-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رمضان لم يتغيّر.. نحن تغيّرنا

رمضان لم يتغيّر.. نحن تغيّرنا

لم يغيّر رمضان 2024 من حال الأمة، فقد دخل بهلال، وغادر بهلال، ومع ذلك بقي هلال المسلمين خاسفا، وكل الانتصارات الكبرى التي حققها المسلمون في تاريخهم في شهر رمضان، من غزوة بدر الكبرى إلى معركة حطين، ما وجدنا لها مثيلا، في رمضاننا الحالي، إذ شابه شهر رمضان، الشهور التي تلت السابع من شهر أكتوبر.

وتبخّرت مخاوف الأمريكيين الذين يبدو أنهم قرؤوا بعضا من تاريخ المسلمين في رمضان، فكانوا يسابقون الزمن من أجل الحصول على هدنة في رمضان لتفادي الثورة التي يفعلها الصيام الحقيقي في نفوس المؤمنين، فلا شياطين الإنس صُفِّدت ولا راية الإسلام التي رفرفت في كل معارك وحروب المسلمين في رمضان، انتصرت، وبقيت حال غزة على ما كانت عليه في جمادى ورجب وشعبان.

لقد مارس المسلمون كل الشعائر الدينية في شهر رمضان، من صلاة وزكاة وزيارة إلى البقاع المقدسة وصوم وتوحيد، ورفعوا من نسق التكافل الاجتماعي، فأطعموا عابري السبيل والفقراء والأيتام، ولكنهم في المكان الواجب فيه ممارسة نصرة المظلومين، وفي المكان الواجب فيه قهر الظالمين في فلسطين، عجزوا عن نصرة المقهورين وعن إطعام الجياع وحتى عن قول كلمة حقٍّ في وجه عالم جائر وظالم.

لم يتغير رمضان، فقد حلّ بهلاله، يفتح للناس أبواب الجنة ويغلق أبواب النار، ويدفعهم إلى بلوغ غاية الصوم الأولى، وهي التقوى، ويمنح للمتقاعسين والمطبِّعين والفاسدين، فرصة التوبة والعودة إلى جادة الصواب.

لم يتغير رمضان، فقد أرعب أعداء الإسلام، فتحدث عنه ماكرون وبايدن وحتى نتانياهو، وكان واضحا من كلامهم أنهم يدركون هيلمانه وفخامته وما يمكنه أن يفعل في قلوب المتّقين الصائمين، وهو يجرّ صور الصائمين المنتصرين في فتح مكة وعين جالوت وحرب العبور.

لم يتغير رمضان، فقد كان ومازال الموحِّد الأول للأمة، يُدخلهم مدرسته الروحية الراقية، ليعلّمهم الصبر والتعاون وتذكُّر المستضعفين، ويُصغِّر في أعينهم المستكبِرين، وكلما كبّروا وتوكّلوا، إلا ويسّر لهم طريق النصر.

لم يتغير رمضان فقد حلّ مع الهلال وغادر مع الهلال، وترك فينا كل القيم التي تجعلنا نحافظ على الهلال، بازغا وعليّا، كما ارتضاه لنا الله دائما.

لم يتغير رمضان فقد منحنا كل فرص العودة، وأفهمنا أن الله يغفر الذنوب جميعا، والذي لم يرقّ قلبُه لما ذاق أبناء فلسطين من تجويع وتهجير وتقتيل وتنكيل في بقية الشهور، سيرقّ بالتأكيد في رمضان وفي عيد الفطر المبارك.

ما تغيّر رمضان، ولكننا تغيرنا، فما عدنا نثق في أنفسنا، وما عادت صيحة وامعتصماه أو واعرباه أو مسلماه، تثيرنا، ومئات النساء يُقتلن وينكل بهن، وما عادت آيات إعداد القوة ونصرة الأخ المظلوم وبدايات سورة الإسراء، ولا صور جثث الأطفال وملامح جوعهم، تحرِّكنا.

نحن الذين تغيّرنا، فنسينا مصعب وخالد والمثنى وصلاح الدين… وما عرفنا القادم الكريم، حامل الرحمة والعزة، ففات، وما شعرنا.

لقد عاد رمضان.. وما عُدنا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!