-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شعرة سفيان

شعرة سفيان

لن نتحدث هذه المرة عن الجانب الفني للاعب الكرةالجزائري، سفيان فيغولي، وهو من الذين تعلّموا اللعبة في شوارع ومدارس فرنسا، وينشط حاليا في بلاد الأندلس، يأكل من ركضه، رغيفه، ويوكّل عائلته، لأن لاعب الكرة مهما علا شأنه وسجّل من أهداف، وحصل على ألقاب، لن يُخرج البلاد من أزماتها المعقدة ولن يرسم أكثر من ابتسامة عابرة تزول مع أول عاصفة بؤس، ولكننا لن نقول كما قلنا في شأن كريم بن زيمة الذي طالته المقصلة الفرنسية، بأن “يديه أوكتا وفاه نفخ” كما يقول المثل العربي أو “عقدها بلسانو يفكها بإيديه” كما يقول المثل الجزائري، وما حدث له كان خبرا عادي بالنسبة لنا، لأن كريم أراد أن يكون فرنسيا فعليه أن يحلّ مشاكله مع فرنسا، ولكن ما يحز في النفس أن سفيان فيغولي وهو مواطن جزائري تعرّض على مدار الأربعة أيام السابقة لحملة فرنسية لم تتوقف عند الإعلام، بل أخذت بُعدا شعبيا، بسبب فتحه كتاب التاريخ وتلاوة بعض مشاهده الدامية، التي يبدو بأن بعض الجزائريين هم من يريدوا غلقها وليس الفرنسيين، تحت مسعى إدراج حديث التاريخ للمؤرخين، وترك لاعب الكرة يدحرج كرته ويضعها في الشباك إن استطاع إلى ذلك سبيلا.. وفقط.

لقد أثار إدراج منع بلوغ قمة هرم السلطة على القاطنين خارج الوطن، ما يشبه ثورة “اللاهثين” على الكراسي من أصحاب الجنسية المزدوجة أو الإقامة في باريس، ولكن بمجرد أن قال سفيان فيغولي ما يجب أن يقال، حتى نأوا عنه بجانبه، ولم نسمع عن أي دعم معنوي وصله من برلمانيي الهجرة، الذين يقطنون في باريس ويأخذون مرتباتهم من الجزائر، والأمر لم يتوقف عند هؤلاء، بل شمل حتى رؤساء الأحزاب من وطنية وإسلامية وأسرة ثورية يبدو أنها منشغلة بصراعات البقاء في السلطة.

قد يكون سفيان فيغولي الذي صار في وضعية متسللة مع ناديه، باحث عن شهرة أضاعها في ميادين الكرة، عندما ذكّر مزدوجي الجنسية بأنهم لن يكونوا فرنسيين حتى ولو أرادوا، وقد يكون “مزايدا” كما اتهموه، عندما طلب منهم التلوّن بألوان الأجداد، وقد يكون خارجا عن القانون، لأنه قرأ كتاب التاريخ، ولكن هذا الكتاب سيذكر بأن سفيان كانت له الجرأة لأن يقول ما لم يقله حتى زعماء الجزائر الكبار.

روى التاريخ العربي أن أعرابيا قدم إلى الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان، وسأله عن سر نجاحه في حكم الشام، لعدة عقود من دون أن يثير المكان والزمان والثراء فتنة بين المسلمين، فقال له قولته الشهيرة: “إن بيني وبين الناس شعرة، إذا أمدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها”، فصارت شعرة معاوية وسيلة سياسية لإرضاء الجميع، ودهاء شرحه معاوية عندما قال: “إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت”، فتمسّك الساسة الجزائريون في قضية مزدوجي الجنسية، بشعرة معاوية بن أبي سفيان، ولكن يبدو أن سفيان قد مزقها؟  

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • محمد مومو

    لم أقرا المقال لأنه طويل و لكن أريد التعقيب على سي فغولي يتحدث عن الوطنية و هو من يختار المقابلات في المنتخب الوطني فهو يتحجج بالإصابات بغرض عدم التنقل إلى سفريات الإفريقية

  • mouloud

    هذه الحقيقة التي لاطالما جيل الاستعمار من الفرنسيين او الجزائريين ايظا يريدونا اخفاؤها ...فسفيان نطق تلقائيا بالحقيقة التي قالها محيي الهوية الوطنية وباعثها الشيخ عبد الحميد باديس حيث قال (لن يكون الجزائريون فرنسيون حتى وان ارادوا ذلك ..) والاجيال الصاعدة من المغتربين لن يكونوا ابدا متفهمين او متسامحين امام العنصرية المتجذرة في فرنسا خصوصا واروبا عموما.

    مقال مهم ...شكرا عبد الناصر.

  • رميس

    لم افهم شيء تفلسيف