الرأي

عنوان واحد للعصرنة.. الإنجليزية!

محمد سليم قلالة
  • 2337
  • 26

الذين يَستخدمون عباراتٍ تُوحي بأنهم “عصرانيون، منفتحون، مستنيرون!”… لماذا يتردّدون، بل ويرفضون خيار العصرنة الأول: تعليم الإنجليزية لأبنائنا بدل الفرنسية واستخدامها في كافة المجالات؟ لماذا يبدؤون بالحديث عن الإمكانات والوسائل عندما تُطرَح مسألة استخدام اللغة الانجليزية، لإضفاء ديناميكية حقيقية على الاقتصاد الوطني ولتمكيننا من الارتباط بالعولمة والتكنولوجيا والتواصل مع العالم؟ لماذا يُحارِب دُعاة العصرنة هذا التوجّه الذي ينبغي أن يكون أول ما نُفكر فيه إذا أردنا بحق أن نَنْفتح على العالم؟ أليست هذه هي المسألة التي تُمكننا من التَّمييز بين توجّهٍ عصري مُتفتِّح وعالمي وآخر إيديولوجي ضيِّق مُنغَلِق يحسّ بالاختناق عندما تُخرِجه عن نطاق اللغة الفرنسية؟

ألَمْ نُسيَّر في كل المرحلة السابقة ومازلنا إلى الآن بلغة واحدة؟ هل مَلَكت غير الفرنسية سلطة القرار؟ هل صَنعت، في نطاق دورها وتمثيلها لِطبقة معينة، تقدما للبلاد؟ في الاقتصاد والتجارة والمالية، لَم نَتمكّن من أن نخطو خطوة واحدة نحو الاقتصاد الرقمي، بدليل أننا مازلنا لا نعرف استخدام الفيزا كارت أو غيرها من أشكال النقود الإلكترونية إلى الآن؟ وفي التعليم والبحث العلمي والسياحة والخدمات… الخ، تمّ غلق منافذ الحوار بيننا والعالم من خلال اللغة الفرنسية الواحدة التي لا تتكلمها سوى طبقة الفرانكفون؟ وفي باقي القطاعات مُنِعنا من أن يحس الأجنبي بأن لنا شخصية وطنية حتى أننا أصبحنا نُجبر الصيني والياباني والهندي وكل شعوب المعمورة على مخاطبتنا بلغةٍ فرنسية مكسَّرة، وكأننا أمة بلا ثقافة أو حضارة أو تاريخ، بدل أن يخاطبونا على الأقل باللغة المتعارف عليها عالميا؛ أي الانجليزية؟

أين هي عصرنة قطاع التربية والتعليم أو البحث العلمي من غير انفتاح على اللغة الأولى في العالم؟ ما هذا الغلاف الأيديولوجي المُزيَّف الذي يبرِّر فشله، ويَصبّ جامَّ غضبه على الإسلام واللغة العربية، ومن قام بتعليمهما أو الدفاع عنهما؟ ومتى بلغ هؤلاء أعلى من درجة مُعلِّم ينتظر بفارغ الصبر ملاذا أمينا في تقاعدٍ مسبق وبأجر زهيد؟ هل كانت لديهم يوما سلطة القرار؟

إذا أردنا بالفعل أن نَفتح باب عصرنة قطاعاتنا وأولاها التعليم، فلتكن لنا الشجاعة بأن ننفتح على اللغة الأولى في العالم. وإذا ما شكّك أحدٌ في مدى قبول الشعب الجزائري لمثل هذا الخيار، لتكن لنا الشجاعة أيضا ونطرح أمام الأولياء والتلاميذ وطلبة الجامعة سؤالا يقول: هل ترغبون في الدراسة بالفرنسية أم بالإنجليزية؟ وإني أراهن أن الفرنسية رغم أنها انطلقت في السباق في الجزائر قبل الإنجليزية بـ186 سنة، ستخسر المعركة، لأن الغالبية الساحقة ستختار عنوان العصرنة الأول وعنوان الأمل: الانجليزية. هل للحكومة أو لوزيرة التربية الشجاعة لطَرح مثل هذا الخيار على الشعب لنعرف مَن هو العصري والمنفتح حقا؟

مقالات ذات صلة