-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رمضان هو السّبب!

سلطان بركاني
  • 2220
  • 0
رمضان هو السّبب!

بتاريخ 26 أفريل من العام 2014م، غرقت عبّارة كورية في عرض البحر، كان على متنها 476 راكبٍ، بينهم 352 تلميذٍ كانوا في رحلة مدرسية، وقد توفي في الحادث المئات من التلاميذ والركاب، وفي فورة غضب أهالي الضحايا، تقدّم والد أحد التّلاميذ الذين قضوا نحبهم إلى رئيس وزراء كوريا الجنوبية وقام بصفعه على وجهه أمام الكاميرات، فلم يزد رئيس الوزراء على أن تراجع إلى الخلف وظل منحنيا لعدة دقائق احتراما لمشاعر والد الضحية، ثمّ أعرب عن خالص اعتذاراته لأسر الضحايا، وقدّم استقالته، بعد أن قال: “شعرت، أنني كرئيس للوزراء، يجب أن أتحمل المسؤولية وأستقيل.. أردت أن أستقيل قبل هذا لكن الأولوية كانت لإدارة الوضع وارتأيت أن المسؤولية تقتضي أن أقدم المساعدة قبل أن أرحل. لكني قررت الاستقالة الآن كي لا أكون عبئا على الحكومة”.

ما قام به رئيس الوزراء الكوريّ لا يعدو أن يكون واجبا تقتضيه الأعراف في الدّول التي تحترم شعوبها، ويتحمّل فيها المسؤولون كامل مسؤولياتهم عن كلّ تقصير يقع في قطاعاتهم، لكنّه ربّما يكون تصرّفا غريبا في بلداننا التي دأب المسؤولون فيها على احتقار شعوبهم والتّعامل معها بفوقية تجعلهم يستنكفون عن تحمّل مسؤولياتهم إزاء الكوارث التي تحلّ ببلدانهم بسبب السياسات العرجاء التي ينتهجونها ويصرّون على المضيّ قدما في تطبيقها رضوخا لنزوات إيديولوجية أو بيولوجية لهذه الجهة أو تلك.

فضيحة بكالوريا 2016م في الجزائر، هي واحدة من الوقائع والقوارع الكثيرة التي أعطت دليلا آخر على أنّ المسؤولين عندنا يرون أنفسهم فوق المحاسبة، وفوق الاعتذار، فبرغم التداعيات الكارثية لهذه الفضيحة على مستقبل هذه الشّهادة، إلا أنّ كبار المسؤولين عندنا أرادوا أن يُقنعوا مئات الآلاف من الأسر الجزائرية التي سيضطرّ أبناؤها إلى إعادة الامتحان في عزّ الصّيف وفي شهر الصيام، بأنّ تقديم صغار المسرّبين إلى المشنقة، هو الحلّ الأنجع لإنقاذ سمعة هذه الشّهادة، وليس من الضّروريّ أن يقدّم كبار المسؤولين استقالاتهم أو يعتذروا لأسر التلاميذ الذين سيدفعون الفاتورة عرقا يسيل وأعصابا تحترق وعطلة تؤجّل، بل ربّما يكون من الأنسب أن يشارك الشّعب كلّه في دفع الفاتورة عندما تقطع عنه خدمة الأنترنت لخمسة أيام كاملة!.. أكثر ما نخشاه الآن هو أن تتكرّر فضيحة التّسريب والغشّ بطرق أخرى، فتتفتّق قرائح المسؤولين عندنا بتحميل رمضان مسؤولية لجوء التلاميذ إلى الغشّ، ولذلك ربّما يكون قد أصبح لزاما على علمائنا وأئمّتنا أن يبرّئوا ساحة رمضان قبل الواقعة، ويوصوا التلاميذ بلزوم التحلي بأخلاق رمضان، بدل محاولة دبج فتاوى تبيح لهم الإفطار لخوض معركة الامتحان!.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!