-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المشروع يحظى بمرافقة من المتعامل "أريدُ"

سيدات ينشئن مزرعة نموذجية بصحراء خنشلة

طارق مامن
  • 1549
  • 0
سيدات ينشئن مزرعة نموذجية بصحراء خنشلة
ح.م

عندما قرّرت “الشروق” زيارة المزرعة النموذجية بقرية تيمدقيت ببلدية خيران جنوب الولاية على الحدود مع بسكرة، كان في مخيلتنا تلك الصور القديمة عن تكفل الأوراسيات بشؤون البيت، والعمل أيضا، في غياب الزوج في جبال الأوراس من أجل اقتلاع الحرية.
هكذا رفعت نساء منطقة تيمدقيت، ببلدية خيران، التحدي وعملن تحت لواء الجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية، لتجسيد برنامج أو مشروع استثماري بسيط في ظاهره، بطابعه الفلاحي، ولكنه يؤسّس لمشاريع مستقبلية قد تكبر مع الوقت، تماشيا مع الاعتبارات الجغرافية والاجتماعية للمنطقة.
تقول الحاجة زوينة أول من التقيناها بالمنطقة: “الفكرة بدأت بتربية عنزة ودجاجة لتتحول إلى مزرعة نموذجية نسائية تعد الأولى من نوعها”، وقد زاد في نجاحها، مساهمة مؤسسات اقتصادية وطنية، في تدعيم المشروع على غرار المتعامل “أريدُ”، وكوسيدار، وسوناطراك، ليتم إطلاق المشروع، الذي بات مفخرة بلدة خيران، وتحديدا قرية تيمدقيت.
كانت الساعة تشير إلى حوالي العاشرة صباحا، من نهار الاثنين، عندما دخلنا قرية تيمدقيت، التي تبعد عن عاصمة الولاية خنشلة بنحو 75 كلم، مدخل المنطقة مزيّن بالأعلام الوطنية، لافتات وشعارات الترحيب، ولافتات إشهارية، لجمعية أنامل المرأة الريفية خنشلة، مما يوحي بأن المنطقة مفتخرة بما حققته أول مزرعة نموذجية، مختصة في تربية المواشي وإنتاج الحليب ومشتقاته للجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية، والمسجلة ضمن المشروع الاقتصادي الاجتماعي التضامني، الخاص بتعزيز قدرات المرأة الريفية، في تربية الأبقار الحلوب.
استقبلتنا رئيسة الجمعية، زليخة خوني التي قالت بأن مثل هذه المزارع النموذجية الهدف منها هو تحقيق مداخيل مستدامة، من خلال فتح مناصب شغل للمرأة الريفية الماكثة في البيت، والشابات البطالات، إلى جانب أن هذه المزرعة النموذجية، تعمل وتسعى إلى توفير مادة الحليب، لساكنة خيران وضواحي دائرة ششار ببلدياتها الأربع، وتعمل على تكوين النساء الريفيات، في حرفة إنتاج الأجبان، ومشتقات الحليب، مع تأهيل الشابات البطالات بهذه المنطقة النائية، في مجال تسويق هذه المنتجات، وتشجيع العائلات عموما على الاستقرار بالريف، في استراتيجية تعمل على مكافحة النزوح الريفي.
وكشفت لنا رئيسة جمعية “أنامل الريف”، بأن حظيرة تربية المواشي بالمزرعة النموذجية، تتربع على مساحة تقدر بـ500 متر مربع، وتتسع لحوالي 40 رأس بقر، كخطوة أولى، إلى جانب 20 رأسا من الغنم، و20 رأسا من الماعز، وتشغل حاليا مجموعة من النسوة، والتحدي المستقبلي هو توسيع هذه المزرعة وتنويع أعمالها، خاصة أن الإرادة وشهية العمل كانت مفتوحة جدا.
تبسّط الحاجة ربيعة صاحبة الـ69 سنة من العمر، عملها وهي تتحدث للشروق اليومي: “المنطقة تتميز ببرودة طقسها كما هو الحال حاليا في شهر فيفري، نحن نضع الأبقار في الاسطبلات ونتابع موعد حلبها، كما نتابع الماعز والدجاج، وقد تم تدعيمنا بمجموعة من الشباب من ذوي الخبرة، نستمع لنصائحهم القيمة”، وتسير على نهجها تفكيرا وإرادة السيد ربيعة صاحبة الـ56 سنة من العمر، عندما تقول: “لا يوجد مجال للفشل، فكل الظروف مواتية، أمهاتنا كنا يعملن في ظروف مناخية واجتماعية معقدة وتمكن من النجاح، ونحن الآن مدعمات، من السلطات، فما علينا سوى تحويل المزرعة إلى مزارع، والنموذجية إلى حقيقة من حيث جودة الإنتاج نوعا وكمية”.
الشروق اليومي سألت السيد رمضان جزايري، مدير الشؤون المؤسساتية، بمؤسسة “أريدُ” التي قامت بمرافقة الجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية بخنشلة ودعمتها ماديا، فقال بأن المشاريع المستدامة يجب تدعيمها، والمقاولاتية النسوية جزء من هذه المشاريع التي ستخلق ديناميكية اقتصادية، وفرص عمل.
ورافقنا الحاجة عائشة، في عملها اليومي، إذ تقوم بحلب الأبقار وجمع الحليب، فتستغل كمية منه كحليب، وأخرى توجه لإنتاج الأجبان التقليدية، التي سبق وأن أحرزت فيها الجزائر جوائز عالمية في مسابقات جرت في أوروبا وفي عواصم الأجبان الشهيرة في أوربا الوسطى والأراضي المنخفضة. وتقول الحاجة عائشة: إنها أعمال إنتاجية تقليدية اعتادت أمهاتنا وجداتنا صناعتها منذ قرون والولوج من هذه المزرعة إلى عالم الصناعة، صار أمرا ممكنا.
أما السيدة ربيعة فقد اختصرت يومياتها: “المشروع مكنني من اكتساب عدد من رؤوس الأبقار والماعز، التي أعمل على تربيتها، من أجل إنتاج الحليب، وتنظيم أموري للانطلاق في صناعة الجبن التقليدي، والذي لطالما كان حلمي لرعاية عائلتي وأبنائي”.
غادرنا القرية، وكأننا عدنا من احتفالية، حيث لاحظنا بأن أهل هذه القرية مؤمنون بمزرعتهم ومؤمنون بأنها ستتطور أكثر، وتنبت مزيدا من المزارع النموذجية، في كل المجالات وهو ما جعل مستقبلتنا السيدة زوينة تضرب لنا موعدا في الأشهر القليلة القادمة لنرى مزيدا من التطور، وذكرتنا بأن الجبن الجزائري التقليدي فاز بالميدالية الذهبية في سبتمبر الماضي في مونديال الجبن ومنتجات الحليب، في فرنسا رغم مشاركة ملوك الجبن من فرنسا وهولندا وسويسرا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!