-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مراهقات مجنونات وأمهات حائرات

عندما يصبح “البوي فريند” موضة العصر ودليل التحضر

نادية شريف
  • 2214
  • 1
عندما يصبح “البوي فريند” موضة العصر ودليل التحضر
ح.م

المراهقة من أصعب فترات الحياة التي أصبحت في السنوات الاخيرة ظاهرة تؤرق العائلات، مع تطور تكنولوجيات الإتصال والتواصل أصبح من الصعب السيطرة على سلوكيات المراهقين خصوصا البنات منهن، حيث أضحت الأمهات دائمات الشكوى من سلوكيات بناتهن والخوف عليهن من الانحراف الأخلاقي ومخالطة الجنس الآخر، بحكم أن الزمن تبدل وأصبحت من لا تملك صديقا لها أو بالأحرى حبيبا فهي متخلفة ولا تعرف الحياة وقديمة بحسب تعبيرهم، وهذا أخطر ما تخافه الأمهات في مثل هذه السن الحرجة ومن هنا تحاول الأم دائما التدخل لتغيير سلوكيات وتصرفات بنتها، لكن لا تدرك أنها في هذه الحالة تزيد من عناد الفتاة وإصرارها على التمرد وفرض نفسها والبحث عن عالم بديل لتعيش فيه، وتصبح الصديقات والأصدقاء سواء كانوا جيدين أو سيئين هم مخزن أسرارها.. المهم أن تجد فيهم ما يتوافق مع أفكارها الباحثة عن الحرية وإثبات نفسها وأنها صارت ناضجة و لها حرية القرار في حياتها واختياراتها.

التقينا البعض من الأمهات وبناتهن واستطلعنا آرائهن حول هذا الموضوع الذي يمس كل أسرة وعدنا بقصصهن ومعاناتهن.

 ابنتي مرضتني وجلبت لي الفضيحة

هدى” هي أم لأربع بنات أكبرهن جنّنتها بعدما بلغت الـ13  سنة أخذت سلوكاتها تتبدل تدريجيا وصارت لا تتوقف عن تزيين نفسها، وتظل تطل من النافذة وتتحدث مع أبناء عمومتها لمدة طويلة وكلما صرخت عليها لا تعيرني أدنى اهتمام وتعيد الكرة ومرة فاجأتني ونمصت حواجبها تقليدا لاحدى صديقاتها رغم أنها تدرك أنني حتى أنا والدتها لا أقوم بذلك فهو حرام، لكن فعلت ومهما صرخت أو ضربت فلا تبالي وكأنما جلدها أصبح مطاطا لا يشعر ولا يحس بشيء من الألم حتى أنني تعبت من ضربها، ومع بلوغها سن الـ 14  جنّ جنونها على هاتف نقال ولكن لم نشتر لها واحدا، ومرة وجدت عندها هاتفا فسألتها من أين لك فادعت أنه لصديقتها أعارتها إياه فجنّ جنوني وعرفت أنها تواعد أحدا فكسرته لها لكن لم تخف ووجدت مرة اخرى عندها هاتفا فكسرت شريحته، وصارت كل مرة تشتري شريحة وراء اخرى ولا تتوقف عن الكلام رغم أن والدها جد متشدد ولا يحب مثل هذه الامور، تتنهد ثم تقول متحسرة: بقدر ما أسعدتنا في صغرها بارتداء الحجاب بقدر ما جننتنا في مراهقتها انها لا تسمعني أبدا وتضعني في وجه المشاكل مع والدها الذي دائما صار يعايرني بخلفتي للبنات وبعدم قدرتي على تربيتها لقد مرضتني وأصبت بارتفاع الضغط الذي امتد الى عيوني حتى صرت لا أرى جيدا، ورغم أن والدها جد عنيف الا أنها لا تهتم أبدا ولا تخاف بل تصر على تكرار الاخطاء وعدم الانتباه والتركيز على دراستها، وكلما تكلمت معها لأنصحها تقول لي أنني قديمة ولا أعرف شيئا ولا أعرف حتى الكلام وأنني امرأة لا تعرف من الدنيا سوى جدران بيتها، المهم لا تنصت لي بتاتا مهما جئتها بالحسنى وصرت جد خائفة أن تفضحني أو أن يخدعها بسهولة أي شاب، فهي كما يقال “خفيفية وادايها الريح”، معاناة هدى مع ابنتها لم تتوقف عند هذا الحد بل امتدت الى بداية العام الدراسي الجديد الذي جاءها بما كانت تتوقع وما تخوّفت منه حدث لقد فضحتها ابنتها وجلبت العار والكلام لوالديها وسط العائلة، تواصل هدى حكايتها مع ابنتها ناريمان رغم أنني حبستها كل العطلة الصيفية ومارست عليها رقابة شديدة، الاّ أن الموسم الدراسي بدأ وما إن بدأ حتى جاءتنا بفضيحة لقد جاء حبيبها المتخفي وفضحها بعدما تركته وذهبت لتصاحب آخر، لكن مع من جاء مع ابن عمها ولم يخف وتحدث على أنه يعرفها وصدمت عندما سمعته ما كان يقول عن ابنتي التي لم أكن أتوقع أنه بامكانها القيام بذلك مهما شطحت كقريناتها من البنات، لكن تصل جرأتها الى حد الذهاب معه الى بيته، بعدها سقطت ارضا وانفجر والدها علينا لقد فضحته وسط العائلة مع ابن الحي الذي لم يتوقف عن الكلام فيها والغريب أنه حتى عندما كان يتحدث مع والدها أنا كنت أرتجف خوفا أما هي فلم تتحرك وبقيت عيناها مفتوحتين ولم تذرف حتى دمعة، اخذها من ذراعها وذهب بها الى بيت صديقها ليتأكد بنفسه وبالفعل الجميع شهد أنه يعرفها حتى والدته وأخوه الأكبر قال أنها دائما تتردد عليه وهم دائما يطردونها لكنها لا تسمع الكلام وطلبوا منه أن يمسك ابنته ويربيها ، تخيلي معي كيف صار لقد كاد يقتلها لولا تدخل الأهل وبعدها أوقفها عن الدراسة لمدة شهر ولولا عطف وتدخل العائلة وتوسلاتي اليه لما تركها تعود، لكن ما يثر الغرابة أن ابنتي لم يرف لها جفن ولم تأسف أو تندم لدقيقة على ما فعلته حتى لما رأت والدها يبكي على ما فعلته ابنته .

هي قديمة ولا تعرف شيئا

من جهة ثانية تقول الابنة ناريمان أن أمها معقدة وقديمة جدا ولا تواكب تطورات الحياة، تقول ناريمان أن والدتها جننتها بمتابعتها وترصد تصرفاتها وسلوكياتها دائما تحت المجهر” لقد جننتي وأصبحت تقلتقني دائما تتهجم عليا وتلقي باللوم على كل ما أقوم به لا شيء يعجبها وتحب سجني،  كرهتني في الحياة من طلوع النهار وهي افعلي هذا ولا تفعلي هذا، أنظري ابنة فلان كيف هي مثالية ومستقيمة وكيف تعرف تتحدث ولا تعصي والدتها، هي لا تعرف ما يفعلنه وتعايرني بهن، انتبهي الى أخواتك وساعديني هي تلد وأنا أربي لها ما هذه الحياة، صديقاتي كلهن يملكن هواتف متطورة وهي لا تملك لنفسها حتى هاتفا ومنعته عني، كلهن يلبسن آخر صيحات الموضة وأنا تلبسي الفضفاض العريض رغم أن جسمي نحيف، كرهت منعتني من الكلام مع صديقاتي وحتى زيارتهن  دائما تملأ أبي عليا ليضربني وكل ما أقول لها شيئا تقول اذهبي لتلعبي مازلت صغيرة، أنا كبرت وهي مازالت تتجسس عليا وتتبعني في كل شيء، وأنا لم اخطأ كان مجرد صديق لي يدرس في نفس مدرستي وكنا معا لكن عندما أراد أن يستغلني اكثر انسحبت عنه ورفضت العودة اليه لهذا انتقم مني، الخطأ لم اقصده ولم أتعمد إغضاب والدي لكن هي السبب لا تفهمني ومازالت قديمة جدا ولا تعرف شيئا من الدنيا سوى جدران بيتنا وبناتها.

الأفلام التركية والأنترنيت

أما وداد فترى أن غزو الأفلام التركية وقصص الحب والغرام أحد أهم أسباب ضياع الفتيات المراهقات فهن يصدقن تلك الحياة ويردن عيشها، كنت منذ صغر ابنتي أتركها تتفرج على الأفلام ووضعت لها في غرفتها تلفاز خاص كانت متفوقة في دراستها لهذا كنت لا امنع عنها مشاهدة ما تريد وهي جد مطيعة وتساعدني في البيت وعندما نجحت بتفوق اشترى لها والدها  كمبيوتر وأدخل لها الأنترنيت لتساعدها في دراستها واعداد بحوثها، لكن لم اكن اعلم بأنا اشترينا مصائب لافساد بنتنا، وتحول حالها للاسوأ وصارت لا تدرس بجدية وتظل متسمرة لساعات أمام الأنترنيت وصارت لا تسمعني اتكلم وأتكلم وأنصحها  بأن تترك الانترنيت فتقول أنها تدرس، وفي احدى المرات فتحت ايمايلها فوجدت رسائل غرام وعروض صداقات لها ودردشات كثيرة مع الشباب ورسائل حب كتبتها هي بنفسها، جن جنوني وشعرت بأن ابنتي طعنتي واستغفلتني رغم أنني كنت قريبة جدا منها واعاملها كصديقة، وأحب أن تكون أجمل وأفضل واحدة بين البنات لكنها اخفت عني ما تفعل فقطعت الانترنيت وعندها بدأ التوتر بيننا يزداد وصارت تصرخ وتغضب وتغلق الباب بقوة إن تكلمت معها أو نصحتها، ولازالت وداد تلقي اللوم على الافلام التركية التي صارت فيروس خطير على الفتيات اللواتي ينخدعن بحياة الحب والغرام في تلك المسلسلات ووهم الأنترنيت والتليفونات.

    صاحبت المنحرفات وتمردت على العادات

كثير من المراهقات في مثل هذه السن يبدأن في الانسلاخ عن كل ما يربطهن بالعادات والتقاليد وبكل ما يربطهن بالعائلة، فتبدأ مرحلة الصراع الدائم بين محاولة اثبات الذات والنضوج باظهار أنوثتها بشكل صارخ وملفت للانتباه في  محاولة لفرض نفسها وتبدأ بمعاشرة اصحاب السوء وخلق عالم خاص بها، ومن هنا تبدأ المشاكل الحادة بينها وبين والدتها مثلما حدث مع “ربيعة” التي اصبحت لا تعرف كيف تتصرف مع ابنتها التي خرجت عن سيطرتها بالكامل، وتقول ابنتي بعدما بدأت في معاشرة صديقات السوء تغير حالها للأسوأ وصارت تثير غضبي بلباسها الفاضح المكشوف الذي يظهر كل مفاتن جسدها ولا تريد سوى لبس الضيق الملتصق بجسدها، تذهب وتشتري ملابس غير محتشمة وصار الماكياج لا  يفارق حقيبتها المدرسية أو بالأحرى التجميلية فهي أصبحت دائما تتحدث مع الشباب وتحسب بأنها تستغفلني وتقول انها صديقتها كسرت هاتفها فاشترت آخر تقول لي أنتي أكسري وأنا نشري، صارت تعاندني ولا تساعدني في أي شيء منذ طلوع النهار وهي لا تهتم سوى بنفسها وبجمالها ولبسها وبأشهر الماركات التي تريد أن تجاري بها صديقاتها المنحرفات، مهما تكلمت معها لاتسمعني حتى أنها صارت تذهب وتجيء مع كل الشباب، لم تجد من يقف في وجهها فوالدها عامل بدوام كلي ولو أخبرته بما تفعله يقتلني أنا ويقول تربيتي، هي أكبر أبنائي ولم تجد من يحرسها  صرت اضحوكة وسط عائلتي كل واحد اصبح يقول عنها أنها غير محترمة بذلك اللباس الذي يجلب لها الشبهة وبمشيها مع الشباب، وعندما انصحها تقول لي “أنت لا تعرفين شيئا ومازالك متخلفة وعايشا في عصر قديم ولا دخل لك أو لأهلك في حياتي راني كبيرة ونعرف واش ندير”.

المختصة النفسية: “ازرعوا الثقة في نفسهم وعاملوهم كالكبار”

وللحديث أكثر في هذا الموضوع الذي يهم كل أم التقينا بالأخصائية النفسية سميرة.ف للحديث عن هذه المرحلة العمرية الهامة في حياة الفتاة ومتطلباتها تقول:

مرحلة المراهقة من أهم المراحل العمرية التي تحدد شخصية المراهق أنثى أو ذكر وهي تحتلف من شخص لآخر، لكن في مجتمعنا يكون التركيز أكثر على سلوكيات الفتاة حينما تتغير حيث تصبح عدوانية في بعض الأحيان، فالتغيرات الجسدية الطارئة عليها والتعرف على الطرف الآخر واكتشاف الحياة الجنسية ورؤيتها للعالم ولمختلف قضايا أسرتها كلها تؤثر فيها وقد تحدث اضطرابات لها، فبعضهن يحاولن اثبات ذواتهن من خلال قدرتهن على التخلص من سيطرة أولياءهم وخصوصا أمهاتهن حيث يصبحن عدوانيات معهن وكل هذه الأمور عادية وغير مقلقة اذا تم التعامل معها بشكل عقلاني حيث يجب أن تتوقف الأم فقط على معاملتها كفتاة صغيرة وعدم التدقيق معها، والتفتيش وراءها والتجسس عليها ومحاسبتها ومعاتبتها على كل صغيرة، إضافة إلى ضرورة فهم الفجوة العمرية بين الأم وابنتها أهم مشكل فكل زمان متطلباته وتطوراته فالوسائل التكنولوجية اليوم اكثر تطورا وفي منتاول الصغار ولهذا لا يمكن القاء اللوم على كيفية استعمال تكنولوجيات العصر بل على تعليم الأبناء كيفية استغلاها افضل استغلال، ومحاولة فهمهم والعيش في وقتهم، وطريقة فرض الأوامر ومحاولة السيطرة عليهم غير مجدية وهنا تحدث المشاكل والصرعات وتتوتر العلاقة ويسودها نوع من الفتور والصراع والقلق النفسي للطرفين، فتلجا الفتاة الى البحث عمن يشاركنها مشاكلها وانشغالاتها وهذا ما تجده في الصديقات بغض النظر عن نوعيتهن ومدى تأثيرهن عليها تثبته الأيام، ولهذا يجب على الأم فهم ابنتها جيدا ومتطلباتها والعمل على تعليمها وتوعيتها وادخال المفاهيم الصحيحة بطريقة سلسة وليس بإصدار الأوامر والتهكم عليها، بل محاولة فهمها والصبر عليها وتوعيتها بمخاطر كل شيء وتعليمها على قيمنا الدينية وسلوكيات مجتمعنا وعاداته، وترك لهن مساحة خاصة لتعلم واكتشاف الحياة والتخطيط معهم للمستقبل ووضع لهم هدف للمضي قدما نحوه، ومهم أيضا تعزيز ثقتها بنفسها وبجمالها ومظهرها الخارجي ومحاولة مصاحبتها وجعلها صديقة لك والإستماع لها بل ومشاورتها في بعض الأمور، حاولي أن تخرجي معها في وقت الفراغ الى الحدائق وأماكن الترفيه، حتى لو تغيرت سلوكياتها اصبري عليها ولا تعاتبيها دائما وتجعلينها على خطأ، فكل ما تحتاجه لتخطي هذه المرحلة هو محاولة فهمها والتعرف الى عالمها وتوجيهها دون عتاب أو عقاب وزرع الثقة والأمان والحب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • سفيان كعواش

    قبل خروج الإبن أو البنت للمدرسة النظامية فهي تمر قبلا بالمدرسة الأهم وبواضعة اللبنة الأساسية التي ما إن أحسنت تثبيتها فحتما ستزهر وتعطي الثمار المرجوة ألا وهي "الأم مدرسة"، ومع الرجل المسؤول والقائم بدوره على أكمل وجه سيكون بمثابة الإسمنت المسلح الذي يحمي البنت من أي انحراف.