الجزائر

عندما تنقلب الأمور في المجتمع…من ضرب الزوجات إلى ضرب الأزواج

الشروق أونلاين
  • 25814
  • 90
ح.م

بعض الرجال يغفلون عنه فيعتبرونه ثورة أنثى، زوبعة في فنجان أو سحابة صيف سرعان ما تزول ويعود الصفو إلى العائلة، إلا أن الأمر قد يتطور أكثر من هذا ويتحول الزوج من رب العائلة والآمر الناهي فيها إلى ضحية يتلقى يوميا أنواعا مختلفة من العنف من قبل أقرب الناس إليه؛ زوجته وشريكة حياته، فالمولى عز وجل جعل طاعة الزوجة لزوجها أساساً لدخول المرأة الجنة، وأهم ركيزة لاستمرار الحياة الزوجية.

ورغم أن الديانات السماوية قد تعرضت كلها للتحريف باستثناء الإسلام، لكنها جميعها تحث المرأة على الإحسان إلى زوجها، وهو ما جعل الإسلام يؤكد على ضرورة طاعته والإحسان إليه.  قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلاّ قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا”. رواه الترمذي  .

 

تتغنى الجمعيات النسوية منذ سنوات بأنها تكافح ظاهرة العنف ضد المرأة، وقد طالبت في مقامات عديدة بإنصافها لكونها ركيزة أساسية في المجتمع وأحد دعائمه، وبالفعل تمكنت المرأة من نيل الكثير من الحقوق بدءا من المكانة الرفيعة التي منحها لها الدين الإسلامي وصولا إلى عيدها العالمي من كل سنة، إلا أن هذه الكائنة الوديعة فقدت مؤخرا أنوثتها وتمردت على آدم، فقد حولها الدعم الاجتماعي والقانوني المطلق الذي تتلقاه إلى كائن مفترس يكشر عن أنيابه ولا يتوانى في رفع يده وتعنيف شريكه بمختلف الأدوات والأغراض، لتنقلب الآية وتصبح المرأة التي ظلت سنوات ضحية، متهمة.  

إلى ذلك، سجلت المحاكم الابتدائية حسب رجال القانون في الست سنوات الأخيرة تناميا محسوسا في ظاهرة العنف ضد الرجل، وحول أسباب بسيطة تافهة، مثلما حدث للسيدة “ح. ن” وهي عروس في العشرينات من العمر، توبعت أمام محكمة حسين داي، بالضرب والجرح العمدي، فقد كانت في حالة غضب شديد وهيجان، بعد أن قرر زوجُها الهروب من الشجارات اليومية، فتناول خشبة وقسم بها البيت إلى قسمين؛ جزء خاص بها والثاني له، ولأنها لم تستسغ الأمر ثارت ثورتها فأخذت تحطم أغراض البيت ثم أمسكت زوجها وبدأت تضربه على الجدار. وخلال المحاكمة اعترفت “ح. ن” بالأفعال المنسوبة إليها، موضحة بأن زوجها أراد خنقها فاضطرت إلى الدفاع عن نفسها، ووسط استغراب الحضور بالقاعة ودهشتهم، صفح الضحية عنها ليعودا معا إلى عش الزوجية الملغم.

وأمام ذات المحكمة، وقف رجلٌ يبلغ من العمر 38 سنة، محرجاً يشكو للقاضي عنف زوجته التي تناولت قارورة مشروبات غازية وشجت بها رأسه أمام مرأى أولاده ومسامع الجيران، وقد أساءت الحادثة إلى مكانته كرجل في الحي، حتى أنه بقي دقائق تحت تأثير الصدمة ولم يستوعبها، ولأن نخوة الرجولة ثارت بداخله، تناول سكيناً من المطبخ وأقسم بأغلظ اليمين على قتلها فهربت إلى الشارع وهو يطاردها، ولم يرض الزوج إلا بعد أن ترجَّته زوجته أمام القاضي والمواطنين الحاضرين في القاعة وطلبت منه الصفح عنها ووعدته أن لا تقدم على تصرف مماثل مستقبلاً، وعفا عنها الضحية حرصا على مصلحة العائلة كما قال.

 ولأن الظاهرة تفشت في المجتمع وأخذت أبعادا خطيرة وعرفت تطورا في “الأسلحة” المعتمد عليها، فقد تعرض “ل. ح”، رجل في الأربعينات من العمر، إلى الضرب والجرح العمدي من قبل طليقته “ك. ن” باستعمال “بالة”، فبعد أن قصد الضحية بيت المتهمة لزيارة أولاده وفقا للموعد الذي حدده له القانون، وبمجرد أن لمحته ثارت ثائرتها وانتابتها حالة هيستيريا وغضب شديدان فتناولت “البالة” المستعملة في أشغال البناء وانهالت عليه بالضرب مسببة له جروحاً في أنحاء متفرقة من جسده ورأسه، ولأنها كانت في حالة غضب شديد، قرر أن يعود أدراجه ليتفادى المواجهة معها، فلحقته إلى شرفة العمارة وقذفته بموقد أصاب السيارة ولحسن حظه تمكن من تفاديها، وقد صرح الزوج للقاضي بأنه قضى 25 سنة في جحيم زوجته التي تحبه بطريقتها وتغار عليه كثيرا، فقد كانت تضربه وتهدده بالقتل وقد أشهرت في وجهه السكين عدة مرات ولم تكتف بهذا بل تعمد لتحريض أبنائهما عليه في كل مرة وهو ما حوَّل حياته إلى جحيم فعزم على تطليقها.

ولكون العنف ضدّ الرجل هو موضوع الساعة استحدث ناشطون على “الفايسبوك” عدَّة صفحات يطالبون فيها حواء بوقف أعمال العنف المنافية لفطرتها، داعين لتشكيل جمعيات رجالية تدافع عن حقوقهم وتعيد موازين القوة إلى نصابها.

إلى ذلك، أوضح الأستاذ بهلولي إبراهيم، محامي معتمد لدى المحكمة العليا وأستاذ بكلية الحقوق ببن عكنون، أن المحاكم الابتدائية والمجالس القضائية تعالج يوميا العشرات من قضايا الضرب والجرح العمدي والذي يكون ضحيته الزوج، مشيرا إلى أن العقوبة تحددها نسبة العجز الناجم عن الضرر والذي تثبته الشهادة الطبية وشهادة الشهود، مستطردا أن هناك العديد من الأزواج يستخرجون شهادات طبية أو يعتمدون الأحكام الجزائية لتقديمها كدليل أمام قاضي الأسرة وتعجيل إجراءات الطلاق. وأكد الأستاذ بهلولي أنه صادف في مساره المهني الكثير من الحالات لأزواج يتلقون الضرب يوميا من قبل زوجاتهم حتى أن الأمر أصبح يرهبهم ويخشون النوم في المنزل، لتنتهي معاناتهم بفك الرابطة الزوجية بالطلاق. معتبرا أن تحرر المرأة وخروجها للعمل وإحرازها لنجاحات وتطورات على أصعدة مختلفة وانتشار الخلع وتقبل المجتمع له… كلها أسباب شجعتها على الاستهتار وضرب زوجها حتى وان كان تصرفا محظورا اجتماعيا.

 

مقالات ذات صلة