الرأي

ضربةٌ موجعة للعجرفة الفرنسية

حسين لقرع
  • 3124
  • 12
ح.م

الآن وقد أعلنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حربا ضارية على الإسلام والمسلمين، وأبدى إصراره على المضيّ قُدما في تشجيع من يعتدي على الرسول صلى الله عليه وسلم ويهينه تحت غطاء “حرية التعبير” المزعومة، لم يبق أمام المسلمين في شتى أنحاء العالم سوى المضيّ بدورهم في مقاطعة المنتجات الفرنسية، لنصرة دينهم ونبيّهم بأساليب حضارية راقية.

الردّ على استفزازات ماكرون وتبجّحه وتطاوله على المسلمين، جاءه من حيث لم يحتسب.. كان الرئيسُ الفرنسي يعتقد أنّ مصالح فرنسا في الدول الإسلامية لن تُمسّ، لأنّ هذه الدول ستلتزم بالاتفاقات التجارية والاقتصادية المبرَمة معها، وهو ما حدث بالفعل، لكنّ ما لم يكن ماكرون يحسب له حسابا هو أن تنتفض الشعوبُ الإسلامية وتقود حملاتٍ على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو إلى مقاطعة السلع الفرنسية، وكانت الاستجابة واسعة في بلدان عديدة، حتى أنّ هناك تجَّارا بالكويت وقطر أقدموا على سحب السلع الفرنسية من محالّهم التجارية وقبلوا تكبّد خسائر مالية نصرةً لنبيّهم الكريم، كما وضع ناشطون قوائم للمنتجات الفرنسية حتى يعرفها المستهلِك البسيط فيعزف عن شرائها.

الحملة لا تزال في بدايتها، ولن ندّعي بأنها ستوجِّه ضربة قاصمة للاقتصاد الفرنسي الذي يُعدّ من أقوى اقتصادات العالم، لكننا نعتقد أنّ تصاعد هذه الحملة أسابيع وأشهرا عديدة سيضرّ بآلاف المنتجين في كل المجالات بفرنسا حتى وإن واصلت البلدانُ الإسلامية استيراد سلعها، فمن ذا الذي يستطيع إجبار مواطنيه على شراء السيارات الفرنسية مثلا بدل السيارات الآسيوية، أو شراء مواد غذائية فرنسية بدل نظيراتها من شتى دول العالم، أو التوجّه إلى فرنسا للسياحة بدل دول أخرى شهيرة بسياحتها؟

لذلك، حينما تستنجد وزارة الخارجية الفرنسية بالأنظمة العربية والإسلامية وتطالبها بـ”التبرّؤ” من حملات المقاطعة التي تزعم أن “أقلياتٍ متطرّفة” تقف وراءها، فإنها في الواقع تقوم بمحاولة يائسة؛ لأن المسألة تخطّت الأنظمة الآن وأصبحت بيد الشعوب، ولا أحد سيتمكّن من إرغامها على اقتناء السِّلع الفرنسية.

لقد برهنت الشعوبُ الإسلامية على وعيٍ غير مسبوق وغيرة كبيرة على نبيّها الكريم، وتجاوزت أنظمتها المتخاذلة التي لم يكد بعضُها يشرع في اتخاذ مواقف تنتقد تصريحات الرئيس الفرنسي، على استحياء، إلا بعد أسبوعين من صدورها، فقررت الشعوبُ أخذ زمام الأمور بيدها ومقاطعة المنتجات الفرنسية حتى تكبح جماح خطاب الكراهية والعنصرية الذي كان يردّده اليمين المتطرّف ثم تبنّته الجهاتُ الرسمية في استهتارٍ شديد بمقدّسات المسلمين ومن دون أيّ حساب للعواقب.

أضعفُ الإيمان إذن هو أن نقاطع المنتجات الفرنسية جميعا ونقبل على البدائل المتوفرة في الأسواق بكثرة، ندعو مستوردينا إلى التوقف أصلا عن استيرادها والتوجّه إلى بلدان أخرى، وأن نقاطع سياحتها ونتّجه إلى بلدان عربية وإسلامية لدعم اقتصاداتها، وأن نقاطع فرنسا ثقافيا ولغويا أيضا ونحضّر لإحلال الإنجليزية تدريجيا محلّ اللغة الفرنسية بمدارسنا في الجزائر وتونس والمغرب على الأقل، كم هو رائعٌ ذلك الكاتب الموريتاني الفرنكفوني الذي أعلن التوقفَ عن الكتابة بالفرنسية ودعا نظراءه المغاربيين إلى فعل الأمر ذاته، تنديدا بالحرب الفرنسية على الإسلام والمسلمين.

لقد اختار ماكرون معاداة 1.7 مليار مسلم وتشجيع المزيد من الرسوم المسيئة إلى نبيّنا الكريم صلى الله عليه وسلّم، تحت غطاء “حماية حرية التعبير” ورفض كلّ النداءات الموجّهة إليه لاحترام الإسلام ومقدّساته وعدّها “خطاب حقد”، فليتحمّل نتيجة شرَّ أعماله إذن، وخاصة حينما يثور عليه المنتجون الفرنسيون قريباً ويحمِّلونه مسؤولية تراجع أرباحهم، وتثور المعارضة وتحمّله مسؤولية الإضرار بمصالح فرنسا في زمن كورونا والانكماش الاقتصادي. وعلى نفسها جنت براقش.

مقالات ذات صلة