منوعات
التاريخ: البارحة واليوم وغدا...

“سنة أولى رحيل سنة أولى ريادة”… شمس “الشروق” لن تغيب!

قادة بن عمار
  • 2318
  • 3
ح.م

يتذكر الجميع، كلّ من عرف الأستاذ علي فضيل عن قرب، حديثه الدائم والمستمر عن وجود وصفة سرية لنجاح الشروق، وصفة لا يعرف تفاصيلها أحد سواه، مكوناتها غامضة لا يدركها منافس ولا تخطر على بال صديق…كنّا نستقبل مثل هذا الكلام بكثير من الابتسامة والمرح، وبسؤال تشوبه الجدّية، وتردد في المعرفة مع علامات تعجب لا تتوقف… فالرجل لم يكن يتكلم من فراغ، بل يعلم جيدا ما يقول وكيف يقول ذلك!
كنا نسأل، كيف لهذا المجمّع الذي بدأ حلما صغيرا أن يكبر ويكبر ويستمر، رغم كل الهزّات والحروب والأزمات والمواجع… رغم كل الخيبات والانكسارات التي لم تكن لتوجد أصلا أو نشعر بها إلا لأننا تعودنا في الشروق، على طعم النجاح ومذاق المكاسب وشكل الانتصارات!
كنّا نسأل، ما لهذا الرجل لا يملّ من النجاح، ولا يكلّ من إحداث التغيير والتجديد الدائمين؟ كيف له أن يصنع بمفرده هذا الفارق مع غيره؟ ثم ما هي هذه الوصفة السحرية والسرية التي يقول إنه يمتلكها فتجعله ملِكا متوّجا على عرشه، مرتاحا غير مهتم بالمتنافسين ولا بالمتآمرين ؟!
بعد سنة عن الرحيل، اكتشفت(كغيري) أن الوصفة سهلة جدا… وصفة ليست معقدة، بسيطة لكنها ليست في متناول الجميع، أساسها أن تعمل بجدّية، وأن تحترم عقول الناس، شعارها لا تفكر في الفشل قدر تفكيرك في النجاح، ومضمونها أن تتذكر دوما أنك هنا بمشيئة الله… وأنّك مستمر على بركة الله!

عام بعد الرحيل… الريادة اسمها الشروق!

لا يمكن الحديث عن السنة أولى “رحيل”، دون رصد ما عاشته الشروق بكل فروعها من تجارب، وما واكبته من أحداث ووقائع وحالات، صحيح أن تجربة الفراق المفاجئ لم تكن سهلة ولا يسيرة، فظن البعض وقتها، أن الرحيل المدّوي سيؤدي إلى فقدان الشروق لبريقها، ولريادتها، فيما شطح البعض الآخر بخيالهم المريض بعيدا متمنين الاستيقاظ يوما، دون العثور على الشروق اليومي في الأكشاك، أو أن يشعلوا التلفزيون فلا يجدون (الشروق تي في) أو (الشروق نيوز) إلا شاشة سوداء، لكن خابت أمانيهم!
قبل سنة ظنّ البعض أن ترديد فريق الشروق لكلمات (على العهد باقون) مجرد شعار سرعان ما سيسقط في الماء، وبأن كل شيء سينتهي بمجرد توديع المعزّين، وكفكفة الدموع، واسدال الستار على تأبينية غير مسبوقة، لكن الأفعال فضحت خيبة البعض، وكشفت نفاق آخرين!
استمرت الشروق اليومي في الحضور رغم أزمة كورونا التي جعلت الصحف تغيب عن الأكشاك وفرضت طقسا خاصا على الجميع، الجريدة لم تتوقف والطبع استمر كما تم تجاوز عدة أزمات مالية معقدة، حيث أثبتت الأيام أن المعلومة كانت ومازالت تعد في الشروق اليومي وموقعها الالكتروني مرجعا في المصداقية، وعلامة فارقة في نشر قيم الاختلاف واحترام المهنية وتقديس الاحترافية.
هذه هي الشروق اليومي، الجريدة التي راهن عليها علي فضيل يوما لتكون صوتا للمظلومين ومنبرا للمهمشين، وامتدادا للتيار الوطني المستقل وحاضنة لكل الأصوات الحرة والأقلام الشريفة والنزيهة.
رصدت الشروق اليومي عبر صفحات الجريدة يوميا وعبر “الشروق أون لاين” في كل لحظة وحين، جميع الأحداث وتابعت كل الفاعلين، من محاكمات فساد أسقطت الرؤوس الكبيرة التي أينعت، إلى استكمال المسار الدستوري عبر انتخابات وإصلاحات سياسية واقتصادية، ثم ما عاشته البلاد من أحداث وهزات ومخاوف صحية بسبب وباء كورونا الذي ضرب العالم “وما يزال” ينتقل من موجة أولى مخيفة إلى ثانية أشد رعبا، كما خيبت “الشروق” آمال من كانوا يعتقدون أن الجريدة ستكون الضحية الأولى لرحيل علي فضيل، وبأنها ستختفي من الأكشاك أو تخذل قراءها الأوفياء يوما، لكن تلك الخطط كلها سقطت ولم يعد لها من وجود سوى في مخيّلة أولئك المرضى بنجاح الشروق والمهووسين باستمراريتها وريادتها.
ومثل الجريدة، استمرت قناة “الشروق تي في” ومعها “الشروق نيوز” في صناعة المشهد السمعي البصري على مدار سنة كاملة، فلم تنتظرا طويلا بعد رحيل الأستاذ علي فضيل من أجل لملمة الجراح، وتجاوز الأحزان والتمسك بالاستمرارية، لا بل إن “الشروق نيوز” وبعد الرحيل مباشرة، قررت أن تمارس مهنيتها بشكل كامل، فلم تنقطع عن تقديم المعلومة حتى في عزّ المحنة الشخصية ووجع الفقدان، ولأنها تحترم المشاهدين وتقدس خدمتها العمومية للجمهور، كان لزاما أن يتحول الحزن إلى اجتهاد وينقلب الوجع إلى عمل دؤوب وهو ما تم فعلا مع طاقمي “الشروق تي في”، و”نيوز”، حيث استمرت القناتان في صناعة صورة رائدة، تمت ترجمتها عبر برامج تحترم العائلة الجزائرية، ولا تتراجع عن مبدأ المهنية والاحترافية والمصداقية… برامج راقية، وأخبار حصرية، وترفيه هادف، ناهيك عن حصص اجتماعية وخيرية ورياضية ومتابعة مستمرة لوباء كورونا، واهتمام بما يشهده العالم، ومن قبله الجزائر، في مسارها المتحرك، هكذا كانت الشروق بقناتيها وهكذا تم التعهد من الجميع على أن تستمر وتبقى.
واليوم مع استمرار المجمّع بعمله وعماله، وتحت إدارة العائلة من الإخوة والأبناء الذين حفروا إسم وذكرى علي فضيل في قلوبهم قبل “وثائقهم وهوياتهم”، ندرك تماما أنهم ورثوا عن الرجل تلك الوصفة السحرية، ورثوا حلما لا يجب التخلي عنه ومشروعا لا يمكن التفريط فيه، ورثوا “شروقا” لابد أن تبقى أبدا، وأن تضيء شمسها أكثر وأكثر.

مقالات ذات صلة