة عن السياسة، بل أقول هي السياسة الشعبية الحقة التي تحمل كل الأمل في المستقبل وستنتصر على كل السياسات الوهمية الأخرى.

مقالات ذات صلة