الرأي

صدقت الجزائر وكذب حفتر!

قادة بن عمار
  • 3863
  • 5

بات واضحا للعيان ولجميع المراقبين والمتابعين للشأن الليبي أن الرجل المدعو “خليفة حفتر” لا يريد خيرا بالبلاد والعباد، وأن نظرة الجزائر نحوه لم تبنها اعتباطا ولا حقدا عليه، وإنما فرضتها شهادات ومعطيات واضحة، ثم أكدتها أفعال وأقوال لا غبار عليها!
الجزائر استغلت أيضا زيارة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قبل أيام من أجل التعبير عن رفضها عملية حفتر في الجنوب الليبي، وهي العملية التي يستعين فيها بأعداد كبيرة من المرتزقة بعد ما انفض من حوله كل الداعمين وانشقت عن تأييده عدة قيادات عسكرية وأمنية وإعلامية، بل وقالت فيه كلاما أسوأ من ذلك الذي قاله خصومه فيه!
ومن أبرز هؤلاء الناقمين والمنشقين، الوجه البارز في نظام معمر القذافي سابقا “عبد الجليل عثمان” والذي وصف حفتر بـ”الأرعن والعميل”، بل وخاطبه قائلا: “لولا أنصار نظام القذافي لما استطعت السيطرة على بنغازي أصلا” قبل أن ينهي كلامه بالتساؤل: “كيف لرجل أن يبني جيشا وهو من باعه في تشاد خلال الثمانينيات”؟!
هذا الكلام يضاف إلى اتهامات أخرى ساقها عضو الجماعة الليبية المقاتلة سابقا، نعمان بن عثمان والمقيم في لندن، حين وصف حليفه السابق حفتر بـ”المتمرد” و”الساعي لحكم ليبيا بقوة السلاح”، وقد ردد عدد من الإعلاميين الذين رافقوا حفتر في عملية الكرامة مثل تلك الاتهامات، وفي مقدمتهم محمود المصراتي الذي قال إن قوات حفتر المتجهة نحو الجنوب تضم في صفوفها “مجرمين وخريجي سجون ومتعاطي مخدرات وقطاع طرق”، فهل بعد هذا الكلام كلام؟ ألا يقال “وشهد شاهد من أهلها”؟ وإن كان هؤلاء جميعا أو بعضهم، لا يمكن الوثوق بهم مجددا فقد رافقوا خليفة حفتر في جنونه ودعموا عبثه منذ سنوات وها هم اليوم ينشقون عليه بعد ما ذاقوا جزءا من ذلك الجنون وجربوا صنفا من ذلك العبث.
واذا كانت الجزائر قد رفضت عملية حفتر في الجنوب الليبي، فهي لا تفعل ذلك بناء على قرارات اعتباطية وإنما وفقا لمعلومات ومعطيات، باتت واضحة للعيان، معطيات حوّلت ليبيا مسرحا للصراع حول النفوذ، يكفي أن دولة قوية مثل ايطاليا طالبت بفرض عقوبات على فرنسا، لأنّ هذه الأخيرة تسعى للهيمنة على ليبيا وتقترف أفعالا ارهابية هناك!
ولاشك أن فرنسا التي تدعم حفتر في عملياته الجديدة بالجنوب، حاولت استمالة الجزائر لتغيير موقفها وفشلت، بل إن “الجنرال الدموي” بات غير مرحّب به من طرف حلفائه قبل خصومه ولولا الضعف الذي توجد عليه حكومة الوفاق الوطني بقيادة فائز السراج لما قامت لحفتر قائمة، غير أن محاولة السراج البحث عن قائد عسكري في الجنوب قد يقلب الطاولة على حاكم بنغازي ومشاريعه الفاشلة، خصوصا إذا كان هذا الخيار يحظى بثقة قبيلة مهمة في الجنوب الغربي مثل التوارق وقبائل أخرى لا تقل أهمية عنها مثل المقارحة والحساونة والقذاذفة.

مقالات ذات صلة