الرأي

“عربائيل”!

قادة بن عمار
  • 4953
  • 14

انخفض منسوب الشجب والإدانة هذه المرة، وكاد يختفي تماما عن الخطاب الرسمي العربي، ربما لأن هذا الأخير اكتشف فجأة، وبعد ثورات الربيع العربي التي هزت أنظمة استبدادية وأرعبت أخرى، أن ما يحدث في غزة، لا يمكن اعتباره عدوانا على شعب محاصر ومظلوم وإنما “تصفية حساب” مطلوبة مع فصيل سياسي ترى فيه أكثر من عاصمة عربية أنه بات يشكل خصما كبيرا.

كثير من تلك العواصم السياسية العربية تبدو  سعيدة جداومزهوّةبما يقوم به نتنياهو الذي بات وكيلا معتمدا لديها من أجل تصفية الخصوم السياسيين، ولو على حساب جثث الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وكل المدنيين.. ألم تقل صحيفة إسرائيلية قبل أيام أنّ ما يُدخل السعادة على قلب عبد الفتاح السيسي في هذا الظرف بالذات، رؤيته بيوت قادة حماس وهي تتحول إلى كومة حجارة! فما أدرانا أن هذا الشعور لا يساور قلوب بقية أصحاب الجلالة والفخامة والسمو!!

لقد انتقل الصمت العربي من مرحلته الأولى وبات يشكل فجورابأتم معنى الكلمة.. ولعلّ لسان حال أكثر من زعيم عربي يردد الآن فيقول: خلّي القطريين ينفعوهم؟!!

هكذا تحولت الدماء الفلسطينية إلى لعبة بين الأمم، والى أداة حرب يتم استعمالها من هذا الطرف أو ذاك دون خجل ولا أدنى شعور بالخزي أو العار..

هذه المرة قرّر الحكام العرب أن يوفِّروا قِممهم (قمامتهم) العظيمة وخطاباتهم التي كانت تشد على أيادي المقاومة، لأنهم تبينوا، ربما، أن النفاق لم يعد مجديا، وهم يراهنون فقط على سرعة العملية الصهيونية في عدوانها المستمر على القطاع فكلما كانت سريعة جدا، كلما ظفروا بنقاط جديدة.

حتى من كانوا يُحرجون هؤلاء القادة ويغرّدون خارج السرب الرسمي باتوا من الماضي.. فبعضهم قُتل على غرار صدام حسين والقذافي.. والآخر يغرق في معاركه الداخلية ويقتل من شعبه حفاظا على السلطة، أكثر مما قتلت إسرائيل في كل حروبها المستمرة على العرب، والحديث هنا طبعا عن بشار الأسد.

ولا يقتصر الأمر على القادة، بل يمتد حتى إلى بعض النخب العربية، في أكثر من بلد، هذه الأخيرة، أصبحت أكثر جرأة على المقاومة، فباتت تسخر من صواريخها وتدعو الصهاينة أن يتفوقوا عليها.. لقد بات حزب الليكود العربي أو عربائيل، أوسع انتشارا مما اعتقدنا، وبات حضوره الإعلامي وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، مدوّيا، لكنه مثل القنابل الضوئية التي يستعملها الكيان الصهيوني، فائدته لا تتعد أن تكون المساعدة على الاستطلاعوتنوير طريق القتل وسفك الدماء وترهيب الآمنين واغتيال المقاومين!

هكذا هي جميع قضايانا النظيفة.. لم تخل يوما من الخيانات القذرة، ولا من التخطيط لوأدها، والتآمر عليها، لكن المقاومة كانت تنتصر دوما وتخلع عن هؤلاء ورقة التوت الأخيرة التي تستر عوراتهم.. الفرق الوحيد هذه المرة، أنهم قرروا بمحض إرادتهم التخلي عن السترةوفضح أنفسهم مباشرة.. ربما لأن الخيانة باتت مهنة شريفةفي قاموسهم، أو ربما لأنهم ينتظرون المزيد من التقديرعلى حساب جثث المزيد من الأبرياء.. هؤلاء هم الليكود الجديد أو عربائيلمثلما سمّاهم الشاعر الكبير أحمد مطر.. أشد خطرا من العدو ذاته!

مقالات ذات صلة