-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عندما تصيب النّقابة وتعترف الوزارة

جمال غول
  • 564
  • 0
عندما تصيب النّقابة وتعترف الوزارة

بتأسيس المجلس الوطني المستقلّ للأئمة وموظفي قطاع الشؤون الدينية والأوقاف (النقابة المستقلة للأئمة) شريكا اجتماعياً قانونياً، ومعتمداً بصفة رسمية، عمل المجلس على وضع الرؤية الصحيحة للقضايا التي تشغل أبناء القطاع، وهي مستلهمة من الممارسة الميدانية، والاستشارات المختلفة التي شملت الموظفين والمختصين والخبراء، والتجارب الناجحة في الشأن الديني، ومبنية على التخطيط والاستشراف العلمي، مما سهّل عليه تقديم عديد المبادرات والاقتراحات، منها ما جُسّد -ولله الحمد- ومنها ما هو في طريق التطبيق بحول الله، ومنها ما ينتظر، عسى أن يكون قريباً.

وما تمّ تطبيقه من مقترحات المجلس ومبادراته هو توفيق من الله تعالى، وهو دليل واضح على صحة النهج الذي سار عليه المجلس، ومن ذلك ما يلي:

أولا: تأسيس المجلس في 15 سبتمبر 2012 لم يكن على هوى الوزارة الوصية، إذ عبّر الأمين العام السابق صراحة عن رفضه لهذا التأسيس بحجة “حساسية القطاع وقابليته للانفجار” على حدّ قوله آنذاك! بينما كان تصوّر المؤسسين أنّ تأسيس المجلس سيكون إضافة إيجابية للقطاع، وسيقدّم قوة اقتراح ونضال تخدم القطاع، وبعد أن كان هذا التأسيس مستهجنا يُتخوف منه الإساءة إلى منصب الإمامة بفعل بعض الممارسات النقابية في بعض القطاعات الأخرى، وفي بعض الدول، أصبح إضافة نوعية لإبراز جهود الأئمَّة خصوصا والقطاع عموما، ومحل استشارة من قبل الوزارة ومن قبل هيئات رسمية أخرى في مشاريع كثيرة قطاعية ووطنية، كما أصبح صوتا قويا لرفع انشغالات القطاع وأهله، لدى الجهة الوصية، والسلطات المحلية والتشريعية بغرفتيها، ويشاء اللّه العليّ القدير أن يكون تاريخ تأسيسه هو نفسه التاريخ الذي رُسِّم فيه اليوم الوطني للإمام الذي سيُحتفى به كل عام، والحمد لله رب العالمين.

ثانيا: عندما أغلِقت المساجد في 17 مارس 2020، وطال غلقها بالموازاة مع الفتح الذي شمل مجالات ومؤسسات عديدة، وذلك بناء على مبدأ التعايش مع الوباء، كان تصوّر المجلس هو الفتح التدريجي للمساجد، وهو ما عارضه الكثيرون بحجة المغامرة، وصعوبة نجاحه، ولو تمّ فلا بد أن يكون في ظل حماية المصالح الأمنية، وقدّم مجلسنا مخططا تضمّن بروتوكولا وقائيا، وهو الذي اعتُمد بنفس الاسم المقترح، ونحج الفتح التدريجي، وكان تصوّر مجلسنا في محلّه، وأعطى قطاعُنا صورة راقية رائدة في الالتزام بالبروتوكول، وراحت الوزارة تدشّن هذا الفتح التدريجي وتتكلم عنه في مختلف القنوات، معترفة بلسان المقال أنّ تصوّر المجلس كان صواباً، ومقترحه كان قويا صالحاً، والحمد لله مُسدي النّعم.

بعد أن كان هذا التأسيس مستهجنا يُتخوف منه الإساءة إلى منصب الإمامة بفعل بعض الممارسات النقابية في بعض القطاعات الأخرى، وفي بعض الدول، أصبح إضافة نوعية لإبراز جهود الأئمَّة خصوصا والقطاع عموما، ومحل استشارة من قبل الوزارة ومن قبل هيئات رسمية أخرى في مشاريع كثيرة قطاعية ووطنية، كما أصبح صوتا قويا لرفع انشغالات القطاع وأهله، لدى الجهة الوصية، والسلطات المحلية والتشريعية بغرفتيها.

ثالثا: عندما كان الحديث عن تعديل القانون الأساسي للقطاع من الممنوعات لا يُتحدث عنه، خاصة بعد تعليمة ترشيد النفقات في ديسمبر 2014، التي منعت أيَّ تعديلات تترتب عنها تبعاتٌ مالية، وهو ما جعل الوزارة في عهد الوزير السابق تمتنع عن تقديم أي مقترح، وكان تصوّر المجلس أنه لابد من تقديم المقترح للجهات المختصة رغم وجود المنع؛ لأن ذلك سيكون بمثابة صرخة لإظهار حاجة القطاع إلى هذا التعديل، وتحضيرا لجاهزية المشروع متى حاز الضوء الأخضر، ثمّ سيرًا على أٓثَر ما قامت به قطاعات أخرى، والتي بلغ عددها ستة وعشرين (26) قطاعا، وبالفعل اعترفت الوزارة بضرورة فتح هذا الملف، مصرّحة: ما المانع من أن يكون قطاعُنا رقم 27؟ وبدأ العمل بناء على هذا التصوّر الذي قدّمه مجلسُنا بحمد لله تعالى.

رابعا: قدّم المجلس مقترحا لتعديل القانون الأساسي مبنيا على أسس قانونية، وأسباب موضوعية؛ تأطيرا للعجز وتحسينا للوضعية المهنية الاجتماعية، وتصحيحا للأخطاء الواردة في هذا القانون، وفي بداية مارس 2021 تمّ عقد ورشة حول مقترح المجلس، تمّ فيها عرض المقترحات على المصالح المركزية ومناقشتها، لتتوّج الورشة بإشراك المصالح الخارجية للقطاع في إثراء هذا التعديل، وتمّ فعليا توجيه مراسلة لتلك المصالح لتقديم إثراءاتها، وعندما اجتمعت اللجنة المعيَّنة لتحرير النسخة النهائية في 22 ماي 2022، كان مقترح المجلس هو الحاضر الأقوى، خاصة ما تعلّق بترقية أساتذة التعليم القرآني والمؤذّنين، واستحداث رُتب جديدة تسمح بترقية الأئمة، وهو نفس ما تكلّم به الوزير في البرلمان ردا على أسئلة البرلمانيين بتاريخ 27 ماي 2022، فوافقت تصريحاتُه رؤية مجلسنا وكأنها تخرج من مشكاة واحدة والحمد الله تعالى.

خامسا: صرّح الوزير قولا وكتابة بأنه لا يمكن المطالبة بإدماج القائمين بالإمامة بسبب تعهّد الوزارة بذلك بعد الإدماج الذي حصل في 2018، وكان تصوّر مجلسنا أن التعهّد قد نُسخ بالمرسوم الرئاسي الخاص بالإدماج الصادر في ديسمبر 2019، إذ سيُدمج الآلاف من المتعاقدين ضمن الصيغ التي حدّدها المرسوم، وبالتالي أصبح توجّه الحكومة هو الإدماج فلابد من المطالبة بإدماج المتعاقدين في الشؤون الدينية، ومنهم القائمون بالإمامة، ومتعاقدون آخرون، حتى وإن لم يشملهم مرسوم الإدماج، وذلك ما سجّلناه في عدة محاضر رسميّة، وها هي الوزارة تنتهج تصوّر المجلس في السعي إلى المطالبة بإدماجهم، وما إن تحركت حتى حظي المطلب بموافقة مبدئية، وبقي التفاوض على بعض الآليات؛ كإدماجهم في مناصب مالية جديدة، أو في المناصب المحرّرة، وللّه الحمد والمنّة أوّلًا وآخِراً.

هذه خمسة نماذج تدلّ بوضوح على صواب تصوّرات مجلسنا، وسلامة رؤيته، وقوّة اقتراحاته، وهذا النّهج من أهم المسالك النضالية للوصول إلى الأهداف وافتكاك الحقوق بعون اللّه تعالى، وباعتراف الوزارة بهذا الصواب والقوة يُعبَّد الطريقُ نحو العمل المشترك الذي يخدم القطاع، وبهذه الشراكة الاجتماعية نصنع التكامل الذي ينتج الفعل الحضاري، وهكذا كلما أصابت النقابة واعترفت الوزارة كانت المصلحة العامة هي المنتصرة، وإن تأخرت الوزارة في الاعتراف فالشراكة على المحك، ولهذا نقول: إن تأتي متأخرا خيرٌ من ألا تأتي أبدا، ونرجو أن لا يتحوّل التأخر بالاعتراف من استثناء إلى أصل، وأن يُقدَّم الاعتذارُ عن أي تأخر أو تلكُّؤ يقع، والاعتذار من شِيّم الكرام، وعلامة في سوق الرجولة مسجلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!