-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

عند الامتحان.. ينتصر أردوغان

عند الامتحان.. ينتصر أردوغان

في عتمة الليل العربي الإسلامي، الحالك الظلمة. وفي أتون الحرب الطائفية القذرة، التي تدور رحاها، داخل أجزاء مختلفة من أقطار الأمة الإسلامية. ووسط دروس مشينة، يقدمها المسلمون للعالم عن الإسلام، فيؤكدون بسلوكهم واستبدادهم، وتصرفاتهم، حكاماً ومحكومين، ما يصف الحاقدون والمغرضون به الإسلام، من أنه “دين الاستبداد والفساد”، و”عقيدة القتلة والمجرمين”، الغلاظ الشداد.

في هذا الجو المثقل بمعاني الإجحاف، والخلاف والاختلاف، تأبى تركيا المسلمة، إلا أن تقدم للعالم   باسم الإسلام- صورة مغايرة، هي الصورة الحقيقية للإسلام، الذي يقدس الحرية والمسؤولية، وتجسد الشورى والديمقراطية، ويبدد بذلك كل صور القبح، التي تبثها أحداث ليبيا، ومصر، واليمن، وسوريا، والعراق، وأفغانستان، وباكستان، وغيرها…

الحدث التاريخي، الإسلامي، السياسي، الذي قدمته للعالم، تركيا المسلمة، بزعامة رجب الطيب أردوغان، ممثلاً في الانتخابات النظيفة والعفيفة، بتعددية مثالية، لم نسمع فيها احتجاج الراسبين في الامتحان الانتخابي، ولم نلحظ فيها تزوير المنظمين والمشرفين على الانتخابات، بتضخيم النتائج، ولا بتعقيد الأساليب والمناهج.

ووداعاً لنسبة 99 % للحزب الحاكم، ووداعاً لطعن المرشّح الراسب الناقم.. لقد شهد العالم، إذن، وشاهد كيف يمكن للإسلام، عندما يسود، أن يقود، وأن يذود فتنتصر القيم الإنسانية، وتفوز المعايير الدولية، وتستتبّ مبادئُ الاستقرار الوطنية.

تبارى عددٌ كبير من الأحزاب التركية في الانتخابات المعادة، وأسلست القيادَ لجميع الأحزاب، في خوض حملة انتخابية شرسة، بلا هوادة، استخدمت فيها كل وسائل العادة، والعبادة، والسيادة، وكذا أفتى الصندوق الشفاف، بفوز أحسن قيادة، وأحكم إرادة.

فاز حزب العدالة والحرية إذن- في امتحان الانتخابات المعادة وكان قد فشل، من قبل، في انتخابات الوفادة، والرفادة. كانت الانتخابات الأولى نزيهة، وكانت الانتخابات الأخيرة أيضاً نزيهة، والدليل على نزاهة الأولى سقوط الحزب الحاكم فيها، والدليل على نزاهة الأخيرة، شهادة العلمانيين والإسلاموفوبيين عليها.

لقد عمّت الفرحة معسكر الأعداء لسقوط حزب أردوغان في الامتحان، واعتبروا ذلك عقاباً من الشعب التركي لـ”إسلام الصبيان والغلمان”، وها هو الحزن يخيّم على معسكر الحاقدين على الإسلام، من صهاينة، وعلمانيين، واستبداديين، داخل العالم الإسلامي.

وماذا ينقم هؤلاء على سياسة حزب أردوغان الإسلامي؟

إنهم ينقمون عليه مواقفه الجليلة والنبيلة، فانسحابهم من لقاء القمة في سويسرا، احتجاجاً على الموقف الصهيوني من قضية فلسطين، كان موقفاً جلب له الفخار، وجرّ عليه من الأعداء حملة العار والشنار.

وموقفه المستميت، والمميت من الباخرة التركية، باخرة الحرية التي نظمت لفك العزلة عن غزة الجريحة، وما تكبّدته تركيا من تضحيات، كانت الوسام الذي توّج به جبين تركيا المسلمة، المتضامنة المتعاونة مع المستضعفين.

وموقف أردوغان وحزبه من قضية الاستبداد، والفساد، والتحكم في رقاب العباد، وتغيير الحكم بالقوة، ونصب المشانق على رؤوس الأشهاد، هذه كلها، هي التي زكته، في كل بلاد، كعامل دعم وإسناد.

إذن، فإن انتصار رجب الطيب أردوغان، في الامتحان، لم يأت من باب الهوى أو الطغيان، وإنما جاء نتيجة، مواقف إنسانية وإسلامية تذكر له فتشكر، وإنه تاج على رؤوس المضطهدين والمعذبين. كما يأتي فوز أردوغان باسم الإسلام الصحيح والفصيح في تركيا، ليمثّل الرقم القوي، في المعادلة السياسية، العربية والإسلامية في المنطقة، فيلقم حجراً، الكلاب النابحة، والذئاب العاوية، وما أكثرها، بعد أن اعتقد الكثير أن الإسلام قد ولى عهدُه، وطُمس مهده، وحُفر لحده، تحت ضربات التنظيمات الخاوية، والزعامات الهاوية، والاتجاهات النابية.

الصهيونية وحلفاؤها في حسرة وحداد، والهجمة الروسية وعملاؤها، في نكبة وكساد، في حين، أدخل الانتصار التشوه، على جميع المستضعفين في كل بلاد.

فرح إذن- بانتصار الحزب الإسلامي التركي الأردوغاني أبناء فلسطين من أطفال الحجارة، والأفاعي والخناجر. وهلّل له كل نزيه، وكل منصف، وكل ثائر. وخسئ به كل مستبد، وكل دعيّ وكل فاجر.

هكذا، فالفوز في الامتحان لا يُصنع بالغش، والنقل، والتزوير. كما أن الانتصار في الانتخابات لا يتم بشراء الذمم، ورهن الهمم، وبيع اللسان أو القلم.

ويمكن القول، بأن المنطقة العربية الإسلامية مقبلة على فجر جديد، يبدد ظلمة ليلها الطويل، ويرسم معالم مستقبلها الجميل، فقد بان لكل ذي عينين أن الإسلام متى أحسن فهمه وتطبيقه، تحسن نتائجه ويتضح طريقه، وأن السياسة التي تستمد منهجها وفلسفتها من إرادة الشعوب، تستهين بكل الصعاب، وتتجاوز كل الدروب، فآن الأوان، لأن يتخذ الأسلوب التركي في التعامل مع السياسة والإسلام، نموذجاً للشعوب والحكام، ودع عنك ربط الإسلام بالتعصب والإرهاب، ووصف المسلمين، بالذئاب والكلاب، فما كان الإسلام ولن يكون، في صفائه، ونقائه، ووفائه إلا الكتاب وفصل الخطاب. وويل للمكذبين، وويل للمترددين، وويل للمشككين، من سوء العاقبة، وشدة العقاب.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • فاقوا غيرهاك

    نعم لتشتيت الدول الإسلامية المجاورة لتركيا، نعم لإقامة علاقات حميمة مع من يُقتّل الأطفال الفلسطينين، نعم لمن ساعد على تفتيت العراق. يا هذا، لقد ولّى زمن المدح و المديح. لا يُشترط أن تكون مسلما لكي تدرك حجم الدمار الذي حلّ بالدول الإسلامية المتاخمة لتركيتك الأردوغانية. إنّ الذين يريدون تحليل الأمور عليهم أن يعتبروا بنتائج السياسات التي تنتهج تحت ذريعة هذا الشتاء العربي الداكن. تقسيم سوريا إلى دويلات قد يخدم إلى حين تركيتك الأردوغانية و حلفاؤها ولكنّه سيطعن الأمة الإسلامية في أعماقها.

  • محند ارزقي

    - نعم لقد انتصر في الامتحان لانه خير الشعب التركي بين شرين
    الموت والدمار
    او حصوله على الاغلبية المطلقة

  • محند ارزقي

    - نعم لا انكران اردوغان يتمتع بالدهاء و المكروالخداع فالمعروف ان حزب الشعوب الديمقراطي الكردي بقيادة صلاح الدين دمرداش هو الذي جرد حزب اردوغان من الاغلبية التي كان يحتاجها للهيمنة على تركيا وتغيير الدستور ، الامر الذي دفع اردوغان الى انتهاك وقف اطلاق النار مع الاكراد من طرف واحد ، واعلان الحرب ضدهم ، لكسب ود القوميين الاتراك
    - ثم بعد ذلك قام بالتفجير الجبان الذي ذهب ضحيته اكثر من 200 من مواطنيه

  • محند ارزقي

    - وهل تنطلي تلك المسرحيات التي قام بها مع الصهاينة في سويسرا وفي غيرها على احد وتركيا تنعم بعلاقات استراتجية مع "اسرائيل" والعصابات الصهيونية من موساد وغيرها تمرح في انقرة وفي اسطنبول

  • محند ارزقي

    - بالاضافة الى احتضانه الدواعش و القاعدة و كل المجرمين والطائفيين والتكفيريين في العالم ، لتدريبهم ومدهم بكل اسباب القوة ، دون ان يستشعر باي تأنيب للضمير مما اقترفوه من جرائم ضد الانسانية
    - وهو(اردوغان) يتعامل مع الاكراد بعنصرية مكشوفة ومفضوحة ، مع انهم من اهل السنة ،

  • محند ارزقي

    - ليس خافيا الموقف الشاذ الذي انفرد به اردوغان ومازال ، ازاء الفوضى الخلاقة في سوريا ، ودعواته المتكررة لفصل الشمال السوري لبناء جيب عميل تسيطر عليها ميليشيات من القومية التركمانية
    - وهذا الموقف تكرر ومازال ازاء العراق وكركوك

  • محند ارزقي

    - فلم يتدخر اردوغان جهدا على الصعيد الداخلي لاعادة “مجد” اجداده العثمانيين عبر اعادة بناء صروحهم التي اندثرت ، وبناء صروح جديد كقصره الاسطوري المؤلف من 1115 غرفة ،
    - واما على الصعيد الخارجي ، فكانت احلام اعادة بناء الامبراطورية العثمانية في مواقفه من سوريا وحلب والعراق وكركوك ، ومصر ، وتدخله السافر في شأن هذه الدول

  • محند ارزقي

    شكرا لك يا دكتور على هذا المقال الا انه يجب التذكير :
    - ان " الخلافة العثمانية " مهدت للاستعمار الفرنسي ، فعلى سبيل المثال الداي حسين لم يبد اية مقاومة بل اكتفى بالهروب بجلده وبقناطير الذهب

    - منذ اليوم الاول لصعود حزب التنمية والعدالة بقيادة رجب طيب اردوغان ، بدا هناك ارادة لاحياء الامبراطورية العثمانية (والتي كان ابن باديس ضدها بل انتصر لكمال اتاتورك)

  • بن بلقاسم

    يا مروان لماذا تنظر إما أبيض أو أسود، إن تركيا محاطة بأعداء كثر فهل تريد أن يقول لهم الطيب نحن خلافة إسلامية فيحاربون أكثر من الحرب المعلنة عنه. يامروان إننا في عالم الغلبة فيه حاليا للكفار، فليس كل مايعرف يقال وليس كل ماهو صالح نستطيع تطبيقه. لكن قارن بين مواقف تركي ومواقف كل الدول العربية الأخرى ماذا تجد. فالعدل العدل في تقييم الناس شكرا

  • almanzor

    رجل بأتم معنى الكلمة، على الرغم مما يرميه به بعض العلمانيين و اليساريين بأنه حليف أمريكا و بأنه منبطح للرأسمالية العالمية، و بالرغم من اختلافي معه في بعض مواقفه إلا أنه يبقى و احد من أعظم من حكم تركيا الحديثة، والوحيد الذي نجح في إنهاء استبداد الأحزاب اللائكية الدكتاتورية في حين أخفقت الأحزاب الإسلامية في باقي البلدان العربية.
    الله أكبر كم في الفتح من عجب **** يا خالد الترك جدد خالد العرب

  • ابوحذيفة التقرتي

    قبل ان اجيبك اسالك و اسال من وراءك: هل اردوغان حاكم عادل و فق الكتاب و السنة يجب طاعته ام انه ظالم لنفسه و لغيره في جوانب اكثر مما هو محسن ?? ثم مالنا و ماله فهو في بلاد يحكمها و نحن في بلاد يحكمها غيره فلا تلزمنا طاعته او ان هناك شئ يجمعكماحتى تسمع له و تطيع ??? و اجيبك على سؤالك فاقول ارجع الى ما سطره الائمة كمالك و احمد و غيرهم في معاملة الحاكم الظالم على ضوء الكتاب و السنة لتعلم المحق من المبطل .واخيرا اعلم ان قائل و ان ضرب ظهرك و سلب مالك هو نبيك فاين انت من تعظيم وحيه "و ان تطيعوه تهتدوا"

  • بن ثامر بلقيس

    نعم تركيا صديقة اسرائيل يروادها حلم الخلافة العثمانية التى اسقطتها بريطانيا بالتواطئ مع السلفية ( وجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ) ورسالة ابن باديس فى تابين اتاتورك المجرم اشهر من ان يعاد التذكير بها ...جمعية الاندماج يحق لها ان تتنتصر لاردغان الناتو

  • مروان

    تركيا..عضو فى الحلف الاطلسى...تركيا تقيم علافات ديبلوماسية وتجارية مع اسرائيل تفوق 30مليار دولار..تركيا تقيم مناورات عسكرية بين الحين والاخر مع اسرائيل...تركيا ما زالت تلح وتطالب بالانضمام الى الاتحاد الاوروبى..اردوغان يصف حزبه بالعلمانى وتركيا بلد علمانى بامتياز...تحيا حزب تركيا

  • بدون اسم

    و هل الملكية و التوريث و إطاعة الحاكم الظالم و الفاسق و من يضرب ظهرك و يسلبك مالك من الاسلام

  • الجزائري

    مقال رائع في حق الفوز العظيم لاحفاد محمد الفاتح "رحمه الله... ..تحيا اردغان الرجل الفحل وحزبه "العدالة والتنمية التركي" الذين حفظوا ماء وجه المسلمين في العالم في هذا الزمان المنقلب والمنقاب على الاسلام والمسلمين وخاصة العرب منهم.
    بارك الله فيك يا استاذنا عبدالرزاق قسوم "رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"

  • ابوحذيفة التقرتي

    قال تعالى "افحكم الجاهلية تبغون" و قال "و من احسن من الله حكما " و قال "و هو احكم الحاكمين" و قال "ان الحكم الا لله" وقال" و من لم يحكم بما انزل الله"
    كل هذه الايات التي تدعو لتحكيم شرع الله و نبذ ما سواه الا ان الرجل يتغنى فرحا بالديقراطية التي جاءت باردوغان ليكرسها و الاخطر من هذا هو تسويق للناس انها من الاسلام فهذا تحريف لشريعة الرحمان و غش للمسلمين ,فكل ما علينا ان نعرض الاسلام كما هو و لا علينا فمن قبل و رضي فله الرضى ومن كابر فان الملك لله يؤتيه من يشاء و العاقبة للمتقين.

  • ابوحذيفة التقرتي

    المرء حينما يبتلى يقراءة مثل هكذا يعجب اشد العجب ممن يرون في الديمقراطية انها من الاسلام بل يرونها هي لبه و روحه و يرون في اردوغان قامة ينبغي التاسي بها و في الانتخابات نصرا مؤزرا من الله و كان الاسلام قد غفل عن الولاية و طريقتها و عن الدولة و سياستها فاصبحوا يتهافتون على النصوص و الاثار النبوية يحرفونها و يتاولونها خدمة لهذا الاسلام الا شاهت الوجوه,

  • رضا

    قلت فوفيت