-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رمضان وجنّة الدّنيا

سلطان بركاني
  • 1352
  • 0
رمضان وجنّة الدّنيا
ح. م

سبعُ ليال انقضت من رمضان، وأكثر من 150 ساعة من ساعاته، رحلت. لعلّ كثيرا منّا قد ازدادوا فيها قربا من الله، ولعلّهم أولئك الشّباب الذين غضّوا أسماعهم وأبصارهم عمّا حرّم الله؛ أولئك الشّباب العائدون إلى الله قابل التّوب وغافر الخطيئات، أولئك الشّباب الذين بكّروا للصّلوات، وصفّوا أقدامهم في الصّفوف الأولى يبتغون مغفرة الذّنوب ورفعة الدّرجات. أولئك الشّباب الذين عكفوا على المصاحف بعد الصّلوات يرتّلون الآيات. ولعلّهم أيضا أولئك المسارعون إلى الخيرات والمتنافسون في الصّدقات، أصحاب الأيادي البيضاء والنّفوس المرهفة والقلوب السخية، الذين ما أن أعلن الأئمّة عن انطلاق مشروع قفّة رمضان، حتى سارعوا إلى بذل الجزيل من العطاء.

هذه هي الحياة الحقيقية؛ حياة يجعلها العبد المؤمن مزرعة للآخرة، يعيش أيامها ولياليها وعينه على جنّة عرضها السّماوات والأرض، يغرس غراسها بقلبه ولسانه وجهده وماله.

يروي أحد الدّعاة قصّة موقف رآه في أيام رمضان، فيقول: في يوم من أيام رمضان، وقبل الغروب بلحظات، أحد الشّباب ممّن يريدون ما عند الله، نحسبه كذلك، شابّ ليس ككلّ الشّباب الذين يتمتّعون بالصحّة والعافية ويقضي الواحد منهم ساعات رمضان نائما، ولكنّه شابّ معاق، لا يملك إلا قدما واحدة، ومع ذلك فهو صاحب همّة عالية يخطب جنّة قطوفها دانية، أخذ كيسا مملوءًا بالتّمر، وراح يوزّع التّمرات على أصحاب السيارات المتوقّفة عند الإشارات الحمراء. موقف غريب، يبعث في النّفس الشّفقة لحال هذا الشابّ، ولكنّه يبعث في النّفس الأمل بأنّ الأمّة ستبقى حية ولن تموت بإذن الله، ما دام فيها أمثال هذا الشابّ، الذي أبى إلا أن يتاجر مع الله.

شابّ آخر يتحدّث عمّا وجده من لذّة وحلاوة في طاعة الله في أيام وليالي رمضان الغالية، فيقول: والله لقد ذقت حلاوةً ولذّة لم أشعر بها طوال حياتي كلّها، لقد استمتعت بمناجاة الله وبالخلوة معه. لقد كنت أسمع عن حلاوة الإيمان وعن لذّة الطّاعة، ولكنّي وجدتها وشعرت بها، وعرفت حقيقة قول الله: “مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون، إنّ الحياة الطيّبة هي في الأنس بالله، والشّوق إليه، ولقد عاهدت نفسي ألا أحيد عن الطّاعة أبدا“.

أخي المؤمن.. لا تزال أمامك 24 يوما من رمضان، فبادر، وابحث عن لذّة الصيام في المسارعة إلى طاعة الله، والإحسان إلى عباد الله، وستجد لرمضان حلاوة لا تضاهيها حلاوة أخرى، وستدرك أنّ رمضان الذي تفتّح فيه أبواب الجنان، يعود كلّ عام، ليذكّرنا بجنّة الدّنيا، التي ينبغي لكلّ عبد مؤمن أن يسعى لدخولها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • محمد

    جزاك الله خيرا
    اللهم وفقنا للطاعات وتقبل منا يارحمن يارحيم اللهم امين

    ساقوم باعادة نشر هاذا المقال اخي بعد اذنك

  • بدون اسم

    هذا المقال جعل عبراتي تسقط ، ليس خشوعا ربما لكن غيرة ممن رزقهم الله فعل الخيرات فأنا أستشعر تلك السعادة التي لا تضاهيها أي سعادة نابعة من حطام هذه الدنيا.

  • بدون اسم

    مقال في الموضوع. نرجوا أن يٌنبه و يُفيد. صح فطوركم

  • حمزة

    بارك الله فيك أخي على المواعظ الحسنة وجعلها الله في ميزان حسانتك