الجزائر
حالة استنفار قصوى وسط الحماية المدنية ومصالح الأمن لتأمين الاحتفالات

“ريفيون” 2019.. تونس للجزائريين.. الصحراء للأجانب و”المنزل” للأغلبية”

الشروق أونلاين
  • 7374
  • 19
ح.م

يودع الجزائريون اليوم، سنة 2018، كل بطريقته الخاصة، فمنهم من شد الرحال إلى الخارج طمعا في المتعة والفرجة والاحتفالات الصاخبة، ومنهم من فضل وجهات هادئة وخلوية على غرار الصحراء التي تبقى الوجهة الأولى للأجانب في الجزائر، في حين قرر الأغلبية الاستمتاع بـ”القعدات” العائلية الدافئة بعيدا عن أجواء السهر والصخب والمغامرة…

أجانب توافدوا عليها بالآلاف
الصحراء تحفظ وجه السياحة في الجزائر

في الوقت الذي اختار فيه أزيد من 3 ملايين سائح جزائري التوجه إلى تونس للاحتفال برأس السنة الميلادية، فضلت فئة أخرى التوجه للجنوب للتمتع بالطبيعة الخلابة مع أن عددهم قليل جدا مقارنة بالفئة الأولى، فهم من العائلات المتعودة على السفر في كل عام للصحراء، غير أن غلاء الأسعار تظل عقبة في طريق السياحة المحلية.
قدمت العديد من الوكالات السياحية عروضا مميزة لرحلات وبرامج استقبال رأس السنة الميلادية في الجنوب الكبير، غير أن الأسعار المرتفعة حالت دون تمتع عشاق الطبيعة الصحراوية بغروب الشمس وشروقها، فقد تراوح سعر رحلة 5 أيام لـ”تاغيت” بين 36 و45 ألف دينار جزائري، بينما قضاء رأس السنة الميلادية في مدينة “جانت” مع برنامج متنوع وثري 74 ألف دينار جزائري لمدة 7 أيام، واستطاعت ولاية وادي سوف تقديم عرض أقل تكلفة مقارنة بالولايات الأخرى فقضاء 4 أيام و3 ليال بسعر 15000 دج، أما “تيميمون” فأسعارها هذه السنة في حدود 22000 دينار.
ولأن الأسعار المحلية أغلى مقارنة بالجارة تونس التي خصصت برامج بأسعار تنافسية بداية من 25000 دج، ويحتوي على حفلات غنائية ووجبات خاصة وخدمات يجمع الكثيرون على أنها أفضل من المقدمة في الجزائر، الأمر الذي شجع الملايين على التوجه إليها بدلا من استقبال العام الجديد في أرض الوطن، بينما فضل آخرون حسب ما ذكرته الوكالات السياحية التوجه لمصر والمغرب وتركيا للاحتفال لكونها وجهات سياحية معروفة ومحبذة لدى غالبية المواطنين، في الوقت الذي دخلت فيه دبي على الخط هذه السنة أيضا لرغبة الكثيرين الاستفادة من مهرجان التسوق.
من جهته، أكد رئيس النقابة الوطنية للوكالات السياحية، إلياس سنوسي، تلقى الوكالات السياحية الكثير من الطلبات والحجوزات لتمضية احتفالات رأس السنة الميلادية في الجنوب، معترفا بأن السياحة الصحراوية لا تحتاج فنادق ضخمة، بل زوارها يبحثون عن الرمال والطبيعة، لذا لا يتوافر في أقصى الصحراء فنادق فقط في بوابة الصحراء بوادي سوف، تيميمون وغالبيتها فنادق بطابع عصري.
ويرى سنوسي في فتح مجال الاستثمار ببناء الفنادق أمام الخواص عاملا رئيسيا في زيادة عدد الفنادق في شمال، شرق، غرب الجزائر، وقد بلغ عدد المشاريع السياحية 1500 مشروع منهم 600 تم الانتهاء منهم والبقية في طور الإنجاز وهو ما سيفتح باب التنافس وستكثر العروض وهو ما سيؤدي حتما لانخفاض الأسعار.

تزامنا مع حملات الأئمة والفايسبوك
جزائريون يقاطعون احتفالات رأس السنة الميلادية

لاقت خطبة الجمعة الماضية والتي تحدث فيها بعض أئمة المساجد عن مقاطعة احتفالات رأس السنة الميلادية، والدعوات السنوية المتكررة التي غزت مواقع التواصل الاجتماعي، وتحذر من التشبه بالغرب صدى ورواجا كبيرين في أوساط العائلات والشباب الذين أعلنوا رفضهم الاحتفال برأس السنة الميلادية في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.
لم يشكل رحيل السنة الميلادية الجارية وحلول العام الجديد 2019 حدثا بالنسبة لغالبية المواطنين الذين شغلتهم ظروفهم المادية الصعبة، وأنهكتهم الأحداث وما حملته السنة الحالية لهم من مآسي وأوجاع جعلت من الاحتفال آخر اهتمامهم وانشغالهم، وكان بعض الأئمة ممن لم يتقيدوا بتعليمة وزارة الشؤون الدينية بالحديث عن الحراقة، بل خصصوا خطبة الجمعة الماضية لكونها آخر جمعة في سنة 2018 للحديث عن عدم جواز الاحتفال برأس السنة الميلادية، محذرين الشباب الذين يمارسون في هذه الليلة كل ما هو محظور ومحرم باسم الاحتفال كشرب الخمور، الرقص ، الاختلاط وما ينجر عن ذلك من منكرات وسيئات. وشدد الأئمة في خطبهم على عدم جواز لمسلم يؤمن بالله ربا وبالإسلام ديننا وبمحمد “صلى الله عليه وسلم” نبيا و رسولا أن يقيم احتفالات لأعياد لا أصل لها في الإسلام.. ولا يجوز أيضا حضورها ولا المشاركة فيها ولا الإعانة عليها بأي شيء كان. لأنها إثم ومجاوزة لحدود الله تعالى لقوله عز وجل: “ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
وحظيت حملات المقاطعة الفايسبوكية هذه السنة بإقبال كبير أين تفاعل معها العديد من الشباب، فكتبوا تعليقات تكشف رفضهم فكرة الاحتفال والحداد لم ينته بعد على ابن ولاية المسيلة عياش، الذي لفظ أنفاسه داخل بئر ارتوازية وكانت وفاته وفشل عملية إنقاذه قد شكلت صدمة كبيرة لدى غالبية المواطنين الذين علقوا آمالا كبيرة على خروجه حيا لكن القدر قال كلمته ليتوفى في ظلمة البئر وتزداد جراح وآلام الشعب ووجعهم ليعلنوا تمسكهم بالحداد على روحه.
ورأى العديد من المواطنين الذين راحوا يضعون منشورات يصفون فيها سنة 2018 بأنها كانت من أصعب السنوات عليهم، فقد كابدوا فيها الويلات بينما كشف آخرون عن جهلهم للتقويم الميلادي وبأن سنة جديدة ستحل إلا من خلال المنشورات المتداولة، خصوصا وأن مناظر الاحتفالات التي كانت تغزو الشوارع والأحياء في السابق في المدن وحتى الشعبية منها غابت هذه السنة، بسبب غلاء الأسعار فلا أثر للشكولاطة ولا للحلويات في الوقت الذي تمسك فيه جل المواطنين بالاحتفال برأس السنة الأمازيغية “يناير” لكونه واحدا من العادات والطقوس الراسخة في مجتمعنا ولا يمكن الاستغناء عنه.

جدل على مواقع التواصل الاجتماعي بعد تطبيقها بالبويرة
بداية تحصيل “الضريبة على الفرحة” عشية “الرفيون” يغضب الجزائريين

أقدم بعض الأميار ودون سابق إنذار في تطبيق الضريبة الجديدة على الأفراح، والتي أقرها قانون الجباية المحلية شهر مارس الماضي، أين تفاجأت بعض العائلات التي استأجرت قاعات الأفراح بتلقيها وثيقة جديدة تلزمها بدفع مستحقات العرس لدى مصالح البلدية والتي تراوح سعرها مابين 800 دج و2000 دج حسب توقيت الفرح، وما أثار استغراب العديد من المواطنين هو بداية تطبيق هذه الضريبة عشية الاحتفال برأس السنة التي تستغلها الكثير من العائلات في إقامة أعراسها..
أقدم رئيس بلدية أهل القصر ببشلول بولاية البويرة على تطبيق الضريبة الجديدة على الأفراح ما أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي الأمر الذي ترك حالة من التذمر والسخط، وموجة غضب بين”الزوالية”، ويأتي هذا في ظل التهاب الأسعار وارتفاع فاتورة الماء والكهرباء وخدمات النقل والعلاج الطبي والكثير من ضروريات الحياة الطبيعية.
الضريبة على الأعراس، والحفلات العائلية، جاء بها قانون الجباية المحلية، حيث تستفيد خزينة البلديات من هذه الضريبة وبعد مضي 3 أشهر تقريبا من هذا القرار، سعى بعض الأميار إلى تطبيقها، وبدون تعميم متناسق عبر الوطن، حيث تصل ضريبة الأعراس والمناسبات العائلية التي تعمها الموسيقى إلى 2000دج لليوم الواحد.
ومن خلال توسيع صلاحيات البلديات تم تكليفها بتحصيل ضرائب من المواطنين الجزائريين، علما أن بعض الضرائب التي ينص عليها قانون المالية، غير مفعلة، ويتم اللجوء إليها في ظل الأزمة الاقتصادية، وبذلك يثقل كاهل الجزائري ويحرم حتى من الفرح، إذ أن الضريبة على الأعراس والأفراح بالموسيقى كانت موجودة في الثمانيات.
وتنص المادة 111 من قانون الجباية المحلية الجديد، على أن كل جزائري يقيم عرسا عليه أن يدفع ما بين 500 و1000دج عن كل يوم لا تستعمل فيه الموسيقى بعد الرابعة زوالا، وصاحب العرس أو الفرح ملزم بدفع من 1000 إلى 2000دج إذا تجاوز الساعة السابعة مساء ويبقى يحتفل بالموسيقى. ويجب حسب المادة 113، أن يدفع الرسم لدى أمين خزينة البلدية مقابل وصل قبل بدء العرس أو الحفلة.
في الموضوع، قال المحامي لدى مجلس قضاء الجزائر، سليمان لعلالي، إن إجراءات سياسة التقشف في الجزائر، ونظرا للوضع الاقتصادي، تفعل بعض المواد الخاصة بالضرائب، ويصبح المواطن هو الضحية، مضيفا إن الترسانة القانونية موجودة ولكن لا يتم العمل بها رسميا، إلا إذا وقعت البلاد في أزمة مالية، وبدون أن يعلم بها الجزائريون مسبقا.
واعتبر هذا التصرف لا يزيد إلا ضغطا على المواطن الجزائري الذي أثقلت كاهله المصاريف، حيث يعتقد أنه بعد الاستحقاقات الانتخابية، ودخول قانون المالية 2019، حيز التنفيذ، ستطفو مواد كثيرة تتعلق بالضرائب المفروضة على الجزائريين على السطح.

بولنوار: ضربية الأعراس غير واضحة.. وستساهم في ركود تجاري

من جانبه، استغرب رئيس الجمعية الوطنية التجار، حاج الطاهر بولنوار، من فرض ضريبة على العائلات الجزائرية التي تقيم الأعراس، مع العلم حسبه، أن الضريبة مفروضة على أصحاب قاعات الحفلات وهي المعنية بذلك، حيث قال إن الضرائب التي يدفعها المواطن تساهم بشكل كبير في تخليه عن شراء الكثير من اللوازم وبالتالي تساهم بشكل كبير في الركود التجاري.
وعلق قائلا “إن المؤسسات المنتجة وذات الخدمات الهامة ستصبح مهددة بالإفلاس، لأن الجزائريين كلما تفرض عليهم ضريبة، يتنازلون عن الكثير من المصاريف”.

حماية المستهلك: الكثير من الضرائب لا يعلم بها المستهلك

ومن جهته، أعاب رئيس الجمعية الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك، مصطفى زبدي، عن الطريقة التي تعمل بها السلطات المحلية، مع الضرائب المفروضة على الجزائريين، والتي لا يعلم بها الكثير منهم إلا بعد تفعيلها من اجل ملء خزائن البلديات والولايات كحل بديل لمواجهة الأزمات الاقتصادية.
وقال “نتمنى أن لا يكون هذا المرسوم المتعلق بضرائب الأفراح والأعراس، خفي على البعض ويطبق على البعض الآخر”، موضحا أن المستهلك الجزائري يدفع ضرائب تدخل في فاتورة الكهرباء أو الماء ولا يستفيد من خدمات هذه الضرائب، والتي لا تزيد حسبه إلا تذمرا وسخطا وموجة الغضب عند الجزائريين في وقت يعانون فيه من غلاء المعيشة وتدهور الحياة الاجتماعية.

أطلقت نداء الحيطة والحذر وإرشادات للتقليل من الحوادث
الحماية المدنية تعلن حالة الاستنفار عشية “الريفيون”

وضعت المديرية العامة للحماية المدنية تدابير استباقية تزامنا والاحتفالات بالسنة الجديدة 2019، من خلال استحداث فرق متنقلة تعمل في الميدان، مهمتها مراقبة النقاط السوداء عبر مختلف شبكة الطرقات، المناطق السياحة والمساحات العمومية التي تشهد إقبالا وتجمعا كثيفا للمواطنين بحلول هذه المناسبة، أرفقتها بإرشادات وتحذيرات للتقليل من مختلف الحوادث التي تتضاعف في كذا حفلات.
وتشير آخر إجراءات المديرية العامة للحماية المدنية من خلال برنامج نشاطها الخاص بالمناسبة، وضع جهاز أمني هام للسير الحسن لهذه الاحتفالية، من خلال تدعيم عدد أعوان التدخل على مستوى الوحدات العملياتية وكذا مراكز الإسعاف عبر الطرقات بغرض تحسين التغطية الميدانية لمختلف المناطق بالإضافة إلى تقليص الوقت الزمني استجابة لمختلف نداءات الإغاثة بشكل سريع وبالتالي التكفل الجيد بالضحايا.
ودعت المديرية كافة المواطنين بالمناسبة لأخذ الحيطة والحذر من أجل تجنب مختلف الحوادث التي عادة ما تنجر عنها أضرار مادية وبشرية جسيمة، وكذا التقيد بالنصائح والإرشادات الأمنية بهدف الحد أو حتى التقليل من حدتها كضرورة مراقبة كل الأجهزة قبل الخروج من المنازل أو الخلود إلى النوم سواء منها الالكترونية أو أجهزة التدفئة كمسخنات الماء أو المدفئات، كما دعت الجهة ذاتها إلى ضرورة الانتباه وتهوية المنازل بوضع شق أو ترك منافذ تخرج منها السموم من اجل تجنب الاختناقات. أما بخصوص مستعملي الطريق فدعتهم إلى ضرورة تجنب السياقة تحت تأثير المشروبات الكحولية وحالة النعاس والإرهاق، خاصة بعد الانتهاء من فترة الاحتفالات، أين يكون معدل حوادث المرور جد مرتفع، ما يدعو إلى تجنب المناورات والتجاوزات الخطيرة فضلا عن الإفراط في السرعة وبالتالي ضرورة احترام قانون المرور ككل.
دعوة أخرى للأولياء من اجل حماية أبنائهم من مختلف الأخطار التي لها علاقة بمثل هذه الاحتفالات من خلال إرشادهم ومنحهم نصائح وقائية تجنبهم حوادث لا تحمد عقباها.

مقالات ذات صلة