-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تزامنا مع مسعى إماراتي صهيوني بتنفيذ مغربي لضرب العلاقات

عسكر مالي يخطئون مع الجزائر وخبراء يتوقعون مرور العاصفة

وليد. ع
  • 19556
  • 0
عسكر مالي يخطئون مع الجزائر وخبراء يتوقعون مرور العاصفة
أرشيف

تتعمد السلطات العسكرية في مالي بقيادة العقيد أسيمي غويتا، الجنوح بعلاقتها مع الجارة الجزائر نحو “توتر” لا طائل منه ولا يصب في مصلحة باماكو ولا في مصلحة دول المنطقة، بل يعبر عن نكران لفضل الجزائر على الجارة الجنوبية لعقود من الزمن.
ومنذ التوقيع عام 2015 بالجزائر على الاتفاق الذي ينهي الصراع بين التنظيمات في شمال البلاد والحكومة بباماكو، استقبلت الجزائر عشرات المرات قادة هذه التنظيمات على أرضها، في إطار مسعى تنفيذ بنود الوثيقة، وذلك من موقعها رئيسةً للوساطة الدولية لحل الصراع.
وطوال السنوات الماضية، لم تبد الحكومة المالية أي انزعاج من الحركة النشطة لقادة المعارضة بين معاقلهم في مدن الشمال والجزائر، لكن الأمر تغير هذه المرة بافتعال “انزعاج وهمي” من الجزائر لاستقبالها عددا من الفاعلين في الساحة.
وتزامن هذا الاندفاع من السلطات في باماكو مع المعلومات التي تتواتر في الأيام القليلة الماضية عن مسعى إماراتي صهيوني بتنفيذ مغربي، يتم من خلاله “ضرب العلاقات المتينة بين الجزائر وشركائها في دول الساحل”، و”تقويض جهود الجزائر لإحلال السلم والأمن” في منطقة أنهكها الاقتتال الداخلي والانقلابات ونشاط مكثف للتنظيمات الإرهابية التي تم وضعها من أجهزة استخباراتية غربية وإقليمية”.
ومن الصدف أن “الجفاء” الذي ميز العلاقات الجزائرية المالية بتعمد من هذه الأخيرة، شهد زيارة لوزير خارجيتها عبد اللاي ديوب، إلى المغرب للمشاركة فيما تسميه الرباط بـ”المبادرة الدولية للملك محمد السادس، لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي”.
وفي هذا الخصوص، يقول أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، البروفيسور عبد القادر سوفي، إن “ما سمي بالخلاف بين مالي والجزائر لا أظنه يرقى لدرجة التوتر، ولكنه سوء تقدير للأوضاع وللمخرجات، كما أكدته وزارة الخارجية في بيانها الذي تناول استدعاء السفير المالي بالجزائر”.
ويؤكد المحلل سوفي في حديث لـ”الشروق”، أن “الوزير احمد عطاف محق عند القول إن الجزائر تتمسك بالسيادة التامة لدولة مالي وسلامة أراضيها باعتباره مبدأ راسخا للسياسة الخارجية”، نافيا “تدخل الجزائر في الشؤون الداخلية للدول بما في ذلك الجارة مالي”.
وأبرز الأكاديمي أن الشغل الشاغل للجزائر هو “أن تكون الدول الصديقة والجارة في منأى عن ظواهر التهديدات بكل أبعادها، زيادة على سعي الجزائر لمرافقة دول الجوار من أجل استعادة السلم والأمن الدوليين والاستقرار الدائم”، مردفا أن “عدم الاستقرار يؤثر لا محالة على الجزائر”.
ويشدد المتحدث أن مسعى الجزائر هو جمع الأطراف في ظل مسعى أطراف لتقسيم الدولة الجارة، وهنا يوضح بخصوص استقبالها لعدد من الناشطين أن “انغماس الجزائر في عملية السلم منذ 2015 يجعلها في روح قانون الاتفاق، وهذا الأمر يعطيها الحق في التواصل مع جميع الأطراف والبحث في كيفية حل الخلافات الداخلية وفك العقد الموجودة التي تمنع إعادة بعث المسار وتجسيده ميدانيا”.
ويتابع سوفي “على هذا الأساس تعمل الجزائر جاهدة لإيجاد الميكانيزمات لتجسيد مسار الجزائر 2015… والمشكلة كما هي مطروحة لن تكون مشكلة إلا إذا عبَر عنها بعض الأشخاص ربما نواياهم سيئة ويسعدون عند إيجاد خلافات مع دول الجوار”.
ومن جهته، يؤكد الباحث في الشؤون الاستراتيجية، رشيد علوش، أن خلفية ما حدث مرتبط باستمرار المجلس العسكري بمالي في تجميد اتفاق السلم والمصالحة والاستعانة بقوات أجنبية مرتزقة لاستعادة السيطرة على الشمال، وهو المرفوض من الجزائر والأطراف المشاركة في مسارها، زيادة على جنوح السلطة العسكرية لاستعمال القوة للعودة في شمال البلاد بعد انسحاب قوات الأمم المتحدة “مينوسما” من مدينة كيدال.
ويوضح المحلل علوش لـ”الشروق” أن السلطات العسكرية المالية عطلت العودة لاتفاق السلم والمصالحة، الأمر الذي يجعل الجزائر تتحمل مسؤولياتها أمام مكونات الدولة المالية والمجتمع الدولي، من أجل تجنيب الجارة الجنوبية الغرق في الاقتتال مجددا.
ولم يستبعد المتحدث وجود طرف أجنبي معاد عمل على حصول نوع من التوتر بين الجزائر ومالي، قائلا “لا يمكن إغفال وجود مؤشرات بتحرك جهات ينظر لها أنها معادية تعمل على استهداف الجزائر عبر تحجيم دورها إقليميا خاصة في الساحل الإفريقي، عبر تحالفات تتم بين الكيان المخزني لتمويل أطراف تسعى لضرب استقرار المنطقة”، إضافة إلى أن الأطراف المعادية، وفق توصيف علوش، “تتحرك لتوتير مجمل المنطقة لإثبات صحة أن التواجد العسكري الفرنسي السبيل لبناء الاستقرار، وهو الأمر الذي يتناقض مع دول المنطقة ومع منظور الجزائر”.
والمتوقع من الجزائر، في تقدير الأكاديمي علوش في هذه الظرفية، أنها “ستلتزم بمبادئها الأساسية في عملها الدبلوماسي، والتي تحدثت عنها الخارجية، وهي الالتزام بوحدة وسلامة التراب الوطني المالي، والاستناد للطرق السلمية لحل مجمل النزاعات والإشكاليات والتأكيد على المصالحة كآلية أساسية”.
من جانبه، أوضح الكاتب الصحفي المالي، حسين آغ عيسى، أن “التوتر الحاصل حاليا بين الجارتين الشقيقتين الجزائر ومالي مجرد سوء تفاهم قابل للتسوية، لاسيما أن الأمر لم يصل إلى الأزمة حتى الآن، بل مجرد توتر يتمثل في تبادل استدعاء السفراء للنقاش، وأثناءه يمكن إيجاد الحلول، لاسيما أن الرغبة موجودة بحكم العلاقات الثنائية التاريخية والمصالح الاستراتيجية”.
ويؤكد آغ عيسى في حديث لـ”الشروق”، أن “الأطراف التي ‏أسعدها هذا التوتر وتحاول الاصطياد في مياه عكرة، أقول لها علاقات البلدين أهم من أن تتأثر بدعوة بسيطة للسفراء لمناقشة الموضوع”، ويتابع “لا يمكن تحت أي ظرف من الظروف أن تفصل بين شعبي البلدين بسبب النقاط المشتركة بينهما (الحدود والروابط الثقافية والاجتماعية)”.
ومن جهة أخرى، تفاعلت حركة البناء الوطني مع التطورات الحاصلة، حيث قالت في بيان لها، الأحد، “نتابع بقلق كبير ما يعيشه جوارنا والإقليم هذه الأيام من مقدمات غير بريئة في محاولة لصناعة واقع جديد تغذى فيه التوترات المختلفة لصالح بيئة جديدة يقتات منها الإرهاب والجريمة المنظمة وتجارة الأسلحة والمخدرات والهجرة غير الشرعية ورموز الفلتان ودعاة الفوضى بشكل متسارع ومقلق في الآونة الأخيرة وخاصة باتجاه الجزائر”.
وشددت الحركة، باسم رئيسها عبد القادر بن قرينة، على “ضرورة تطوير وتحيين العلاقات الاستراتيجية للجزائر والتحالفات التاريخية ضمن منظور جديد يدرس الواقع والمتغيرات في الجوار وفي العالم ومبنية على المصالح المشتركة بين الجزائر وأصدقائها”.
ونبهت الحركة إلى وجود أعداء تقليديين يتربصون بالجزائر، قائلة “تبقى الجزائر الأم الكبرى لجوارها… ومع حرصنا الشديد على سيادتها وشرفها، عليها أن تترفع فوق مهاترات أعداء معروفين يتحينون لتشويهها… فكما تاجروا وقايضوا الحق الفلسطيني بما لا يملكون، فهم قادرون اليوم بأن يتاجروا بأي شيء بعيدا عن الأخلاق ومبادئ حسن الجوار بما يزعزع الأمن والاستقرار في منطقتنا”.
وأضافت الحركة أنه “علينا بكل تروّ وحنكة تفويت الفرصة عليهم، خاصة مع الحكمة المعهودة في رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي وجب تفعيلها الآن أكثر من قبل، بما يفوت الفرصة على أعداء تقليديين لا يريدون الخير لوطننا ولأمتنا ويناصبون العداء لمؤسساتنا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!