الرأي

سعادة السفير.. وتعاسة الجزائريين!

قادة بن عمار
  • 1738
  • 8

لا نعرف حتى الآن، على من يضحك البعض، على أنفسهم أم على الآخرين، حين يستندون إلى شهادة هنا أو صورة هناك يضعها مسؤولٌ غربي على صفحته الشخصية على الفايسبوك ويشكر فيها موقفا عابرا أو مشروعا محليا أو مسؤولا وطنيا فيتم التعامل مع الأمر على أنه حقيقة مطلقة وشهادة لا غبار عليها؟!
هذا الأمر، حدث قبل يومين حين نشر السفير الفرنسي بالجزائر صورته وهو يتنقل عبر قطار وهران المسمى زورا وبهتانا بـ”القطار السريع”، مبديا سعادته للتطور الذي بلغته الجزائر في قطاع النقل وفرحته لطريقة استقباله من طرف أعوان القطار وعماله، رغم أن أبسط العارفين بالوضع، سيدرك أن تنقل مسؤول غربي بالجزائر وسفير فرنسا على وجه التحديد لن يتم بطريقة عادية، وإن تنقل من بيته إلى بيت جيرانه، فما بالك من مدينة إلى أخرى وعبر وسيلة نقل عمومية، فالأكيد أنه ستُسخَّر له كل الإمكانات وتوفر له جميع وسائل الراحة من أجل ضمان سعادته ولتقديم خدمة رفيعة تليق بالسفير أولا، ثم بالمؤسسة وبالجزائر تباعا!
هذه الشهادة الفرنسية تأتي في الأسبوع ذاته الذي نشرت فيه كثيرٌ من الصحف، وبينها “الشروق اليومي”، تقارير عن وضعية مؤسفة وكارثية يعيشها الكثير من مستعملي القطار السريع وتحديدا بين وهران والعاصمة، نتيجة عدم احترام الأماكن، وتحويل الدرجة الأولى إلى عاشرة من حيث نوعية الخدمات، وسوء المعاملة من طرف بعض الأعوان، ناهيك عن الفشل في التحكم بالمشاجرات المتكررة بين المسافرين، وغياب المكيِّفات الهوائية إلى درجة الاختناق، وعدم عثور الكثير من المسافرين على أماكنهم رغم دفع ثمن التذكرة، ووو… ثم يأتي البعض ليفاخر بالقطار، وبمستوى الخدمات، لا لشيء إلا لأن سعادة السفير الفرنسي تم استقباله بطريقة فخمة أو خُصّصت له عربة كاملة ربما!
وإذا كان هذا حال القطار “السريع”، فبقية الخطوط تعاني الويلات، على غرار قطار بشار الذي يربط هذه المدينة بوهران أو بالعاصمة، حيث يمثل بشهادة الكثير من المواطنين.. قطعة عذاب متنقلة!
سمعنا مرارا وتكرار، مدير المؤسسة الوطنية للنقل بالسكك الحديدية وهو يتحدث بلغة الأرقام عن تطوّر المؤسسة، وعن أهمية الرفع من مستوى الخدمات فيها، حيث لا ننكر أنه قد تحقق ذلك فعلا بالنسبة لبعض الخطوط، كما توفرت العديد من المكاسب التي كانت منعدمة في السابق، لكن هنالك دوما حلقة مفرغة تجعل من نقمة الجزائريين على الأوضاع السيئة والمتردية أمرا مستمرا، فلا أحد يفهم حتى الآن لماذا لم تتبدل عقلية التسيير ولا طريقة التعامل مع المسافرين؟ ولماذا لم نجد حلاّ للتأخرات المتكررة وعدم احترام الوقت؟ هذا من دون الحديث عن وضعية السكك الحديدية التي تسير عليها القطارات والتي قد تتسبَّب في كارثة أو مصيبة في يوم من الأيام لا قدر الله.
الأمر الآخر، لا تكفي شهادة سفير هنا أو مسؤول غربي هناك للقول إن الأمور بخير، فالمهم والأصل هو شهادة المواطن الذي يجب أن يعثر على راحته حين يستعمل القطار أو غيره من المرافق العمومية، وليس السفير الذي يأتي صدفة وأحيانا في زيارات مرتبة سلفا من أجل ترديد مقولة “كل شيء على ما يرام”.

مقالات ذات صلة