-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رقان وناموس.. هل هي محرقة أخرى؟

بقلم الأستاذ: بوحفص بن شنوف
  • 841
  • 0
رقان وناموس.. هل هي محرقة أخرى؟

لا أحد يدري حجم الأضرار التي لحقت بمنطقة رقان وناموس الناجمة عن 17 تجربة نووية فرنسية، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام الفرنسية، لا يمكن أن نتصور أن المنطقة كانت خالية من الإنسان والحيوانات خلال التجارب؟ فما مدى ضرر الأشعة النووية على الإنسان والحيوان والنبات والحشرات وعلى مستقبل تلك المنطقة القريب والبعيد؟

التجارب الفرنسية في الصحراء الجزائرية أيام الثورة التحريرية أمر خطير للغاية، والتجارب التي عرفتها تلك النواحي الصحراوية في عهد الحرية والاستقلال أمر لا ندري خلفياته وأسبابه، لكن، وفي كلتا الحالتين ساد تلك التجارب غموض وسكوت ونسيان لا مبرر له.

أول من تناول هذه القضية الخطيرة في الثمانينيات هو تحقيق تلفزيوني كشف عن صور لضحايا التجارب الفرنسية، عرض صورا لجزائريين سجناء شدّت أغلالهم حول أعمدة فوقفوا مكبلين وسط ميدان انفجار القنبلة النووية الفرنسية وهذه جريمة كبرى ووحشية لا مثيل لها واحتقار الكائن البشري من طرف عساكر فرنسية ورجال ساستها الذين جعلوا من الجزائريين فريسة حية للإشعاع النووية لمعرفة آثارها على الإنسان، إنها محرقة أخرى.

حبذا لو أقمنا، جمعية ضحايا الاضطهاد، جزائرية يابانية.. نحن واليابان رفقاء الدمار والخراب والطغيان، تجمعنا مجازر واحدة في سنة واحدة، ومحرقة واحدة، لقد سجل التاريخ عن فرنسا مجازر 8 ماي 45 وسجل عن الولايات المتحدة صفحة سوداء يوم 6 أوت 1945، يوم انفجار القنبلة الذرية الأمريكية وسط مدينة هيروشيما التي تم نسفها وتدميرها تدميرا مرعبا، احترقت وتلاشت من شدة الانفجار النووي جثث 100.000 ضحية، كم هو عدد ضحايا التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر..؟ نقطة سوداء في تاريخ الجنرال ديغول. منذ تاريخ تدمير مدينة هيروشيما 6 آوت 1945 قررت الدول الكبرى امتلاك سلاح الدمار الشامل والقنبلة النووية من أجل توازن القوة الدفاعية، ويعيد الاحتلال والطغيان تاريخه سنة 1960 في الصحراء الجزائرية في محرقة رقان وقد بدأ السباق النووي مشتدا وسريعا.

بعد تفجير أول قنبلة ذرية للولايات المتحدة على رؤوس المدنيين في اليابان قام الاتحاد السوفياتي بتجربة أول قنبلة ذرية سنة 1949 وتلته بريطانيا العظمى سنة 1952 وغابت فرنسا على ساحة السباق، واندلعت حرب الجزائر وعاد الجنرال ديغول ليعتلي سدة الحكم، فعمل على استرجاع هيبة فرنسا بإنجازين تاريخيين، فعبأ لتحقيقهما كل إمكانات فرنسا، حشد عساكره معززا بآليات الحلف الأطلسي وحاول القضاء على الثورة الجزائرية بكل الوسائل ليحقق نصرا للجيش الفرنسي المهزوم في الحروب التي خاضها سـواء في الحـرب العالمـية الثانـية أو في “ديـا بيـان فـو” المعركة الحاسمة في حرب تحرير (إندوشين) المستعمرة الفرنسية والمعروفة الآن (فيتـنام) ويتمثل الإنجاز الثاني في الالتحاق بمصاف الدول النووية، فقرر أن يجهز جيشه بترسانة صواريخ القنابل الذرية، فأقام محافظة للطاقة النووية في إطار البرنامج النووي للدفاع الفرنسي ودعم لجنة التطبيقات العسكرية للطاقة النووية القائمة منذ سنة 1956 ووقع على قرار إنجاز قنبلة ذرية سنة 1958 وتم تحديد تاريخ تجربة أول قنبلة في السداسي الأول سنة 1960 بالقاعدة العسكرية بالصحراء الجزائرية بضواحي رقان ويبقى هذا العمل الإجرامي نقطة سوداء في تاريخ الاحتلال الفرنسي.

وجدت فرنسا منطقة مناسبة وفضاءً لائقا بعد دراسة شاملة لصحرائنا، فكان اختيار (تانزروفت) بنواحي (حمودية) بالقرب من (رقان)، فأقامت القوات العسكرية الفرنسية قاعدة مناسبة للإقامة والدراسة والتجارب، وفي رقان وجدوا المياه الغزيرة والأحوال الجوية اللائقة لتفجير القنبلة الذرية. لكل قنبلة خصوصية تستجيب لانشغالات عسكرية مختلفة، يعتبر تفجير القنبلة الأولى عملية تجريبية والقنبلة الثانية لمعرفة آثارها على أهداف معينة، تلك الأهداف البشعة القذرة، وأي هدف أبشع من عرض بشر أحياء مكبلين فريسة لجحيم الانفجار النووي بحسب تصريحات شهود عيان من سكان تلك النواحي وحسب مقالات صحافية جزائرية وحسب الفيلم الوثائقي للتلفزة الجزائرية.

ما هي الآثار الناجمة عن هذه التجارب النووية على البيئة من مناخ ورمال ودواب وحشرات وإنسان..؟ سألت في أواخر السبعينيات أحد سكان تلك الضواحي وهو شيخ مسن، كيف هو حال البيئة والإنسان بعد تلك التجربة النووية..؟ أجابني بأن هناك في تلك النواحي بئر (حاسي) اشتهر عند الرحل ورعاة الإبل بأنه (مسكون) يعني يسكنه الجن، فهي تؤذي كل من اقترب من البئر للسقاية، فيصاب بداء عضال لا أحد استطاع معالجته، والحقيقة هي، لا يوجد في البئر جان ولا مارد ولكن تلك بقاياهم تدل عليهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!