-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رعب في ليلة الشكّ !

جمال لعلامي
  • 1093
  • 0
رعب في ليلة الشكّ !

فجأة دخل كبار السياسيين وصغارهم، في ليلة شك طويلة، نقلت إليهم الخوف والهلع والرعب، وكانت هذه الليلة الباردة أطول ليلة في حياتهم السياسية، ولم يفهم هؤلاء وأولئك، على أيّ رجل يقفون، وبأيّ يد يحكون، وهل يتكلمون أم يصمتون، وماذا يقولون؟

 لم تتعوّد هذه الطبقة السياسية على ترقـّب هلال الصوم أو الإفطار إيمانا واحتسابا، بهذه الطريقة العجيبة والغامضة، فالعين المجرّدة لم تعد قادرة على صيد كلّ شاردة وواردة، خاصة إذا كانت مثلما يبحث عن إبرة وسط تبن متناثر بشكل كثيف !

ربـّما لأولّ مرّة في تاريخ الانتخابات التعددية، يتساوى المطبلون والموالون والانتهازيون والغمّاسون والمعارضون، حيث ضاعت واختفت المعلومة الأكيدة عند كلّ الفرق، ولم تعد المصادر الموثوقة والمتطابقة والمطلعة، تجدي نفعا، أمام شحّ الأخبار وربما انتحارها في أبواب “صناعة القرار” !

الجفاف والقحط، هو الذي “ربط” أيدي وأرجل وألسن موالين ومعارضين، لم يقدروا على تحديد وجهتهم وخيارهم، وإن كان جلـّهم “شاتي اللبن ومخبـّي الطاس”، لكن أغلبهم فضل التريّث و”الكوشيفو” وتأمين خط الرجعة إلى أن تمرّ “العاصفة” بسلام فلا يصبحوا من النادمين الخاسئين !

الغموض، هو الذي أجبر هؤلاء وأولئك، على “زمّ أفواههم”، والاكتفاء فقط بالتمتمة إلى أن يتضح الخيط الأبيض من الأسود، والإبهام هو الذي أخلط أوراق المتابعين والمحللين والفلاسفة والمنظرين، والضبابية هي التي حبست أنفاس المرشحين الافتراضيين و”مشاريع” المترشحين، فلم تظهر لا الأرانب ولا الثعالب ولا الخيول البرية ولا المروّضة !

كاذب من زعم أنه “فاهم حاجة”، وكذاب هو من ادعى زورا وبهتانا بأنه يملك معلومة من منبعها، فكلّ الأخبار والمعلومات المكرّرة والمحروثة خلال قرابة السنة، لبست اختياريا أو اضطراريا ثوب التحليلات والتأويلات والتخمينات، بما أفقد الموضوع شهيّته وزاده غموضا وإبهاما.

مرض الرئيس، تفكك التحالف الرئاسي، سقوط أويحيى وبلخادم وسلطاني، من الحكومة والأرندي والأفلان وحمس، صعود سلال، عودة بن فليس، سكوت حمروش، هي بعض الأرقام التي أخلطت معادلة السياسيين وأفقدتهم توازنهم والقدرة على تفسير الأمور والأحداث والتطورات، ولذلك تضاعف “الخوف” من المستقبل !

لم يستفد سياسيو “حكّ تربح” و”الزمياطي” وضرب خط الرمل، من جلسات الصباح والمساء، ولقاءات الصالونات المكيّفة، في العثور على مفتاح يفتحون به باب الأسرار والألغاز، وهو ما مطـّط مرحلة السوسبانس، وأدخل عدّة أطراف في “حيط” قسم ظهورهم ورؤوسهم بعدما اعتقدوا أنه مجرّد جدار هلامي مشيّد وفقد الخدع السينمائية !

مفردات “البديل” و”رجل الإجماع” و”رجل التوافق” والمرشح “الأقلّ سوءا”، لم تجد تفسيرا سريعا ودقيقا وفوريا لها في قاموس يفهم معجمه المتخاصمين والمتخالفين والمتحالفين، ولذلك ظلت الكلمة مشفـّرة تحتاج إلى جهاز “المورس” لفكّ طلاسمها و”حروزها” دون أن ينقلب السحر على الساحر والمسحور و”المحقور” !

هي شهور معدودة، لكنها كانت طويلة، وممّا زاد من طولها، تلك الرياح المرعبة التي كانت تتسرّب طوال الوقت من تحت دفة الباب، محدثة أصواتا تمنع سامعها من النوم في هدوء وسكينة، وأكثر من ذلك، فإن صمت القبور و”الخرخشة” وأصوات “الزشّ” زادت من شدّة وحدّة الرعب !

لم تعد الطبقة السياسية قادرة على إضاءة الزاوية الحادة في الغرفة المظلمة، وهو ما استدعى المراقبين إلى رسم علامات استفهام وتعجّب، ظلت بلا أجوبة ولا توضيحات، بل كان السؤال دائما يتمّ الإجابة عنه بسؤال آخر، كمؤشر على عدم وجود إجابات مقنعة وشافية، بما أربك المحيط والحاشية والمتهارشين وأعاد التكهنات وحتى المخاوف إلى الواجهة وأخلط الحسابات أيضا !

إن منطق عدم المغامرة والمجازفة دون فهم ما يحدث، هو الذي دوّخ أطياف الطبقة السياسية، وجعلها تمشي جنب الجدار، ولا تكثر من الهمسات واللمسات، ما ظهر منها وما بطن، وعندما تخطئ تسارع إلى لملمة الآثار الجانبية، حتى لا تكون الضربة موجعة وليست قاصمة، وحتى لا يضيع الجمل بما حمل، وهي تدرك جيّدا أن خسارة الصوف أفضل من خسارة الخروف !

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!