-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سبحانك ربّنا ما أوسع رحمتك وأعظم عفوك!

سلطان بركاني
  • 690
  • 0
سبحانك ربّنا ما أوسع رحمتك وأعظم عفوك!

روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- أنّ رسول الله –صلّى الله عليه وسلّم- قال: “قال إبليس: يا ربّ وعزّتك لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله تعالى: وعزّتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني”.هي إذن معركة كان من الممكن أن تكون غير متكافئة، بين شيطان يَرى ولا يُرى، ويجري من ابن آدم مجرى الدّم، ويحتال عليه ويغريه، ويوسوس له ويغويه، وبين عبد ضعيف يحمل بين جنبيه نفسا تميل إلى الشّهوات وتؤثر العاجلة على الباقية.

معركة عسير خوضها والانتصار فيها، لولا أنّ الخالق الحنّان المنّان –سبحانه- وعد أن يكون خير معين لكلّ عبد من عباده استجار به من كيد الشّيطان، واستعاذ به من عدوّه في السرّ والإعلان، وكتب أن يعامل عباده برحمته وعفوه وفضله، ويغفر لهم خطاياهم وذنوبهم متى فرّوا منه إليه، واستغفروه وشكوا ضعفهم بين يديه، وفوق هذا وذاك، جعل لهم من أسباب العفو والمغفرة ما يستغرق أوقاتهم وأعمارهم، فما من وقت وما من حال يكون فيهما العبد المؤمن إلا ويجد من الأسباب التي تُغفر بها ذنوبه وتقال بها عثراته ما يكون سهلا ميسورا، لا يأخذ منه وقتا كثيرا يشغله عن مصالح دنياه، ولا جهدا كبيرا يستغرق قوته وطاقته.

مِن حين يستيقظ العبد المؤمن من نومه، إلى حين يأوي إلى فراشه ويخلد إلى النّوم، وفرص المغفرة تتلألأ أمامه، وتدعوه إلى عفو خالقه ورحمته.. مهما بلغت أخطاؤه ومهما كانت ذنوبه، ففي إمكانه محوها بأعمال وأقوال وأحوال لا يعجز عنها عبد من عباد الله ولو كان ضريرا مقعدا أو فقيرا معدما. ومن ذلك أنّ العبد المؤمن إذا أكل طعاما أو لبس ثوبا، فحمد الله، غُفر له ما تقدّم من ذنبه، يقول الحبيب المجتبى -صلّى الله عليه وسلّم-: من أكل طعاما فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من  غير حول مني ولا قوة، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه، ومن لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا ورزقنيه من غير حول منّي ولا قوة، غفر الله له ما تقدّم من ذنبه” (رواه أحمد)، وإذا سبّح الله 100 مرّة، غفرت خطاياه، مصداقا لقول الحبيب -عليه الصّلاة والسّلام-: “من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرّة، حُطّت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر” (رواه البخاري)، وإذا ذكر اللهَ في آخر اليوم إذا أوى إلى فراشه، غُفرت خطاياه، لقول النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: “من قال حين يأوي إلى فراشه: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، غفر الله ذنوبه وإن كان مثل زبد البحر” (صحيح ابن حبان)، وهكذا يخزي العبد المؤمن الشّيطان ويرضي الرّحمن، ويختم يومه وليس عليه خطيئة، متى ما سلم من حقوق النّاس.

هذه أربع فرص لا يعجز عنها عبد مؤمن مهما لم يكن متعلّما، ومهما كان مريضا مقعدا، من بين مئات الفرص الأخرى، التي امتنّ الله بها على عباده المؤمنين، وزادهم من فضله حينما قضى أن يضاعف الحسنات أضعافا كثيرة ولا يضاعف السيّئات، وكتب أنّ الحسنات يذهبن السيّئات، لكنّ السيّئات لا يذهبن الحسنات إلا أن يكفر العبد أو يشرك، يقول المصطفى -عليه الصّلاة والسّلام-: “إنّ الله كتب الحسنات والسيئات، ثمّ بيّن ذلك، فمن همَّ بحسنةٍ فلم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملةً، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسناتٍ إلى سبعمائة ضِعفٍ، إلى أضعافٍ كثيرةٍ، وإن همَّ بسيّئةٍ فلم يعملها كتبها الله عنده حسنةً كاملةً، وإن همَّ بها فعملها كتبها الله سيئةً واحدة” (رواه البخاري ومسلم).

فهل يليق مع كلّ هذا الفضل العميم أن يذهل العبد عن هذه الفرص كلّها، ليأتي يوم القيامة بسجلات من السيّئات، ويقف أمام الميزان ترتعد فرائصه لينظر ما يكون في أمره؟ هل يليق للعبد المؤمن أن يُعرِض عن عفو ربّه ويصرّ على التعرّض لعقوبته، ويقضي عقودا من عمره لا يلتفت إلى ميزان سيّئاته ولا يعبأ بما أثقل ظهره من أوزار وذنوب، مع أنّه عُمّر ومُنح من الفرص ما كان كافيا ليعود إلى ربّه خفيف الحمل من الآثام والسيّئات؟

رمضان فرصة يتذكّر فيها العبد المؤمن سعة رحمة الله بعباده وتودّدَه سبحانه إليهم ليغفر ذنوبهم ويستر عيوبهم ويُقيل عثراتهم ويستر عوراتهم، وهو يقرأ قول الحبيب المصطفى -صلّى الله عليه وسلّم-: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدّم من ذنبه”، وقوله عليه السّلام: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا، غفر له ما تقدّم من ذنبه” (رواهما البخاري ومسلم).

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!