الرأي

عار السلطة الفلسطينة!

رشيد ولد بوسيافة
  • 2170
  • 10
ح.م

لم تنتظر السّلطة الفلسطينية كثيرا لتعلن العودة إلى خطيئة التنسيق الأمني مع الصهاينة بعد الموقف الحازم الرافض لصفقة القرن وما أعقب ذلك من وقف التنسيق والتقارب مع الفصائل الفلسطينية، بشكل أعاد الأمل للجماهير الفلسطينية ومن ورائها الشّعوب العربية والإسلامية في تحقيق الوحدة الفلسطينية وتوجيه الجهود لمناهضة الصهاينة واستعادة الحقوق المسلوبة.

وعلى الرّغم من أنّ المراقبين يجزمون بأنّ التّنسيق الأمني لم يتوقف أبدا، لأنّ السّلطة الفلسطينية بالشّكل الذي أفرزته اتفاقات أوسلو قائمة على أساس التّنسيق الأمني مع الصّهاينة، إلا أنّ قوة التّصريحات الرّافضة لصفقة القرن من قبل كلّ رموز السلطة الفلسطينية أعطت انطباعا للرّأي العام بأنّ ثمّة تغييرا حدث في طريقة تعامل السّلطة مع ملف المفاوضات الذي ضيَّع حقوق الشّعب الفلسطيني وأوصل منظمة التحرير الفلسطينية إلى طريق مسدود، وكان أقوى تلك التّصريحات ما قاله أبو مازن رئيس السّلطة الفلسطينية “القدس ليست للبيع، وكل حقوقنا ليست للبيع والمساومة”.

وقد تجاوبت باقي الفصائل الفلسطينية حينها مع موقف السلطة الفلسطينية ورأت في ذلك فرصة لا تعوَّض لإعادة توحيد الصّف الفلسطيني، ففي المرة الأولى منذ جوان 2007 يتوحّد الفلسطينيون بكل فصائلهم على موقف واحد وهو رفض صفقة القرن التي منحتهم فتات دولة بلا سيادة ولا حدود، وأسقطت الثوابت الفلسطينية كالقدس وملف عودة اللاجئين. وقد طالبت الفصائل حينها السلطةَ الفلسطينية بإنهاء علاقتها بالاحتلال الصهيوني وتحديدا ملف التنسيق الأمني الذي يُعدُّ بحق عار السلطة الفلسطينية، لأنه هو الذي أنهى المقاومة في الضفة الغربية.
لكن بإعلان حسين الشيخ عضو اللجنة المركزيّة لحركة فتح، ووزير الشؤون المدنيّة في السّلطة الفلسطينية استئناف التّنسيق الأمني وعودة العلاقات مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، تعود حالة الانقسام الفلسطيني إلى ما كانت عليه قبل إعلان صفقة القرن، وتعود تلك المشاهد المخجلة عن مطاردة المقاومين الفلسطينيين من قِبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية وتبليغ جنود الاحتلال عن نشاطاتهم وأماكن تواجدهم !

إن التنسيق الأمني هو سبب ما حدث في غزة جوان 2007، أمّا في الضّفة الغربية فقد تمكنت الأجهزة الأمنية الفلسطينية من إنهاء المقاومة، واتّبعت في ذلك كل الطّرق المتاحة، حتى أنّها عرضت على المقاومين تسليم أسلحتهم مقابل وقف متابعتهم من قبل الاحتلال الصهيوني، وهذا في إطار التّفاهمات التي تجري تحت مظلة التنسيق الأمني، كما قدمت الأجهزة الأمنية الفلسطينية قائمة إلى الاحتلال بأسماء مقاومين من “شهداء الأقصى” عجزت عن اعتقالهم بسبب شعبيتهم الكبيرة وانتهى بهم المطاف إلى اغتيالهم على يد قوات الاحتلال.

هذا العمل الخيانيّ الذي عادت إليه السلطة الفلسطينية يقوّض كل مساعي توحيد الصف الفلسطيني من جهة، ويمثل هدية لا تقدَّر بثمن للدول المطبِّعة مع الكيان الصهيوني؛ فإذا كان الفلسطينيون أنفسهم ينوبون عن الاحتلال في خنق المقاومة والتبليغ عن المقاومين، فلماذا يقع اللوم على دول عربية أقامت علاقاتٍ مع الصهاينة؟!

مقالات ذات صلة