الرأي

“شغب” داخل البرلمان!

قادة بن عمار
  • 1601
  • 4
أرشيف

ما معنى أن ينتفض نواب البرلمان “الموقّر” ضدّ القانون الداخلي الذي يعاقب المتغيبين منهم عن الجلسات، بل و”يثيرون الشغب” لمعاملتهم كـ”تلاميذ داخل مدرسة ابتدائية”؟ علما أن كثيرا من الجزائريين يرون في مستوى “المجلس” ونوابه أقلّ من ذلك بكثير!
جميعنا شاهد الجلسات التي رافقت مناقشة عدد كبير من القوانين المهمة والخطيرة على غرار مراجعة قانون الصحة والذي تمت المصادقة عليه أمام مقاعد فارغة، كما أن عددا كبيرا من النواب لم يسمع بالقانون أصلا، ولم يفهم مواده ولم يشعر بخطورته، تحديدا عندما يكون هؤلاء غير معنيين به مباشرة، فهم يزاحمون الفقراء في المؤسسات الاستشفائية العمومية ويستعملون نفوذهم للحصول على موعد للعلاج أو لأقاربهم كما يحصلون على تكفل بالخارج مثلما هي عادة الكثير من المسؤولين والنافذين في البلاد!
حتى رئيس البرلمان السعيد بوحجة، طالب النواب بمساعدته على حلّ مشكلة الغيابات، رغم أننا لم نسمع أي صوت للرجل الثالث في الدولة وهو يدافع عن الجزائريين ضد بعض القوانين “القاسية”، وكأن البرلمان وراحة نوابه وموظفيه أهم لدى رئيس مجلس الشعب من الشعب برمته!
ثم ما حقيقة هذه الفضيحة الكبيرة التي يتحدث فيها بعض النواب عن ترقيات مشبوهة وتوظيف يقوم على المحسوبية، وغياب للقوانين، فإذا كان هذا هو حال المؤسسة التي تشرّع القوانين للجزائريين ويغيب القانون فيها وعنها، فما بالك بما هو خارج المؤسسة؟
يجب على نواب البرلمان أن لا يقلقوا من محاسبتهم على الغياب طالما أن الشعب لن يختلف عليه الأمر سواء حضروا أو غابوا، فما يقلق أكثر هي تلك المصادقة المجانية ورفع الأيدي بشكل مستمر، وغياب المدافعين عن مصلحة المواطنين، وتبني أساليب المحسوبية و”المعريفة” في التوظيف وإعانة الظالم على ظلمه بدلا من مناصرة المظلوم!
هذه هي الأمور التي تخيف المواطنين أكثر، والتي لن نعثر عليها لدى هؤلاء النواب الذين حاول بعضهم وفي الأيام الفارطة أن يخرج لنا تقريرا يتحدث عن ضعف رواتبهم مقارنة بنواب بلدان المغرب العربي وحتى في أوروبا، رغم أن السؤال البسيط وقبل مقارنة الرواتب أن تتم مراقبة الأداء السياسي لتلك المجالس التي تتسبب ببلدانها في إسقاط حكومات ومساءلة وزراء ومحاكمة الفاسدين وإدانة الفساد، أما برلماننا فنخشى أنه سيتم إلحاق قانونه الداخلي قريبا بمادة تُجرّم مساءلة الحكومة أو رفض قانون ترفعه لها، مثلما تم مؤخرا حين طالب رئيس البرلمان نوابه بعدم إزعاج الحكومة بالأسئلة الشفوية الكثيرة وحين تمت محاكمة “سيناتور” وإبعاده عن حزبه كليا لأنه طالب فقط بإقالة وزيرة التربية!

مقالات ذات صلة