-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شهادة‭ ‬زور‭!‬

قادة بن عمار
  • 4374
  • 3
شهادة‭ ‬زور‭!‬

أكثر ما يلفت الانتباه في تغطية وسائل الإعلام الفرنسية لقصة محمد مراح، ليس التركيز على أصوله الجزائرية، فذلك أمر طبيعي، ولا حتى استعماله كفزّاعة لخلق 11 سبتمبر فرنسي، فذلك بديهي ومتوقع، ولا أيضا في تنافس الجميع لتوظيفه خلال الحملة الانتخابية، حيث لا عجب ولا‭ ‬عُجاب،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬يلفت‭ ‬الانتباه،‭ ‬شهادات‭ ‬الجيران‭ ‬والأصدقاء‭ ‬المقربين‭ ‬من‭ ‬محمد‭ ‬مراح،‭ ‬الطفل‭ ‬والمراهق،‭ ‬ثم‭ ‬الجهادي‭ ‬مثل‮ ‬ما‭ ‬وصفته‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭!‬

من يستمع لجيران عائلة مراح في تولوز، سيكتشف للوهلة الأولى، أن الفرنسيين تحدّثوا عنه بكل خير، أو نسبة معتبرة منهم على الأقل، فهنالك من أصدقائه وأترابه من المراهقين والشباب، من رسم له صورة المحبّ للحياة، عاشق السيارات، مشيرين أنه كان مستمعا جيدا للموسيقى، رغم الاتفاق على أن دخوله السجن للمرة الأولى بسبب سرقته لحقيبة امرأة، غيّر من حياته الشيء الكثير، وجعله مثلما قال طبيب نفسي بالمؤسسة العقابية التي كان سجينا بها، أكثر قربا من الإسلام، ومهتما بالصيام في رمضان وقراءة القرآن. شاب فرنسي قدمته فرانس 2 على أنه واحد من أصدقاء محمد، لم يخف ملامح وجهه عند الحديث عنه، وكأنه لا يحب الفرار من معرفته مثل ما يفعل الكثيرون، بما في ذلك أبناء بلده الأصلي الجزائر، حيث قال بأن محمد شاب عادي جدا، ولم يظهر عنه أي ميول للقتل حتى فترة قريبة!

 

لكن القناة التلفزيونية التي بحثت كثيرا بين سكان تولوز عمن يعرفون محمد مراح، – بالشكل الذي تريده- وجدت ضالتها في جيرانه من ذوي الأصول المغاربية، بما في ذلك إحدى الجزائريات التي قالت دون تردد: “كانوا عائلة معقدة، أذكر أنني عندما كنت ألقي عليهم التحية الصباحية،‭ ‬لا‭ ‬يردون‭ ‬علي،‭ ‬ويرمقني‭ ‬ابنهم‭ ‬الأكبر‭ ‬عبد‭ ‬القادر‭ ‬بنظرات‭ ‬حادة،‭ ‬ربما‭ ‬لأنني‭ ‬مسلمة‭ ‬غير‭ ‬محجبة‭ ‬مثل‭ ‬والدته‮”‬‭!‬

هذه الشهادة التي لم تأت بها سوى هذه الجارة “جزائرية الأصل” دون كل الجيران، هي “شهادة زور” تحت الطلب، على غرار ما يفعله كثير من الجزائريين الذين يتنصلون من أصول محمد مراح، رغم أنه يتعين على الجميع معاملته، ليس وفقا لانتمائه ولا أصله، ولا حتى جنسيته، بل على أنه‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬ضحايا‭ ‬أفكار‭ ‬التطرف،‭ ‬وبأنه‭ ‬شاب‭ ‬تطلّق‭ ‬والداه‭ ‬وسنه‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬بعد‭ ‬الخامسة،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬مسلم‭ ‬رأى‭ ‬بعينيه‭ ‬كيف‭ ‬يموت‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬فلسطين،‭ ‬وهو‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدي،‭ ‬لا‭ ‬حراك‭ ‬ولا‭ ‬عمل‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬مساندة؟‭!‬

نقول هذا الكلام، إذا سلمنا فعلا أن محمد مراح، واحد من “الجهاديين”، مع إدانة تصرفه بالكامل -إن ارتكبه فعلا-، لكن يا ليت وسائل الإعلام تعاملت مع محمد مراح مثلما تتعامل الآن مع الجندي الأمريكي روبرت بيلز، الذي قتل 16 أفغانيا بريئا، بينهم نساء وأطفال يوم 19 مارس‭ ‬الفارط،‭ ‬ويبحث‭ ‬الجميع‭ ‬له‭ ‬الآن‭ ‬عن‭ ‬مبررات‭ ‬لتهريبه‭ ‬من‭ ‬المحاكمة،‭ ‬آخرها‭ ‬القول‭ ‬أنه‭ ‬مصاب‭ ‬بمشاكل‭ ‬عقلية‭!‬

أيهما‭ ‬أسوأ‭: ‬تصفية‭ ‬شاب‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬قاتل‭ ‬مفترض،‭ ‬أدانه‭ ‬الجميع‭ ‬دون‭ ‬السعي‭ ‬لمحاكمته،‭ ‬أم‭ ‬تهريب‭ ‬جندي‭ ‬مسؤول‭ ‬اعترف‭ ‬بجريمته،‭ ‬ثم‭ ‬تذرع‭ ‬بأنه‭ ‬نسيها‭ ‬أو‭ ‬لم‭ ‬يرتكبها‭ ‬عن‭ ‬قصد،‭ ‬فوجد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتعاطفين‭ ‬معه؟‭! ‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • غريب

    رحمه الله وغفر له

  • kdj

    الله يرحمو ويوسع عليه .....الكل يعرف انها مكيدة مدبرة الهدف منها ...للاسف ترشيح الكلب لعهدة اخرى ...حسبنا الله ونعم الوكيل

  • ابراهيم

    ازدواجية المعايير تطغى كثيرا على العقل الاعلامي الفرنسي الذي يتشدق بقيم الحرية فللاسف الشديد تظل النظرة الفرنسية لكل ما هو جزائري نظرة انتقاص وازدراء بسبب تميع بعض المحسوبين على الجزائر وتملقهم لها.لكن النخب الجزائرية الواعية تبادل فرنسا نفس الشعور لانها حاليا في اسفل سافلين بعد الازمة الاقتصادية الاخيرة.على الجزائريين ان يعوا ان فرنسا العنصرية ببهرحها ما هي الا صناعة ماسونية لا تنشد سوى اضعاف ارض الاسلام والمسلمين .