-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شيطان الريجيم

عمار يزلي
  • 2022
  • 0
شيطان الريجيم

مرت الزوبعة التي احتواها الفنجان، وانقضت، وانفض الجمع تاركين الجميع في اجتماع مفتوح بحثا عن إجماع مغلق! الرئيس هو نفسه عينه، والسلطة قائمة على عروشها: والمثل الشعبي يقول “الوالفة خير من التالفة”، والاستقرار أحسن من الاستنفار. غير أنه ليس كل الناس يتفقون على هذا “الحق الذي أريد به باطل”! فالاستقرار، يرى فيه البعض في الانتقال السلس إلى الجمهورية الثانية اليوم وليس غدا، والبقية يرون أن خمس سنوات إضافية تضمن هذا الانتقال ضمن نفس الجمهورية! وما بين الموقفين، هناك موقف المشاهد المتتبع للأحداث، العاطفي الذي يقيس الأحداث بقلبه وليس بعقله ويقول: عاش الملك ولو كان ميتا!

بوتفليقة الذي دخل موسوعة غينس في الجزائر باعتباره أكبر رئيس معمر رئيسا! قد عمل الكثير للبلد بفضل الله والنفط وقوة الإرادة والتجربة والمكانة التي تبوأها كأصغر وزير في الجزائر منذ الاستقلال! تجربة مكنته من إخراج الجزائر من عنق الزجاجة خلال 15 سنة، أفضت إلى إنهاكه مرضيا، يرى في ذلك الكثير من الناس أن عمله لبلاده هو من أوصله إلى الكرسي..المتحرك، وعليه أن يواصل إلى آخر نفس! فيما يرى البعض أن في هذا “القدر بركات” وأن عليه أن يريح ويستريح ويفتح المجال السياسي والإعلامي المغلق منذ أكثر من 20 سنة خلت، أي منذ التنكر إلى التجربة التعددية الفتية غداة استقالة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد ووأد التجربة في المهد بدعوى التخوف من الأصولية الدينية.

وجدت نفسي أفكر مليا في مستقبل الجزائر بناء على هذه المواقف، لأجد نفسي أعيش وضعا سياسيا مختلفا: امرأة يقال لها لويزة، هي من دعمت سياسيا لتفوز انتخابيا بالرئاسة ونحن في سنة 2030! المرأة صارت عجوزا في الغابرين مع أنها لا تزال في ريعان الشيخوخة المسبقة: فقد تسلمت مقاليد الحكم منذ 15 سنة وتحضر نفسها لعهدة “باعرة” (لهذا كانت تدافع عن العهدة الرابعة في رئاسيات 2014!). لقد حولت الجزائر دستوريا وقوانين ومراسيم وقرارات إلى دولة اشتراكية! الفقراء فيها هم الأغلبية الساحقة، فيما حملت البرجوازية الفتية أموالها وهربت إلى المغرب وتونس، اللتان أصبحتا قوتين منافستين لنا عن جدارة و”استحكاك”، اقتصاديا على الأقل! أما عسكريا فقد كنا الأقوى عربيا بعد أن تخطينا قوة مصر. الأمريكان بنوا لهم قواعد في كل مكان على حدودنا مع الدول المجاورة : شرقا وغربا وجنوبا! فرنسا من الشمال صارت أقرب لنا عسكريا من أي وقت مضى! الشركات الغربية العاملة رحلت وحلت محلها شركات صينية وروسية وكوبية وفنزويلية باسم تطبيق الاشتراكية الثورية العمالية. الرئيسة صارت “تخبط” كل يوم 25 ساعة على 24 في التلفزيون والإذاعة والصحف! وعندما قيل لها أنه علينا أن نقرأ القرآن في التلفزيون الرسمي وباقي القنوات التي تركت لتعمل بالتنسيق والتعاون مع التلفزيون الحكومي، بعدما أممت القنوات المستقلة، قالت أنها مستعدة لقراءة القرآن هي بنفسها! في المساجد، صارت الخطب بالفرنسية وتتحدث عن تجارب تروتسكي ولينين وتجربة تشافيز وكاسترو، وصار دعاء الجمعة في المساجد لنجاح الاشتراكية العلمية الثورية والمجد والخلود للنساء أينما كن.

عدنا إلى السبعينات بدرجة ألعن وأكفس! انتشرت الندرة وقلة الكثرة والوفرة ودعمت الدولة المواد وأدخلت ألف عامل في شركة لا تستوعب أكثر من 200 عامل، ووزعت الأرباح وهي خاسرة، ووزعت الخسارة وهي رابحة، حتى سميت الرئيس “لويزة الرابحة”! مع ذلك الناس كانوا مرتاحين لأن الفقر ساوى بين الناس جميعا! والجزائري معروف أنه لا يحب الخير لأخيه بما يحبه لنفسه، في حين يحب أن يمس الشر الجميع إلا هو، وأن الجزائري يختار إذا عرض عليه أن يعطى ضعف ما يعطي لخصمه، حتى إذا طلبت منه أن يطلب أي شيئ بشرط أن يعطى لأخيه الضعف، يقول لك: أعم لي عينا واحدة! صرنا فقراء والحمد لله الذي أغنانا من فقره وأفقرنا من غناه، ورد علينا “الميزيرية” وأبعد عنا الحزن والاستهلاك وأدخلنا في “ريجيم” سوسياليست! بعدما كنا نتعوذ من “شيطان الريجيم الكابيطاليست”!.

لقد فازت في كل الانتخابات بـ 99.99%، ولم يفز المنافسون إلا بالفتاة رغم أنهم كانوا في الغالب من 8 إلى 12 مرشحا! والسبب معروف: الأرنب والسلاحف! السلحفاة تسبق الأرانب جميعا!

صار للمرأة حقان وللرجل حق واحد، وإذا ما كان الحق إلى جانب الرجل، يعطى الحق للمرأة دستوريا، لأن المادة الأولى والثانية من الدستور المعدل تنصان على ذلك: المادة الأولى: الحق دائما إلى جانب المرأة. المادة الثانية، إذا كان الحق إلى جانب الرجل، تطبق المادة الأولى. حتى أن المساجد صارت النساء فيها هي من تؤم الصلاة بالنساء، والحج صار بـ 200 مليون، مما جعل عدد الحجاج ينخفض إلى حد لا يصدق : 100 حاج وحاجة (في نفس يعقوب) فقط، ترسلهم الدولة على نفقتها الخاصة في سبيل الله!. وتتمثل خاصة في مجاميع “دفعة الزهوانية”! هكذا سميت وفود الحجاج السنوية تيمنا بالحجاج المائة الذين أرسلهم الرئيس الأسبق السيد عبد العزيز بوتفليقة بعد عودته الأولى من علاجه في فرنسا معافى. وقتها كان قد أرسل، كثر الله خيره ورحمه، 100 فنان ومثقف إلى الحج وكانت الزهوانية وبعض المثقفين “غير المؤمنين” من ضمن الوفد الميمون! (كان الراحل الطاهر وطار وبوجدرة ولعرج واسيني قد اعتذروا عن الحج لأنهم أوفياء لعقيدتهم!). صارت كوطة الجزائر من الحج 100 فقط وعلى حساب الدولة الاشتراكية! كان الشعب يسميهم “حجاج الشيطان”. أما البقية من الشعب فلا مكان له، لا في الطائرة ولا في القرعة! الغلاء والمنع بدعوة “التقشف” والتسيير العقلاني لأموال الشعب!


 

عندما أفقت من نومي كان ابني يقول لي: هذه المرة أيضا لم تخرج لا أنت ولا أمي في قرعة الحج! قلت له وأن أفرك جفوني! كي عدنا جنون وندخلوا في القرعة، يخصنا مرقي وااااعر باش يخرجنا في “قرعة” الحج!..بلحمر وموحاااال!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!