-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رفقا بمؤسّسي الجامعات!

رفقا بمؤسّسي الجامعات!

في سنة 2016 ألغت الحكومة التّقاعد النسبي والتّقاعد دون شرط السّن وحدّدت لذلك آجالا، فما كان من الأساتذة والمعلمين إلا المسارعة للاستفادة من هاتين الصيغتين قبل توقيف العمل بهما، وفقدت بذلك المدرسة الجزائرية عشرات الآلاف من خيرة الأساتذة في عزّ عطائهم العلمي، وحلّ محلّهم متخرّجون جدد في الجامعة لا يملكون الخبرة ولا المؤهِّلات للقيام بمهمّة التّدريس، وكلنا نعلم ما حدث بعدها من انهيار لمستوى التّحصيل العلمي، وشيوع الدّروس الخصوصية لتعويض النقص الذي تعانيه المدرسة.

ومع القرار الجديد الذي تمّ اتّخاذه على مستوى وزارة التّعليم العالي بإحالة كلّ أساتذة الجامعات الذين بلغوا سنّ السّبعين إلى التقاعد، دون محاولة إيجاد حلول أخرى قد تكون أنفع للجامعة وللبلد من إحالة هذه العقول التي يعود لها الفضلُ في تأسيس عشرات الجامعات على مستوى الولايات، وعوض تكريمهم ورفعهم فوق الرّؤوس تصلهم رسائل تجبرهم على مغادرة الفضاء العلمي الذي يتنفَّسون فيه نحو بيوتهم!

طبعا نحن لا نتكلّم عن نوع من الأساتذة تخلّى عن واجباته في البحث والتّأطير والنّشر العلمي، ولكن نقصد أولئك الذين لا زالوا يبذلون الجهد في البحث والإشراف والإنتاج العلمي في المخابر والمحافل الوطنية والدّولية، ولم يمنعهم سنُّهم من القيام بواجباتهم البيداغوجية والعلمية، فهل تصحُّ إحالتُهم على التّقاعد وحرمان الجامعة من كفاءات أثبتت جدارتها؟

إذا كان الهدف الذي تسعى إليه وزارة التعليم العالي هو توفير مناصب شغل لتمكين الجامعة من رفع قدرتها على توظيف البطالين من حمَلة الدكتوراه، فإنّ الأمر في غير محله، لأنّ استبدال بروفيسور بخبرته الطّويلة ومكانته العلمية دوليا ووطنيا بأستاذ جديد، قد يحل مشكلة اجتماعية، لكنه بالتأكيد لن يكون في صالح الجامعة والطّلبة.

هذا المنطقُ الإداري في إدارة الشّأن العلمي لا يفيد، فقبل عقود عاد شيخ المؤرّخين الجزائريين الدّكتور أبو القاسم سعد الله من الأردن وكان يحظى هناك بالاحترام والتّبجيل في منصب أستاذ كرسي مكلف بتأطير نخبة من الأساتذة، وكانت مكانته هناك تضاهي مكانة رئيس الجامعة إن لم نقل مكانة وزير التّعليم العالي، لكن عندما دخل إلى الجزائر وتوجه في فيفري 2001 إلى رئاسة جامعة الجزائر وطلب إمكانية إدماجه في الجامعة بصفة أستاذٍ متعاقد وفق قانون 1996 على أن يتقاضى 70 بالمائة من الأجر الأصلي، ورغم توقيع مسؤول الجامعة فورا على الطّلب فإنّ القرار لم يجد طريقه إلى التّجسيد، ويذكر سعد الله في مذكراته “مسار قلم” أنه بعد عام تم تبليغه أنّ الجامعة تعتذر لعدم قدرتها على تغطية أجرته!

من حق الدّكاترة البطّالين أن يحصلوا على وظائف في الجامعة، أو يتم إدماجُهم في مشاريع بحثية، وأقلُّ الواجب أن تبادر الوزارة إلى اتّخاذ جملة من التّدابير للتّكفل بهم أوّلها تجميد مسابقات الدّكتوراه في التّخصصات التي تشهد تشبّعا في عدد الدّكاترة، أمّا أن تعمد إلى تحرير المناصب التي يشغلها الباحثون الكبار ومنحها للخريجين الجدد فهو مسعى لابدّ من مراجعته.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!