-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعيدا عن المفرقعات.. دعوات لاحتفالات هادفة بالمولد النبوي

شموع.. لمة عائلية واقتداء بسيرة المصطفى

نادية سليماني
  • 496
  • 0
شموع.. لمة عائلية واقتداء بسيرة المصطفى

يعتبر يوم المولد النبوي، مناسبة عظيمة للمسلمين، الذين يستحضرون سيرة المصطفى- صلى الله عليه وسلم-، فيعبرون عن عظم حبهم وشدّة تقديرهم لخير خلق الله، وهي حال الجزائريين الذين يستقبلون المناسبة بعادات مميزة، كنا نتمنى أن تقتصر على تذكر سيرة نبيّنا الكريم العطرة، والاقتداء بخصاله، بعيدا عن صخب المُفرقعات وامتلاء المستشفيات بجرحى هذه المناسبة.

تغيرت عادات الاحتفال بمناسبة المولد النبوي الكريم في الجزائر عبر تعاقب السنين، فبعدما كانت المساجد تضاء أنوارها ليلا ونهارا احتفالا بنور النبي الكريم، وكانت العائلات تجتمع على ضوء الشموع وطبق الطمينة والكسكسي، والأطفال يجرون في الأزقّة ليلا حاملين منارات يدوية مُضاءة بشمعة، وهم يردّدون أناشيد دينية…

أمّا اليوم، فتبقى لنا القليل من هذه الاحتفالات، بعدما طغت عليها تفجيرات المفرقعات وما ينجر عنها من حوادث وماسي، وهو ما جعل رجال الدّين والأئمة، يناشدون العائلات بالعودة لاحتفالات “زمان” الهادئة والمُعبّرة.

احتفالات بسيطة ومُعبرة

وفي هذا الصّدد، أكد عُضو اللجنة الوطنية للإفتاء بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، كمال بوزيدي، أن من الميزات الطيبة بمجتمعنا قديما، أنه عند اقتراب مُناسبة المولد النبوي، كانت العائلات تعيد طلاء منازلها وجدران الأحياء والأزقة وتقوم بحملات تنظيف للحي كاملا، وتبقى أنوار المساجد مُضاءة، احتفالا بمولد نور البشرية محمد- صلى الله عليه وسلم-. ووصف هذه العادات، بحسب تصريحه لـ ” الشروق” بالطيبة، والتي تعبر على تعلق الجزائريين برسولهم الكريم.

بوزيدي: الجزائريون منذ الماضي يقدسون يوم المولد

وقال بوزيدي، إن دعوات تحريم الاحتفال بمناسبة المولد، والتي تصدر عن البعض مع كل اقتراب للمناسبة، “فأقول لهم بأن إعداد طبق طعام معين وإشعال الشموع ليلة المولد النبوي ليس شركا أو حراما، وهو من باب العادات وليس العبادات، كما أنه يحقّق مقصدا من مقاصد الشريعة، وهو اظهار الفرح بمولد خير البشرية، وخاصة في نفوس الأطفال الصغار، بحيث يتعودون منذ صغرهم على التعلق بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم”.

تحقيق عدة عبادات في احتفالات المولد

وأضاف محدثنا، أنه في مناسبة المولد النبوي تلتقي العائلة الكبيرة، فنحقق عبادتين صلة الرحم وإكرام الضيف.

ويرى بوزيدي، أن من إيجابيات الاحتفال بالمولد، خاصة لدى الجزائريين المغتربين في الخارج، هو جعل أطفالهم يتمسكون بالدين الإسلامي ويتعلقون بالنبي الكريم والانتماء للوطن الأم، في ظل المغريات وحملات التبشير السائدة هنالك.

وذكر عضو لجنة الفتوى قصّة من التاريخ، وقال إن المسيحيين كانوا يحتفلون بمولد المسيح في بيت المقدس، فلما دخل صلاح الدين الأيّوبي إلى المدينة وسمع عن هذا الاحتفال، أمر جميع المسلمين بالاحتفال بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

مظاهر سلبية مخالفة للشريعة الإسلامية

أما الاحتفالات التي تلحق أضرارا بالأنفس والممتلكات الخاصة والعامّة، وفيها إهدار وتبذير للمال “فهي تخالف بحسبه ما تدعو إليه الشريعة الإسلامية من حفظ الأنفس والممتلكات”.

ويدعو الأئمّة الى الاحتفال بالمولد النبوي الشريف،عن طريق تذكر سيرته العطرة في كل لحظة، لأنه المبلغ لرسالة رب العالمين، الهادي إلى سواء السبيل مصداقا لقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾، وأن محبته تقتضي حسن الاقتداء به صلى الله عليه وسلم، واتباع أوامره واجتناب نواهيه. ولذلك قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾…

الإبراهيمي: الاحتفال ضرورة للتعريف برسولنا الكريم

ومن جهته، أشار المفتش بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، البشير الإبراهيمي، بأن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لم يكن في القرون الأولى، أمّا الآن فالضرورة تقتضي أن نُعرّف الناس بالنّبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقال “حقيقة، فيه بعض المخالفات التي يرتكبها الناس عند الاحتفال بالمولد النبوي، مثل تفجير المفرقعات وأذية الناس، وهذا مُحرّم، لأنه يسبب الضرر للمسلمين”.

ويرى الإبراهيمي، بأنه واجب على الناس تذكر سيرة النبي، والإقتداء به في أخلاقنا وكلامنا وعلاقاتنا الأسرية والاجتماعية، مضيفا “نحن بحاجة في هذه الأيام لمراجعة أنفسنا، ونعلم أن محبتنا واقتداءنا بالرسول الكريم، تقتضي أن نحسن أخلاقنا، وأن نكون رحمة كما كان صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، وعليه فالاحتفال بالمولد النبوي هو مناسبة ضرورية لربط الناس مع نبيهم”.

وحسب المتحدث، فالناس باتت مشغولة بهموم الدنيا، ما أنساهم كثيرا من المبادئ الدينية والشرعية، ولذلك “علينا استغلال فرصة شهر الأنوار، لنعيد الصلة برسول الله، ونذكر بعضنا بانتمائنا الحضاري والديني وواجباتنا نحو رسولنا الكريم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!