-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب استمرار رفض الطرف الفرنسي تسليم الأرشيف

شبح الخلافات يدبّ إلى اللجنة المكلفة بملف الذاكرة

محمد مسلم
  • 899
  • 0
شبح الخلافات يدبّ إلى اللجنة المكلفة بملف الذاكرة
أرشيف

بدأت تبرز بعض المؤشرات التي تشير إلى وجود خلافات بين أعضاء اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية المعنية ببحث ملف الذاكرة، وتتعلق هذه المؤشرات بأحد أكثر الملفات حساسية وتعقيدا، وهو ملف الأرشيف الجزائري المنهوب، والموجود في أقبية بالجنوب الفرنسي، وبالضبط في كل من مرسيليا و”إكس أون بروفونس”.
هذا المعطى كان الأمر البارز بعد اللقاء الرابع للجنة المختلطة، والذي احتضنته العاصمة الفرنسية باريس في 25 يناير المنصرم. وألمحت إلى هذا إذاعة فرنسا الدولية “فرانس أنتر”، في حوار خصت به بنجامان ستورا، رئيس لجنة المؤرخين من الجانب الفرنسي، الخميس الثامن فبراير 2024.
وسألت “فرانس إنتر” بنجامان ستورا عن مخرجات اللقاء الأخير للجنة بباريس ومكامن الخلاف، قائلة: إن “المؤرخين الجزائريين يطالبون فرنسا باستعادة الأرشيف، وخاصة أرشيف إيكس أون بروفانس، في حين يبدو أنك تفضل الحديث عن حرية الوصول إلى هذه الأرشيفات. أليس هناك نقطة اختلاف؟”.
وإن نفى مسؤول اللجنة من الجانب الفرنسي وجود خلافات: “لا، لا توجد اختلافات”، إلا أنه ترك الباب مشرعا أمام التساؤلات: “كما تعلمون، يوجد الآن عنصر جديد فيما يتعلق بمشكلة استرجاع الأرشيف، وهي مشكلة مشروعة تمامًا وقديمة جدًا من جانب الجزائريين. العنصر الجديد هو الرقمنة، إنها الثورة الرقمية، أي أن طلبات الاسترداد اليوم أقل أهمية بكثير من طلبات رقمنة الأرشيف ونقل وتقاسم الأرشيف. وهذا لا يمنع إمكانية استعادة الوثائق الأصلية التي لها قيمة رمزية”.
ويتضح من كلام بنجامان ستورا، أنه يفضل استعمال نسخ الأرشيف الجزائري المنهوب بواسطة تكنولوجيا الرقمنة مع إبقاء النسخ الأصلية في فرنسا، ولو كمرحلة أولى، وهو معطى يرقى لأن يصل إلى مستوى عنصر خلافي بين الطرفين في قضية تنطوي على الكثير من الحساسية. ويعزز هذه المقاربة ما قاله بعد ذلك بنجامان ستورا بخصوص متعلقات الأمير عبد القادر وزعيم المقاومة بشرق البلاد، أحمد باي.
ويتضح الأمر بشكل أكثر جلاء عندما يتحدث بنجامان ستورا عن صعوبة جمع الأحزاب الفرنسية على موقف واحد، يفرز قانونا يسمح بتسليم الأرشيف الجزائري المنهوب، غير أن صدور مثل هذا القانون من شأنه أن يؤجج مطالب المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا وفي غيرها من قارات العالم، باسترجاع أرشيفهم، ما من شأنه أن يفتح أبواب الجحيم على باريس.
يقول ستورا: “وفي انتظار إقرار هذا القانون، يجب أن توافق جميع الأحزاب السياسية الفرنسية، وهو أمر بعيد كل البعد عن الواقع، على استرداد الممتلكات – وليس فقط بالنسبة للجزائر، كما تعلمون، خلف الجزائر، هناك مشكلة استرداد الممتلكات”. ويضيف: “بالنسبة لإفريقيا بأكملها، يعد هذا أمرًا مهمًا للغاية – لذلك، بينما ننتظر التوصل إلى اتفاق من جميع المجموعات السياسية، لا يزال بإمكاننا الاتفاق وتقديم مقترحات إلى رؤساء الدول بشأن استرجاع الأرشيف، كما هو موضح في الاتفاقية التي وقعتها شخصيًا، والتي تتعلق، على سبيل المثال، بعصا (عكاز) أمر الأمير عبد القادر، ومثلاً، بمصحفه، إلخ. لذلك لا يزال بإمكاننا الاتفاق على ذلك”.
ولحد الآن، لم تصل اللجنة المختلطة إلى دراسة الملفات الأكثر سخونة وحساسية، وهي تلك التي وقعت في القرن العشرين، مثل جرائم الثامن ماي 1945، التي قتل فيها جيش الاحتلال الفرنسي ما لا يقل عن 45 ألف جزائري أعزل، بينما كانوا يتظاهرون سلميا للمطالبة بالاستقلال، وسياسة الأرض المحروقة إبان الثورة التحريرية، والتفجيرات النووية في جنوب البلاد، والتي سممت الأرض ولا تزال تقتل الجزائريين إلى غاية اليوم، كما لم تعوض السلطات الفرنسية ولو ضحية واحدة وذلك بالرغم من سنها قانون “موران” في عام 2010، خصص لتعويض ضحايا التفجيرات النووية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!