-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

علي فضيل.. إلى عليين أيها الرجل الفاضل

علي فضيل.. إلى عليين أيها الرجل الفاضل
ح.م

لا تربطني بالرجل قرابة ولا أدعي أنني أعرفه عن قرب ولكنني عرفته فارسا من فرسان الكلمة وأنعم بها من غاية ففي البدء كانت الكلمة، هي أول ما كان وآخر ما سيبقى بعد أن يطوى الوجود ويفنى كل موجود، وصدق الله إذ يقول: “كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام” فكل موجود إلى زوال ودوام الحال من المحال والموت غاية كل حي والقبر صندوق العمل، يقول الشاعر: إذا حملت إلى القبور جنازة فاعلم أنك بعدها محمول، ويقول آخر: كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول.

رحل علي فضيل وترجّل الفارس، فاضت روحه إلى بارئها وبقيت أعماله شاهدة على أفضاله التي لا تنتهي وعطاءاته التي لا تنتهي، ترجل الرجل في زمن عزّ فيه الرجال ولكنه خلف في المجتمع آثارا طيبة لا ينكرها إلا مُكابر، لقد عاش الرجل رحيما بالفقراء، مغدقا على البسطاء، مادًّا يده لكل محتاج، يفرِّج كربة المكروبين ويمسح دمعة المهمومين، كان مثلا للتضحية وعنوانا للوطنية، هكذا عرفته كما عرفه الجزائريون والخيِّرون أجمعون.

ترجّل علي فضيل فبكاه اليتامى والثكالى وبكاه كل حرّ لأنه اختار أن يعيش لوطنه ولبني وطنه، وأن يخدم الجزائر من دون ثمن لأنه كان يعلم بأن الوطن بعد الله خالق كل شيء أكبر من كل شيء، كان حب الوطن يزداد في قلبه كلما مر بمحنة أو لاحت في أفقه أمارات فتنة.

 رحل الرجل وهو في عز عطائه الإعلامي، عاش للقلم، وهل هناك أشرف من القلم وربنا سبحانه وتعالى يقول: “ن والقلم وما يسطرون”؟ عاش على فضيل في قاعات التحرير وهو من نسل رجل عاش قبله في ميدان التحرير “عمي مسعود” الذي سبقه إلى الرفيق الأعلى وإلى جنة المأوى بإذن الله تعالى.

ترجّل علي فضيل وفاضت روحه إلى بارئها ولكن ستبقى أعماله الخيرية التي أسسها في البيت الشروقي ولكنها امتدت ووصلت إلى الكثير من البيوت حتى في الوطن العربي والإسلامي، لقد كان من المبادرين والسباقين إلى إغاثة الملهوفين والمحاصَرين في غزة هاشم وضم جهوده إلى جهود الخيِّرين من أبناء هذا الوطن المفدى الذين لا يزالون على موقفهم الداعم لفلسطين عملا بمقولة الرئيس الراحل “هواري بومدين” رحمه الله: “الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.

في بداية الألفية الثالثة ازداد شغفي بالكلمة، وكانت الساحة الإعلامية حينها شحيحة إعلاميا، ومع القليل الإعلامي المتاح آنذاك فضلت أن أكون قلما من أقلام “الشروق اليومي” لأنني وجدتُها أقرب إلى قناعاتي الدينية والوطنية والفكرية، فطفقت أكتب لها حبا فيها وإعجابا بمنهجها رغم أنني لا أتقاضى أجرا على ما أكتب، فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان فحسبي أنني أسهم في الرسالة التنويرية والنبيلة التي تقوم بها “الشروق اليومي” التي رُزقت بعد ذلك بأخواتها “الشروق تي في” و”الشروق نيوز” و”الشروق بنة” وسلسلة شروقية كثيرة تسهر عليها كوكبة من الإعلاميين من خيرة ما أنتجت الجامعة الجزائرية.

في الحديث أنه “إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له”، وأحسب أن “علي فضيل” ولا نزكي على الله أحدا، قد جمع هذه الفضائل كلها، فهو صاحب اليد الممدودة والعطايا غير المحدودة، وهو محبٌّ للعلم والعلماء ومكرماته في هذا المجال أشهر من علم، وهو الرجل الذي خلَّف جيلا يجري في عروقه كرم أهل البويرة ونخوة الجزائريين وعزة المسلمين “ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين”.

ترجّل علي فضيل، هذا قضاءٌ وقدر وسنة الله التي تجري على كل البشر ولا نملك إلا أن نقول ما يُرضي ربنا وما قاله المؤمنون المحتسبون قبلنا: “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلواتٌ من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون”.

ترجّل علي فضيل ورجل عن دنيانا ولا سبيل للقياه إلا هناك في جنة المأوى التي وعد الله بها عباده المؤمنين الموحدين، هذا رجاؤنا الذي نرجو أن ندركه بأعمالنا حتى يصدق علينا قول ربنا: “فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا”.

ترجّل علي فضيل وأفضى إلى ربه ولكن سيبقى يذكره الذين أحبوه عن قرب أو عن بُعد ولن يضره من يجافيه أو يعاديه ممن لا يعرفون للأحياء ولا للأموات قيمة ولا يرجون بالدعاء لهم إلى الله الوسيلة ولا يعملون حتى بهذه الوصية “اذكروا محاسن موتاكم”.

ترجّل علي فضيل بعد أن عاش كريما سخيا رقيق المشاعر مُحبا للقرآن وأهله “وما شهدنا إلا بما علمنا” وما برنامج “الماهر بالقرآن” الذي حرص فيه شخصيا على تكريم أهل القرآن، أهل الله وخاصته إلا دليلٌ على خيرية هذا الرجل وحبه للقرآن.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!