الرأي

“سمكة أفريل” كما رصدها قمر محمد 6

حبيب راشدين
  • 3825
  • 4
ح.م

المتتبِّع للإعلام المغربي ونشاط حكومة ومخزن صاحب الجلالة في الأيام العشر الأخيرة، يفترض منه أن يتوقع في أيِّ لحظة رصد تدفق أرتال من قوات الجيش الملكي خلف مسيرة خضراء جديدة تريد تحرير ما وراء “الجدار العازل” الذي تكون جبهة البوليساريو قد احتلته في سرية تامة، وأقامت عليه منشآت مدنية وعسكرية، تقول السلطات المغربية إن القمر الصناعي محمد 6 قد رصدها ووثقها بصور نقلها وزير الخارجية المغربي للأمين العام للأمم المتحدة، كأول إنجاز خارق لقمر صناعي كلف غلابة المغرب 500 مليون يورو.
عشرة أيام سبقت جلسة 4 أفريل التي خصصها مجلس الأمن (من بين أربع جلسات مبرمجة) لبحث ملف الصحراء الغربية المحتلة، أنفقها الرأي العام المغربي في أجواء مُرعبة، هي أقرب إلى أجواء الاستعداد لحربٍ مفتوحة بين المغرب والبوليساريو وبحث تبعاتها المفتوحة على مواجهة عسكرية مع الجزائر، وقد حُق للأشقاء في المغرب تصديق نُذر الحرب الوشيكة، حين يرون رئيس الحكومة يترأس اجتماعا موسعا لغرفتي البرلمان تُخصص لتوثيق غضب واستنفار الطبقة السياسية حيال ما وصف بـ”استفزازات البوليساريو” ورحلات مكوكية لوزير الخارجية بوريطة لتحسيس قادة الدول العظمى بخطورة “استفزازات البوليساريو” وخروج “المتعودة” من الخبراء المغاربة وأساتذة الجامعات، وهم يتدبرون بالتفصيل الممل مآلات الحرب الوشيكة.
ومع أن الناطق باسم الأمم المتحدة قد نفى تسجيل مراقبي المينيرسو لأي حضور مدني أو عسكري للبوليساريو في الشريط العازل وفق اتفاقية وقف إطلاق النار لسنة 1991 فإن مؤسسات المخزن السياسية والإعلامية لم توقف حملتها المسعورة على الجزائر “المتهم الأول والأخير” في العرف المغربي حيال كل ما له صلة بالنزاع القائم في الصحراء الغربية، مع اتهام الجزائر بـ”الكَلب” الذي ظهرت في الحقيقة أعراضه جلية في الخطاب السياسي والإعلامي المتداول في المغرب، المحرِّض على الحرب وعلى الإسراع في دك معاقل الجبهة، ولم لا استكمال تحرير “أراضي المغرب” ما بعدـ بعد بشار وتندوف!
مبدئيا، ليس ثمة أي اعتراض على ما قد يصدر عن الحكومة أو المخزن المغربي من خطاب موجه لتحشيد الرأي العام المغربي لصالح الموقف الرسمي، وقد تعوّدنا في الجزائر على السلوك الصبياني للقيادات المغربية الذي يحاكي في هذا الملف سلوك النعامة، ويحاول باستمرار ترحيل النزاع من إطاره الذي حددته الشرعية الدولية، كنزاع محكوم منذ النشأة بلوائح الأمم المتحدة المتعلقة بتصفية الاستعمار، إلى نزاع دائم مع الجارة الشرقية، التي ليس لها فيه من دور يُذكر سوى ما هو مطلوب في العادة من جار قد يساعد الأشقاء المغاربة والصحراويين في ترقية سبل الحوار والتسوية السلمية.
غير أن تساهل الحكومة المغربية في التعاطي مع رأيها العام، وما قد يصل منه إلى الرأي العام الجزائري من تهديدٍ ووعيد بإطلاق عفاريت الحرب المدمِّرة للإقليم، هو أقرب إلى السفه والطيش منه للحكمة وتحكيم المنطق، حتى وإن كان العالمون بواقع الحال يستبعدون فرصة وقوع السلطات المغربية في المحظور بإسقاط اتفاقية وقف إطلاق النار التي لا يمتلك له المغرب لا الحيلة ولا الوسيلة، حتى بحضور دعم الحليف الفرنسي الذي يشيد به المغاربة على مدار الساعة، وأغلب الظن أن الغضبة المغربية هي محض شقشقة بعير هُدرت لتردَّ بعد حين.

مقالات ذات صلة