جواهر
وجهات نظر

عقدتها.. وزنها وعمرها!

نادية شريف
  • 2700
  • 5
ح.م

ينصح الفلاسفة أن لا يسأل الرجل العاقل امرأة عن وزنها وسنّها، بل ويحثون الزوج على مناداة زوجته “صغيرتي” مهما بلغ عمرها لأن ذلك يسرها ويفرحها، كما يشيرون في تلميح مغرض إلى استياء بنات حواء من وزنهن سواء أكان تحت العادي أم فوق العادي، وكل ذلك صحيح، لكن فقط بالنسبة لنساء إيمانهن ضعيف وعقيدتهن مشوهة ويفتقدن للثقة بالنفس لأن معايير الحب والجمال لا تخضع لقياس معين وكل امرأة جميلة في عين شخص ما وبميزات بعيدة كل البعد عن ترهات الطول والعمر والوزن، وما إلى ذلك من العقد التي يزرعها الناقصون في قلوب الضعيفات.

وحتى لا نغطي الشمس بالغربال، فكل حضارة قائمة أو بائدة وضعت مقاييس لجمال المرأة وأخضعتها لعين الرقابة وجعلت منها مادة خام تتشكل وفقا للأذواق المتفق عليها عرفا، فالمرأة السمينة مثلا كانت في الحضارة اليونانية رمزا للذكاء العاطفي، وفي الحضارة المصرية القديمة رمزا للحكمة والهدوء، وفي الحضارة الهندية رمزا للعظمة والكبرياء، أما في الحضارة البابلية فكان من يود الزواج من السمينة مطالبا بدفع قنطار من الذهب عن كل 10 كيلوغرام من وزنها ثم تغيرت الصورة وكان لا بد من الإنقاص في القالب!

جاء العصر الحديث بكل ما يحمله من مستجدات ودخلنا في متاهة العولمة فبدأ الترويج للنحافة وفقا لما يخدم دور الأزياء العالمية التي أغرقت السوق بالخرق “العجيبة” “الغريبة” التي لا تليق إلا بـ “المعظمات”، لتصبح المرأة رهينة المتغيرات تزيد من الكيلوغرامات وتنقص لتبدو في الصورة التي رسموها لها وأرادوها أن تكونها، وبالتالي أصبح وزنها عقدتها التي تأبى أن تنفك!

وفي مقابل ذلك نجد السن المحدد لعنوسة النساء يرتفع وينخفض تبعا لظروف اجتماعية واقتصادية أيضا، ويختلف من بيئة لأخرى ومن سنة لأخرى، فعلى سبيل المثال كانت في الماضي التي تصل الثامنة عشرة دون زواج تصنف في خانة “البايرات” ثم ابنة العشرين فالخامسة والعشرين فالثلاثين فما فوق، وربما قد يأتي وقت لتصبح ابنة الأربعين صغيرة ولم يفتها القطار بعد في نظر البعض!!!

مهازل كثيرة حاصلة بيننا وأصابع الاتهام موجهة دوما نحو الجنس اللطيف الذي حاصروه بالمضايقات من كل الجهات وألصقوا به التهم وجعلوه مليئا بالعقد، على الرغم من أن الواقع يحوي نماذج لنساء لا يخجلن مطلقا من عمرهن ووزنهن، بل ويتكلمن عن ذلك من باب الطرافة لأنهن مدركات تماما أن جمال الباطن أهم بكثير من جمال الشكل وبأن عمر القلب وحياته أهم من عداد يومي يسير بلا توقف، ولعل شيخوخة الكثيرين وهم في عمر الشباب وحيوية الكثيرين وهم في عمر الشيخوخة خير مثال!

مقالات ذات صلة