الرأي

صبية الكهف ونفاق العالم!

رشيد ولد بوسيافة
  • 1616
  • 8

العالم أجمع تنادى لإنقاذ مجموعة من الأطفال حاصرتهم المياه داخل كهف في تايلندا، تحرك السياسيون والرياضيون والفنانون، وتجاوب الإعلام الثقيل مع مأساتهم، بل إن مليارديرا أمريكيا تفتق ذهنه عن فكرة مبتكرة لإنقاذ الأطفال من خلال استخدام غواصة صغيرة.
لكن أين قصّة هؤلاء الصبية الذين شغلوا العلم على مدار خمسة عشر يوما من مأساة شعب الروهينغا الذي يتعرض للذبح والتهجير بتواطؤ وصمت عالمي غريبين، بل إنّ رئيسة بورما التي تدافع عن خيارات حكومتها في تطهير بورما من المسلمين ما زالت تحمل جائزة نوبل للسلام.
أين قصة هؤلاء الصبية من قرابة مليوني ناج روهينغي يتواجدون على الحدود بين بورما وبنغلادش، ويواجهون الموت جوعا بعد أن تخلى عنهم العالم، فلا زيارات لمسؤولين ولا برامج إغاثة كافية، ولا إعلاما يتناول مأساتهم، ولا فنانين يتباهون بمساعدتهم، ولا مليارديرا أمريكيا يتفتق ذهنه عن قرار بإرسال أطنان من المواد الغذائية لإنقاذهم من الهلاك جوعا.
عالم منافق تجرّد من كل مشاعر الإنسانية، والمسلمون الذين يضاهي عددهم مليارا وسبعمائة مليون إنسان نسوا بدورهم هذه المأساة وصموا آذانهم عن سماع صرخات الأطفال والنساء، وفيما يهب الملايين من المسلمين سنويا إلى السعودية لأداء شعائر الحج والعمرة وينفقون الملايير، يموت مليونَا مسلم جوعا وعطشا دون أن يصلهم دولار واحد من أموال المسلمين التي تُنفق في أرض الحرمين.
قبل أشهر كنّا في زيارة إلى مخيمات الروهينغا وعاينّا الأوضاع هناك بعد أن تراجعت المساعدات وأوقفت العديد من المنظمات الإنسانية برامجها، فيما قلصت أخرى أعمالها بسبب قلة الاعتمادات المالية، ولم يعد اللاجئون يحصلون إلا على الأرز، أما الخدمات الصحية فشبه منعدمة، يضاف إلى ذلك ظروف الطبيعة القاسية التي يواجهونها في منطقة معروفة بالفيضانات والأعاصير.
وستبث قنوات “الشروق” بعد أيام فيلما وثائقيا ينقل المعاناة اليومية لهؤلاء اللاجئين الروهينغا الذين تمكنوا من الوصول إلى بنغلادش بعد أن نجوا من المجازر في إقليم أركان، إذ أن أفواج اللاجئين ما زالت تصل والمجازر ما زالت مستمرة، لكن التجاهل الإعلامي لهذه المأساة أعطى الانطباع بأن الأمر أصبح من الماضي.
لقد سجلت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وقفة سيسجِّلها التاريخ مع هؤلاء المحرومين من خلال إرسال قافلة مساعدات فاقت قيمتها أربعة ملايين دولار، وهي تحضِّر لحملات تضامنية أخرى مع شعب الروهينغا الذي يموت في صمت.

مقالات ذات صلة