الرأي

سياسة الحظ الأخير.. تفرض مرشحها

محمد سليم قلالة
  • 2253
  • 7

التحفّظ الغربي بخصوص التدخل في الشأن الداخلي الجزائري، ينم عن مسألة في غاية الأهمية علينا إدراكها والبناء عليها..

يوحي هذا التحفّظ أنه ينبغي عدم المغامرة بمستقبل العلاقة مع الجزائر بغض النظر عن من سيكون على رأس الدولة بها، ذلك أن الأوروبيين والأمريكيين يدركون جيدا أن “الحجر” الذي مازال يَحكم استقرار الشمال الإفريقي برمّته هو الجزائر، لو تزحزح قليلا يُمنة أو يسرة يمكن لكل المنطقة أن تنهار، ولن يعرف لها مصير لعقود من الزمن، وسيؤثر ذلك على الاستقرار في الضفّة الأخرى من المتوسط إن لم يتسبب في فوضى تمتد إلى العمق الأوروبي والغربي والإفريقي. لذلك ينبغي التعامل بحذر مع الوضع في هذا البلد. ويبدو أنهم أصابوا في ذلك، فبالنظر إلى ما يحدث في كل جنوب المتوسط من سورية إلى فلسطين إلى مصر وتونس فالصحراء الغربية، وبالنظر إلى ما يحدث في دول الساحل من مالي والنيجر وإفريقيا الوسطى… كل المنطقة تتحرك اليوم بوقع يكاد يكون متشابها، عدا الجزائر التي تكاد تتميز بخصوصية في التحول ناتجة عن كونها أصبحت بحكم عدة عوامل تتحكم فيما يمكن أن نسميه بسياسة “الحظ الأخير” الذي يترقبه الجميع. إما أن تُلعب ورقتها ليتم ترتيب كل المنطقة بطريقة هادئة، مناسبة للتحولات الجديدة في العالم، أو تُلعب بطريقة أخرى لينهار كل شيء وتنفلت الأمور من الكل.

يبدو أن الأمر اليوم هو بهذه الصورة، لذلك علينا إدراكه جيدا، والتعامل معه وفق ما تتطلبه خصائص سياسة “الحظ الأخير” هذه.

وهنا تصبح مسألة السياسة في بلادنا أكبر من الأشخاص والأحزاب، وتتطلب مواقف أكثر عمقا من تلك التي تنطلق من تقييم الخصوصيات المحلية، وتجارب الأفراد. ويفرض علينا هذا الوضع الخاص أن نتجاوز تلك الطروحات التقليدية التي مازالت بعض الأحزاب تتمسك بها كأدوات للتعبئة والتجنيد، إلى طروحات مركبة بطريقة أخرى قد تصل إلى التقاء ما لم نكن نتوقع التقاءه، وتأييد من لم نكن نتوقع تأييده، ونجاح من كنا لا نرى له حظا في النجاح.

إن دور ومكانة بلادنا في الظرف الحالي سيحتم عليها خيارات قد تبدو للوهلة الأولى غير منطقية، ولكننا سنعرف في آخر المطاف بأنه لن يُخرجنا سواها من الحيرة التي نحن فيها، وسيتبين لنا بعد حين أن الغموض الذي حيّر الدبلوماسية الغربية ليس سوى تعبيرا عن حالة حقيقية عشناها، وكان لزاما علينا أن نمر بها وأن نجد المخرج المناسب منها..

 

ولذلك فإنني لن أستغرب أبدا ما إذا كان البديل المطروح ليس أن يترشح رئيس الجمهورية إلى عهدة رابعة، إنما أن يؤيد ترشيح من لا يتصور الناس اليوم أنه سيؤيده بحكم منطق سياسة “الحظ الأخير” هذه.  

مقالات ذات صلة