-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

سيطرة سلبية

الشروق أونلاين
  • 1923
  • 0
سيطرة سلبية

كشف الديوان الوطني للإحصاء في آخر تقرير له الأسبوع الماضي ـ من جملة ما كشف ـ أن 9 ملايين جزائري فقط، هم في سن العمل وهو ما يشكل 33٪ من مجموع السكان البالغ عددهم حاليا حسب نفس التقرير أكثر من 33 مليونا بقليل؛ لكن المعضلة هي أن 14٪ من هؤلاء القادرين على العمل يوجدون بدون شغل أو عاطلين عن العمل مع كل ما في هذا الرقم من شكوك، لأنه منقول عن وزارة التضامن المعروفة بكذبها وعدم صحة أرقامها التي تتعامل معها وكأنها تتعامل مع المجرفة في أكوام التراب والتي هي في الغالب أرقام سياسية أكثر منها إحصائية، ولأن الأرقام الأقرب إلى الحقيقة حول موضوع البطالة هي تلك المتوفرة لدى المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والمصادر المحايدة الأخرى، التي تقدر البطالة المتفشية في أوساط القادرين على العمل بأكثر من 32٪..
سالم‮ ‬زواوي
لأنه لو كانت البطالة في هذا المستوى المنخفض الذي تدعيه وزارة التضامن لما كانت‮ ‬لنا‮ ‬كل‮ ‬هذه‮ ‬الجيوش‮ ‬من‮ ‬الحراڤة،‮ ‬ولما‮ ‬أبدع‮ ‬شبابنا‮ ‬البطال‮ ‬في‮ ‬طرق‮ ‬الهرب‮ ‬من‮ ‬جحيم‮ ‬هذه‮ ‬البطالة‮ ‬إلى‮ ‬درجة‮ ‬الاختباء‮ ‬في‮ ‬صناديق‮ ‬عجلات‮ ‬الطائرات‮!‬
وإلى هنا، يمكن أن يكون كل شيء مقبولا بالنظر لتناقضات المجتمع الجزائري والسياسات العرجاء الممارسة عليه، لكن غير المقبول وغير العادي تماما هو ما أورده نفس التقرير من أن الجزائر وبعد أكثر من 4 عقود من الإستقلال مازالت تحقق السيطرة المطلقة لقلة قليلة من سكانها الذين وصلوا أرذل العمر ومازالوا يستأثرون استئثارا مطلقا بالثروة الوطنية والسلطة ومراكز المسؤولية في كل المستويات، حيث أن 80 من سكان الجزائر ولدوا جميعهم بعد الإستقلال ومحرومون من كل شيء ويوجد مصيرهم رهن فئة قليلة جدا من الـ20٪ وهي فئة تجاوز سنها الـ60 سنة، ولا تتجاوز نسبتها 10٪ من مجموع السكان ولكنها تستحوذ على كل شيء في البلاد، ولعل هذا ما يفسر الميزانية المهولة المخصصة لوزارة المجاهدين كل سنة في قانون المالية والتي أتت السنة الماضية في المرتبة الرابعة بعد ميزانية الدفاع والداخلية والجماعات المحلية والتربية‮!‬
هذا يعني من جهة أخرى، أن الذين يحكموننا ـ سياسيا ـ جميعهم من أجيال أخرى لا تحمل أكثر من أفكار ومناهج الثلاثينات والأربعينات والخمسينات والستينات في أحسن الأحوال من القرن الماضي، ومهما كانت هذه الأفكار والمناهج ثورية ووطنية فإنها تتناقض تماما مع ما تحمله الأغلبية المسحوقة التي يحكمها وتتحكم فيها وتسلب حقوقها المشروعة والشرعية من أجيال ما بعد الإستقلال التي تحمل أفكارا وذهنيات أخرى ومطامح مغايرة ولها حاجيات ومطالب مختلفة تماما لا يمكن أن يستوعبها الجيل البالي وبالتالي لا يستطيع العمل على تحقيقها، فكانت سيطرة مطلقة‮ ‬على‭ ‬هذا‮ ‬الكم‮ ‬الهائل‮ ‬من‮ ‬البشر‮ ‬بدون‮ ‬نتائج‮ ‬إيجابية،‮ ‬بل‮ ‬بنتائج‮ ‬سلبية‮ ‬للغاية‮ ‬على‭ ‬مستقبل‮ ‬الأمة‮ ‬وأجيالها‮.‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!