الرأي

سؤال العمل.. وحقيقة الفشل!!

محمد سليم قلالة
  • 1059
  • 11
ح.م

إلى حد اليوم ونحن نبحث في نقائص بعضنا البعض. إلى حد اليوم ونحن غير راضين لا عمن عاشوا في الماضي وماتوا، أو من يعيشون اليوم في الحاضر، وكثير مِنّا يسارع إلى الجزم أن مَن سيأتون في المستقبل سيكونون أسوأ…!!! ضمن منطق غريب متميز بجلد الذات إلى أبعد الحدود أو إلى نقد الآخرين بلا حدود …

لم نستطع إقناع أنفسنا بأن مشكلتنا ليست لا مع السياسة ولا مع البترول والغاز ولا مع الثروات الطبيعية، ولا مع القدرة على جلد الذات ونقد الآخرين والإبداع في ذلك، إنما هي بالأساس مع العمل، وبالتحديد مع رفضنا لاعتبار العمل هو جوهر الوجود… وأن هذه المعضلة هي التي جعلت من بعضنا يريد الثروة بلا جهد فيلجأ إلى الاختلاس، والشهادة بلا دراسة فيلجأ إلى الغش، والمكانة الاجتماعية بلا تضحية فيلجأ إلى المناورة والخداع…

وهكذا لم يعد السؤال الأساسي المطروح بالنسبة لنا: ما المطلوب عمله من هذا أو  ذاك وما الذي يستطيع القيام به وماذا سيفعل في المستقبل، إنما مَن يكون وكيف كان ولو قبل عقود من الزمن… وتبعا لذلك لم تعد المقارنة أبدا هي بين مَن يعمل ومَن لا يعمل، إنما بين ما كان عليه هذا أو ذاك في الماضي  وما يكونه اليوم وأحيانا نتجرأ بالتنبؤ بما سيكون عليه في المستقبل…عكس اتجاه معادلة البناء الحضاري التي كانت أساس رقي الشعوب وازدهارها… القائمة على قاعدة ذهبية عنوانها “اعملوا”!

قليلون هم مَن سألوا بالأمس غداة الإعلان عن الحكومة الجديدة، ما هي كفاءات هذا الوزير أو ذاك، وما يُمكنه أن يعمل أو لا يمكنه، بغض النظر عمَن يكون… وكثيرون هم مَن سارعوا للبحث في أرشيف كل منهم، لعلهم يتصيَّدون خطأ أو زلة لسان أو ماضيا مثيرا للجدل… وكأن اكتشاف مثل هذه المسائل هو الغاية المنشودة، وكأن المُهم هو الوقوع على عورة من العورات وليس البحث فيما يمكن أن يوجد من إمكانيات وقدرات..  ونادرا ما سأل هؤلاء، هل هم مِمن يعملون حقا وبنزاهة وفي أي ميدان من الميادين…

لذا فإنه علينا تجاوز هذه الحالة المَرَضية التي أصبحت تسكن غالبيتنا، وأن ننتقل من موقع السائل عمَّن يكون الناس، إلى موقع السائل مَن يكون هو، وما الذي يقوم به الآن، وما الذي  يستطيع عمله ولم يعمله بغض النظر عن السياسة والسياسيين والحكومة ووزرائها…!!

إننا بحق، في حاجة اليوم إلى أن نعمل قبل أن نسأل عن الآخرين إذا كانوا يعملون أو لا يعملون.

لو طرح كل مِنّا عن نفسه هذا السؤال، وشرع في العمل الإيجابي في أي ميدان كان لَما وجد  المسؤول في أي مرتبة كان مع مَن يختلس، ولا كيف يُزوّر، ولا لِمن يبيع سلعته المغشوشة إن كانت مادية أو سياسية أو معنوية…
ليطرح كل منا على نفسه سؤال العمل… وسيكتشف بحق مَن يكون وكيف سيكون ولن يلتفت إلا قليلا لغيره يبحث فيما كانوا عليه، لعلّه يجد تفسيرا خاطئا لحقيقة الفشل…

مقالات ذات صلة