زوجات يرضين بالذل والخيانة مقابل الحفاظ على تماسك الأسرة
تختلف طبيعة العلاقات الأسرية من بيت لآخر رغم تشابهها في الرابط، أو “البيوت أسرار” على حد قول المثل الشعبي الشهير، ولا أحد يعرف على أي أساس تبنى هذه العلاقات وكيف تستمر عشرتها سنين من الزمن، فمنها من يحميها الحب والأمان والاستقرار، ومنها من تتحكم فيها ظروف اجتماعية معينة توجب على أحد الطرفين أو كلاهما الاستمرار في علاقتهما الزوجية والتظاهر بالحياة الكريمة، وعادة ما يكون السبب الرئيسي وراء هذا النوع من العلاقات الأسرية، وجود الأبناء والخوف على مستقبلهم، والشائع في مجتمعنا أن تكون الأم هي الضحية والمُضحية في مثل هذه الحالات.
بناتي في مجتمع لا يرحم
بينما نحن نمتطي الحافلة باتجاه محطة تافورة، قابلتنا سيدة علمنا من حديثها أنها تبلغ من العمر 36 سنة أم لثلاث بنات، كانت طوال الطريق تشتكي وضعها الاجتماعي لمجموعة من النساء اللواتي شاطرنها بعض همومها المتعلقة بالإهمال الأسري من قبل الزوج، كما بلغن في حديثهن إلى خلاصة أن لا شيء في الحياة يحثّهن على مواصلة رباطهن الزوجي غير الأبناء، إذ تحدثت السيدة عن زوجها الذي يخونها منذ سنوات، ولا يؤدي واجباته معها ومع بناته “أخاف من أن يظلم المجتمع بناتي لذلك لا أريد تفكيك الأسرة وإبعادهن على الوالد رغم أنه لا يعي مسؤولياته تجاهنا فحتى الطعام لا يجلبه للبيت فهو يلقيه على عاتقي، يأكل خارجا ويتنزه مع بنات الشوارع، وأحيانا لا يقابل بناته إلا صدفة”. هذه السيدة ومن خلال حديثها، تبين لنا أنّ صبرها على عديد التصرفات المشينة لزوجها هو بمثابة ثمن تدفعه مقابل الحفاظ على تماسك الأسرة، إذ أردفت القول فيما بعد “الطلاق أرحم لي، لكنه يؤذي بناتي الصغيرات كثيرا، لأننا في مجتمع يحكم بالشكليات..”.
زوجي مازال يعني البيت فقط
المنطقي أن تنعت المرأة زوجها بالمأوى الروحي والعاطفي الذي يحتضن ضعفها، ولكن من غير الطبيعي أن تجد نساءً مدسوسات في عمق هذا المجتمع، لم يعد يعني لهن الزواج سوى مجرّد ورقة يجمعن بها شمل الأولاد ويضمن بها البقاء بين جدران بيت بارد من العاطفة الأسرية، هو حال مريم من باب الزوار، 43 سنة، نصف عمرها قضته في علاقة زوجية تعيش فيها كل الأدوار، تربي الأبناء وتتكفل بمصاريف عيشهم من وظيفتها المتواضعة كعون إدارة بشركة خاصة، بينما يهتم زوجها بمظهره وعلاقاته الغرامية مع شابات في عمر بناته، عندما سألنها لما لم تنفصل عنه كل هذه المدة قالت مريم “ليس لي ملجأ ألوذ إليه، غير بيت أهل الزوج، حتى أبنائي يرفضون الفكرة، نحن مجبرون على تحمّل الوضع كي لا نتشرد بالطرقات، خاصة وأنّ بناتي على وشك الزواج”. وأكدت لنا مريم أنها في حال وجدت مأوى آخر فستترك البيت.
يهينني لأني تزوجته
بعض ضعاف الشخصية من الرجال يعتبرون أن قبول المرأة لطلب الزواج منه لنقص لديها، تماما ما يحصل لدى زوج ميرة التي يعايرها بفقرها وبمستواها الاجتماعي رغم تدينه تقول “ينام على عبارات الإهانة الجارحة، ويستيقظ على أبشع منها لأني قبلت الزواج منه وهو الذي لم يتمكن حتى من توفير مهر محترم لزواجنا، وعانيت مع ظروفه الأمرين فقليلا جدا ما كنا أنا وأبنائي نأكل أو نلبس ما يليق بالبشر”. وعن سبب تحمّلها الإهانة والعذاب النفسي حدّثتنا ميرة “أين سأذهب بثمانية أطفال؟ عائلتي ترفض احتضان المطلقات، وفي قانونها الذل والإهانة صبر لازم على الزوجة الصالحة”. وضع ميرة هذا يوضح مدى تدهور العلاقات الاجتماعية والأسرية، وينم عن جهل الكثيرات بما يكفله لهن الدين الإسلامي والقانون الجزائري من حفظ لقيمة المرأة وكرامتها.