الرأي

عن الشفافية في زمن الكورونا!

قادة بن عمار
  • 1988
  • 6
أرشيف
وزير الصحة عبد الرحمان بن بوزيد

برّر وزير الصحة عبد الرحمن بن بوزيد ارتفاع عدد الوفيات بوباء كورونا في الجزائر مقارنة بدول أخرى في المنطقة، لكون “الجزائر تعتمد الشفافية المطلقة عكس الآخرين”.

وأضاف الوزير في تصريح رسمي: بعض البلدان الأوروبية لا تصرّح بعدد الموتى خارج المؤسسات الاستشفائية، فيما لا تقوم أخرى بتحاليل خاصة بهذا الفيروس، وفي الحالتين هنالك خلط في المعطيات، فيما فضلنا نحن في الجزائر اعتماد الشفافية.

قبل أن يختم كلامه بالقول: في جميع بلدان العالم، لا يمكن تصديق الأرقام المقدّمة، لأنه يستحيل إجراء تحاليل لكل السكان!

مبدئيا، لا أحد يكره اعتماد “الشفافية”، لكن هذه الأخيرة يجب أن تكون شاملة وتمس أيضا الكشف عن وتيرة العمل في مواجهة كورونا، وسرعة تحليل العينات، ومدى اتباع الإجراءات والتعليمات المتعلقة بفرض الحجر الكلي أو الجزئي، ومتابعة نتائج تطبيق بروتوكول العلاج وعلى من يطبَّق، وما هي نتائجه حتى الآن.

الشفافية تقتضي أيضا انفتاح الجهات المختصة على الإعلام، كل الإعلام، بمختلف ألوانه واتجاهاته، والبداية تكون من الندوة الصحفية اليومية، والتي يجب أن تكون مفتوحة للجميع من دون إقصاء، وليست حكرا على التلفزيون الحكومي، بل يجب أن يتم استغلالها لطرح الأسئلة والإجابة عنها بشكل علمي ومهني منظم، بدلا من ترك المساحة للتأويلات، وللأخبار المضللة وقد حدث ذلك أكثر من مرة الأسبوع الماضي.

الشفافية تقتضي أيضا السماح للرأي العام بالاطلاع على الحالات التي شفيت، وطريقة تطبيق بروتوكول العلاج عليها، وكشف طرق التصرف في المساعدات الصينية أو تبيان المستفيدين منها في ظل تزايد القيل والقال وكثرة السؤال، وخيرا فعل الرئيس تبون حين أجاب بصراحة عن الأمر، ثم فعل وزير الصحة الأمر ذاته بعد ذلك.

لا أحد يكره الشفافية، بل إن هذه الأخيرة، تعدّ السبيل الوحيد لقطع الطريق على المعلومة الخاطئة، وعلى الإشاعات التي تنتعش أكثر إذا ما تردد صاحب المعلومة في تبيان الحقيقة، أو تأخر في نشرها بوقت قصير، فما بالك إذا امتنع أصلا، أو رفض قولها من حيث المبدأ.

والواقع أن هنالك محاولة يائسة للتركيز على أعداد المصابين في الوقت الذي نعرف جميعا أن تلك الأعداد ستتضاعف، والمنطقي أننا لن نفاجَأ بالنظر إلى ما شهدناه من خرق للحجر الصحي ولانتشار سلوكيات لا مبالية، بل ومستهينة من الوباء عقب ظهوره قبل شهرين وأكثر.

يبقى أنه لا وقت الآن للاختلاف الشديد في الرأي أو ممارسة فنون التشكيك والتضليل وتحريف الكلام، فأي نقد للمنظومة الصحية في مثل هذا الظرف بالتحديد، لن يكون مجديا، بل من الضروري تأجيله إلى وقت لاحق، يتم خلاله فتح ملفات كثيرة، ومراجعة أداء جهات عدة، وإعادة النظر في مسؤولية كثير من الأطراف.

مقالات ذات صلة