-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“طالبات” محو الأمية يتمردن على المعلمات

نادية شريف
  • 2333
  • 2
“طالبات” محو الأمية يتمردن على المعلمات

تشهد مدارس محو الأمية التي تبدو هادئة أو يفترض بها أن تكون كذلك لاعتبارات عدة، حركات “تمرد” و “انقلابات” داخلية يصعب السيطرة عليها من طرف المعلمات لأن “الطالبات” هن في مقام أمهاتهن، لذلك كلما شددن الحبل أرخته المعلمات اتقاء “لدعاوي الشر”، السلاح الذي تشهره “الطالبات” في وجه المعلمات كلما عكّرن مزاجهن ولو بنصف كلمة !

معلمات يشتكين

عتيقة، صوفيا، كريمة ونادية هن معلمات بإحدى مدارس محو الأمية، التحقن بها عندما سدّت في وجهوهن أبواب المناصب التي تتناسب مع مستوياتهن الجامعية، فقررن تدريس الكبار مقابل “دعوة خير” وكفى بها “دعوة” ولكنهن لم يتخيلن أن “دعوة الشر” ستنزل عليهن “كالقدر المستعجل” كلما تأخرن عن تقديم “صكوك “الطاعة” لطالباتهن اللواتي ينطبق عليهن المثل الشعبي القائل:”قريني وأنا سيدك” تقول صوفيا التي عملت لفترة في مكتب محاماة كمتربصة واستطاعت أن تكسب قضيتين لحساب المكتب ولكنها لم تتمكن من السيطرة على طالباتها: “هن صحيح أميات، ولكنهن على درجة كبيرة من الذكاء و “الدهاء” مما يجعلني مستسلمة لهن طول الوقت خاصة وأنهن تفطن إلى القوانين المعمول بها على مستوى مدارس محو الأمية، هذه القوانين  صارت هي الثغرة التي يتحكمن فينا من خلالها، ومن ذلك أنهن يهددن الواحدة منا بترك قسمها  والانضمام إلى قسم  آخر حتى يفقدنها “النصاب” بحيث أن أجرة المعلمة  مرتبطة بعدد الطالبات اللواتي لابد أن يكن 40 طالبة، فإذا غادرت طالبة واحدة القسم أصبح من غير الممكن دفع مستحقات المعلمة وهو ما يجعلنا حريصات على إرضائهن وتقديم” قرابين” الطاعة والولاء لهن” وتضيف صوفيا التي بدت مستاءة من تصرفات طالباتها: “حتى عندما نستميت في تعليمهن لا ننتظر منهن جزاء ولا شكورا وكأنهن يقلن  لنا ” بلا مزيتكم ” ، وحتى ” دعوة الخير” يستكثرنها علينا فإحدى “طالباتي” وهي امرأة في خريف العمر، قالت لي: “أود أن أدعوا لك بالخير على مجهوداتك، لكن أخشى أن يذهب دعائي في اتجاه آخر لأننى مرة أخطأت ودعوت على إحدى المعلمات بدل أن أدعوا لها ! 

أما كريمة فتقول: تتراوح أعمار طالباتي بين 19 و70 وهن طالبات “مؤدبات” غير أنهن كثيرات الاحتجاج، بحيث كلما منحت نقطة جيدة لطالبة مجتهدة فتحت النار علي واتهممنى”بالجهوية” وكم مرة خرجن من القسم احتجاجا على النتائج التي يعتبرنها مجحفة بحقهن ولكني أحاول امتصاص غضبهن فأمنحنهن النقاط “صدقة” علّني أفوز برضاهن وأتجنب  “دعاوي الشر”  التي أصبحت “شرا لا بد منه مثلما تقول عتيقة وهي المشرفة على مدارس محو الأمية بإحدى بلديات سطيف،حيث تقول: لدينا

 “طالبة “مكثت في السنة الأولى ثلاث سنوات كاملة لأنها لم تتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، فحاولنا إيجاد صيغة مناسبة لها حفاظا على مشاعرها، فصرنا نكتب لها في الدفتر “تكمل السنة” أي أنها لن تنتقل إلى السنة المقبلة لأنها أصلا لا تنجز الامتحانات ولا تعرف حتى من أين يمسك القلم وهو ما جعلني أطلب من معلمتها أن تستثنيها من الامتحان، فجاءتني نافشة “عفريتتها” وأسمعتني” موشحا  عجائزيا  “وغادرت القاعة وهي تردد “خدعتوني ربي يخدعكم” !

عجوز تستعين بحفيدتها في الامتحان !

“في الامتحان تكرّم الأميات ولاتهان “هذه هي الحكمة التي تنطبق على طالبات محو الأمية لأنهن غير معنيات بالحراسة المشددة وإجراءت قمع الغش نظرا لخصوصية وضعهن، حتى أن المعلمات لا يتوانين في مساعدتهن إن ليس بالنقاط  ،فبالكتابة و الإجابة الصحيحة، تقول المعلمة نادية : لدي طالبة كبيرة في السن متأخرة جدا في الاستيعاب لذلك أقوم بالتصدق عليها بالنقاط ، أما كريمة فتقول أنها تقوم بكتابة الإجابة الصحيحة لطالباتها اللواتي تستعص عليهن الإجابة.

ومن أطرف المواقف التي حدثت بأحد الأقسام – تقول عتيقة – أن عجوزا جاءت بحفيدتها يوم الامتحان وأجلستها بجنبها لتكتب مكانها وعندما احتجت المعلمة ردت عليه العجوز قائلة “أنا أملي عليها وهي تكتب أين المشكلة ؟! “أما طالبة أخرى فقد كانت تتصل بأبنائها عبر الهاتف الجوال ليفيدوها بشرح إحدى الكلمات والمعلمة تسمع وترى !  

رغم أن تعليم الكبار أصعب بكثير من تعليم الصغار، وأن السيطرة على مزاجهم وطريقتهم في التفكير ليس بالأمر السهل، إلا أننا نتمنى أن تتسع صدور معلمات محو الأمية لهم، فيكفي أنهن يشرفن على إضاءة مساحة مظلمة في حياتهم لم تر النور من قبل… و أجركن على الله.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • bahia

    و الله يعني نشكروا معلمات محو الامية يقومون بمجهود كبير ان اجركم على الله

  • biba

    انها امي قرة عيني درست محو الاميه وادعو لمن علمتها بدلا عنها فجزيت كل معلمة و يكفيها اجرا اجر الله ثم ان امي تروي لنا حبها لمعلمتها مثلما فعلنا صغارا فشكرا لكم يا بطلات