-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سلاحٌ من حرفين

سلاحٌ من حرفين

يقول الشاعر أحمد شوقي: “إن الحياة عقيدة وجهاد”.. وما أعرف شعبا جسَّد هذا الشعار غير الشعب الجزائري المجاهد.

لقد تعرّض شعبُنا لحروبٍ صليبية من طرف الدول الأوروبية التي لا تعرف رحمة ولا رأفة في صراعها مع المسلمين، خاصة معنا نحن الجزائريين، وكانت آخر هذه الحروب هي هذه الحرب الصليبية التي شنَّتها فرنسا المجرمة علينا من سنة 1830 إلى عام 1962.

لقد شهد أعداؤنا الفرنسيون أننا لم نتوقف عن قتالهم طيلة هذه المدة، فقد ذكرت “الموسوعة الإمبراطورية” الصادرة في نهاية الأربعينيات من القرن العشرين “أن الجزائر كلفت فرنسا ثلاثة أرباع القرن من المجهود الحربي”.

وكما تفنّنت فرنسا المجرمة في أنواع الإجرام ضد شعبنا المجاهد، تفنّن هذا الشعبُ في أنواع الجهاد، وتفنّن في أساليب هذا الجهاد الشريف المجيد ضد ذلك العدو اللعين.

لقد رصد الأستاذُ مصطفى ابن دهينة من مدينة بشار أحد هذه الأساليب الجهادية، وأحد هذه الأسلحة التي استعملها جزءٌ من شعبنا المجاهد، وهن حرائرُه من بنات فاطمة نسومر التي مرّغت أنوف ستة من الجنرالات الفرنسيين المجرمين وجنودهم المتوحشين، هو هذا السلاح “الفعّال” الذي يتكون من حرفين كما قال وبيّن الأستاذ مصطفى ابن دهينة، الذي تفضَّل وبعث لي نسخة من هذا الكتاب القيّم، فشكرا جزيلا له، وأدعو اللهَ -العليّ القدير- أن ييسّر لي لقاءً مع هذا الأستاذ، الذي وإن لم ألتقِه حتى الآن، فإنني معجبٌ بما يقدِّمه لمؤسسة التلفزة الوطنية من إنتاج متميِّز، يزيده تميزا صوتُه الهادئ الذي يتسرَّب إلى القلوب فيرويها بعد ما يمرُّ على الآذان فيُطربها.. وقد تفضَّل وأخبرني هاتفيا أنه أصدر بعض الأشرطة الوثائقية، ولكنها لم تُبثّ حتى الآن، ومنها شريطٌ عن العالم المجاهد عبد القادر الياجوري. فندعو الإخوة في مؤسسة التلفزة “الوطنية” إلى بثِّ هذه الأشرطة النافعة المفيدة.

إن هذا “السلاح” المتكوِّن من حرفين الذي لا تستعمله إلا حرائرنا هو “الزغرودة” التي يعبِّر عنها الفرنسيون المجرمون بـ”يو يو”، التي أعجب بها الشاعرُ الملحمي اليوناني هوميروس الذي “استشعر أنغام الزغرودة وكأنّها نايُ حكيمٍ رافقه وهو يروي تفاصيل الإلياذة الخالدة”. (ص 11). قد لا يفهم الجيلُ الجديد من أبنائنا ما كان يُحدثه هذا السلاحُ من تأثير مزدوج إيجابي وسلبي؛ إيجابي بالنسبة للجزائريين، وسلبي بالنسبة للفرنسيين المجرمين.. فكانت تلك الزغرودةُ “كأنما هي سيمفونية ألَّفها الشعبُ ولحَّنتها العبقرية الجزائرية، وأدّتها آلافُ بل ملايينُ الحناجر من جميلات وفواطم ومسعودات الجزائر”. ( ص 79). “فتحيّةُ عرفان وتقدير وانحناءة اعتراف بالجميل لكل زغرودة آزرت الجزائر وشدَت لانتصارات الجزائر في كل أصقاع العالم الإسلامي وعبر كل ربوع العالم العربي من المحيط إلى الخليج”. ( ص 86). وتحية عرفان وتقدير للأستاذ القدير مصطفى ابن دهينة على هذا العمل المتميز، ونطمع أن يزيد، رغم ما قد يجده من عراقيل ممن سمّاهم الرحالةُ الألماني هاينريش فون مالتسن “مخلوقات الفرنسيين”. ورحمة من الله على شهدائنا الأبرار. وهنيئا لشعبنا الذي أنهى بجهاده ما سمّاه الجنرالُ المجرم راؤول سالان “إمبراطورية فرنسا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!