الرأي

ستبقى المدرسة منكوبة…

رشيد ولد بوسيافة
  • 3536
  • 13

الاتفاق الأخير الذي حصل بين وزارة التربية والمجلس الوطني لأستاذة التعليم الثانوي، والذي أنهى أطول إضراب في القطاع منذ سنوات، قد يكون حلا مؤقتا للأزمة الطارئة في قطاع مريض سنوات، لكنه لا يساوي شيئا أمام الأزمة العميقة التي تعيشها المدرسة.

لذلك فإن الخطاب الخشبي الذي صدعت به وزارة التربية الوطنية رؤوسنا وهي تحاول التأكيد بأن ما حدث هو انتصار للمدرسة التي تجاوزت مشاكلها بالحوار مع أحد شركائها الاجتماعيين، لا يعدو أن يكون محاولة للقفز على حقيقة أن المدرسة منكوبة وأن الملايير التي صبت في ميزانيتها لم تغير شيئا من وضعها لدرجة تصنف فيه التقارير الدولية المدرسة الجزائرية في المرتبة الـ100.

وللإنصاف نقول أن معضلة المدرسة ليس سببها الوزير الحالي فقط، ولا الذي سبقه، ولكن سببها المسؤولون الكبار في الدولة الذين لم يستثمروا في العقول، وجعلوا المدرسة آخر الاهتمامات، وكان المؤشر هو وضع المعلم والأستاذ الذي وضع في مرتبة دنيا في السلم الوظيفي، لدرجة أصبح أي عامل بسيط في شركة بترولية يتقاضى أضعاف ما يتقاضاه الأستاذ، فاختلت الموازين، واهتز سلم القيم في المجتمع، وأصبح المعلم مادة للتندر حتى بين تلاميذه.

يحدث هذا في الجزائر، في وقت استثمرت شعوب أخرى في المدرسة فخرّجت أجيالا مثقفة استطاعت أن تنتج قوتها دون الاعتماد على الريع كما نفعل في الجزائر، وتونس ليست بعيدة عنا، حيث يعد النظام التربوي فيها من أكثر الأنظمة تطورا، بل إن الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة كان يرى أن المدرسة أهم من أي مؤسسة أخرى لدرجة فضل صرف ما تملكه تونس من أموال غداة الاستقلال على تعليم التونسيين بدل شراء الدبابات والطائرات.

ومما ينقل عنه أنه رد يوما على القذافي عندما حذره من الثورة ضده فأجاب “أن يثور عليك شعب مثقف خير من أن يثور عليك شعب جاهل”، وصدق هذا التوقع بعد عقود عندما ثار التونسيون ضد نظام الحكم بالمسيرات السلمية والشعارات الراقية على شاكلة “إذا الشعب يوما أراد الحياة..”، بينما ثار بعض الليبيين ضد القذافي بالسلاح والفوضى والاستعانة بالقاعدة والناتو.

مقالات ذات صلة