-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عاش بسيطا متواضعا بشوشا بلا حاجب ولا سائق ولا بودي قارد

علي فضيل.. الاجتماع الأخير و”لقاء الوداع”

كريمة خلاص
  • 15764
  • 2
علي فضيل.. الاجتماع الأخير و”لقاء الوداع”
أرشيف

ليس سهلا أبدا أن نكتب عن الرئيس المدير العام لمجمع الشروق علي فضيل.. عملاق الإعلام الطيب.. رجل شيد إمبراطوريته بالعمل والإخلاص والإنسانية والاتزان والبساطة والتواضع والبشاشة.. امبراطورية منح فيها الفرص للجميع.. مبتدئين ومحترفين وفتح معها أبوابه للاستماع لانشغالات الجميع المهنية والاجتماعية، فرغم ثقل المسؤولية كان في كل مرة “يقتنص” الوقت للاجتماع بعمال المؤسسة، خاصة في الفترة الأخيرة بسبب الأزمة التي تمر بها، فكان الزميل والأخ والأب والصديق…

شاءت الصدف أن يجتمع علي فضيل بعمّال مختلف فروع المجمّع بأيام قبل سفره إلى فرنسا في مهمة شاء القدر أن تكون الأخيرة… لقاؤه الأخير كان بمثابة خطبة الوداع، حيث برمج اجتماعا مع عمال القناة وصحفييها وكذا مع عمال الجريدة  وصحفييها ولقاء آخر بصحفيي بوابة الشروق الإلكترونية قبيل وعكته الصحية بحوالي أسبوعين… اجتمع الجميع في قاعة التحرير في حدود الواحدة والنصف بعد الزوال، منصتين إلى كلمته التي لامست أحاسيس وعواطف الجميع وهو يستسمح ويعتذر ويطيّب الخواطر ويجبرها عن أي تقصير أو سهو أو انشغال يكون قد حال دون التقائه بعمال الجريدة الذين أعرب لهم عن حبه العميق لهم ومكانتهم في قلبه وأنّهم أساس مجد المجمع، حيث قال “إنكم الأحب إلى قلبي وأنا مطمئن من جهتكم.. فأنتم من صنعتم أمجاد “الشروق” ووقفتم إلى جانبها وهي محاصرة في أصعب ظروفها.. أنتم من كافحتم وصبرتم ووقفتم إلى جانب المؤسسة..”، كان يحمل أحلاما ووعودا ومستقبلا زاهرا للمجمع ويفتح المجال في كل مرة للجميع للتعبير عن انشغالاتهم.. وكانت الابتسامة رفيقة اللقاء التي لم تغادر وجهه.. كان يحمل من التفاؤل ورحابة الصدر ما يجعله يمتص كل الهموم التي إن لم يستطع حلها جبر خواطر أصحابها ولو بكلمة طيبة، مرددا دوما “أنتم الشروقيون.. أنتم أولاد الدار”… كان اللقاء بعثا جديدا للأمل في فترة صعبة للغاية وعد خلاله بتسوية جميع الأمور العالقة والنظر في بعض المطالب المهنية للعمال، وإعادة ترتيب البيت الذي تضرر من المؤامرات والمنافسة غير الشريفة لبعض مرضى النفوس…

هكذا تعامل الشروقيون مع مرض مديرهم العام

بعدها بأيام بلغ إلى علمنا خبر تواجد المدير في رحلة عمل بفرنسا… وبعد ثلاثة أيام بلغنا في قاعة التحرير أن فقيدنا يتواجد بمستشفى فرنسي إثر إصابته بسكتة قلبية أرقدته في غيبوبة، كان يوما حزينا وكئيبا للغاية.. الجميع تائهون وحائرون.. كل واحد يحاول اقتناص معلومة صحيحة أو إضافية علّها تجبر خاطره وتخفف عنه قلقه، إلى غاية نشر بيان لمجمع الشروق للإعلام والنشر بتارخ 16 أكتوبر أكد أن “الرئيس المدير العام لمجمع “الشروق” علي فضيل تنقل إلى فرنسا رفقة وفد من إطارات المجمع من أجل المشاركة في تظاهرة خاصة بميدان الإنتاج التلفزيوني، حيث تعرض لوعكة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى وأنه في تحسن مستمر”.. لم يقض البيان على قلق العمال الذين كانوا يتصلون بكل شخص أو مسؤول يعتقدون انه يملك جزءا من المعلومة، وأقربهم في ذلك شقيقة الحاج رشيد أو أبناء إخوته أو أسرته.

ومع بداية الأسبوع بالضبط يوم الأحد 20 أكتوبر عقد المدير المساعد رشيد فضيل اجتماعا مع موظفي المجمع لإطلاعهم على المستجدات الصحية للمدير وطمأنتهم بأنه في حالة مستقرة وبجاحة إلى دعوات خالصة من كل من يعرفه.. كان الجميع يتابع كلام الحاج رشيد بتأثر وانتباه، مؤمنين على كل الدعوات وأن يعيده إلينا سالما معافى، لم يكن الخطاب مطمئنا كثيرا رغم الشجاعة والقوة اللتين أظهرهما، فقد بدا متماسكا متوازنا، غير ان عينيه كانتا تفضحان الألم والقهر الذي يحاول إخفاءه…

كان يقبل جبين عاملة النظافة ويرفض توقيع الاستقالات

تفرق بعدها الجمع، غير أنّ وشوشات كانت تنبعث من هنا وهناك تستذكر موقفه الأخير وكلماته المؤثرة وتواضعه وخجله وكيف ان بساطته جعلته يتخلى عن “البهرجة” والهالة التي يثرها كثير من الشخصيات والمسؤولين حولهم، فلم يكن لديه سائقه الخاص ولم يكن لديه حراس شخصيون “بودي قارد”، ولا حاجبا أو سكرتيرة.. كان يحترم الفقير والضعيف قبل الغني والقوي.. جميعنا يتذكر كيف كان يقبل جبين عاملة النظافة بالمؤسسة “الحاجة” كما نسميها في كل مرة يراها وكيف كرمها في تقاعدها.

ولعل من أكثر المواقف تكرارا التي يرددها الجميع هو رفضه توقيع استقالات العمال، وكان يحرص دوما على إقناعهم بالعدول عن موقفهم، فاتحا أمامهم الباب في حال الرغبة في العودة للمؤسسة قائلا “انتم اولاد الدار ومرحبا بكم متى أردتم”..

وطيلة المدة التي قضاها علي فضيل في غيبوبته، كانت الدعوات في قاعة التحرير ترفع صباح مساء، وكانت الأحاديث عن مواقفه الرجولية تستحضر وكيف انه ساعد فلانا في قضاء دين أو تسديد أشطر سكنات عدل وكيف أنه ساعد عاملا تعرض لحادث أو مرض ولم يوقف عنه راتبه طيلة تلك المدة وكيف انّه سوّى نزاعات وخلافات مهنية بين زميلين متخاصمين وكيف أن جميع من يدخل مكتبه غاضبا ناقما إلاّ ويخرج منه ضاحكا راضيا.. ومواقف لا يتسع المقام لذكرها ولم تعرف إلا وهو مريض يصارع الموت.

10 أيّام كاملة عاشها عمال وصحفيو مجمع الشروق على أعصابهم يستفيقون كل يوم على أمل سماع خبر جديد سعيد، لكن الأخبار تتشابه ولا جديد يذكر… إلى أن أذيع ونشر خبر وفاته الرّسمي الذي نزل كالصاعقة التي زلزلت قلوب محبيه وكل من عرفه أو سمع عنه…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • نور الدين

    أذكورا موتاكم بخير وحدثوا عن محاسنهم فذلك ما سيجدون في دار القرار، رحمه الله وغفر وله وغفر لنا وألحقه بالصالحين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، كل نفس ذائقة الموت، فمن ذكر أخاه الميت بخير ذكره الناس بخير فأحسنوا الظن بالله وبأنفسكم وبالناس، فالله عند حسن ظن العبد به ... وإنا لله وإنا إليه راجعون.

  • Kimo13

    رحم الله الفقيد. و الله ما احسن ان يلاقي ربه و الكل راض عنه. اللهم ثبته عند سوءال الملكين يا رب. اللهم ارحمه برحمتك الواسعة. اللهم اغفر له يا رب . اللهم صبر أهله و كل عمال الشروق بمختلف المجالات