الرأي

عن مافيا الدواء في الداخل والخارج!

قادة بن عمار
  • 2470
  • 7
ح.م

مع تخطّي أعداد المصابين بوباء كورونا عتبة المليون عبر العالم، وتسابق عدد كبير من المخابر العلمية المتخصصة، والدول، من أجل إنتاج عقاقير وأدوية مضادة لهذا الوباء، تخرج إلى العلن مرة أخرى قصص المافيا التي تسيطر على السوق بقبضة من حديد، بل وتستغل حالة الهلع لدى الشعوب والحكومات من أجل رفع مكاسبها المادية في سوق يدّر على أصحابها أزيد من تريليون دولار سنويا وربما أكثر.

ولعلّه غني عن القول، بأنّ هنالك حوالي 25 شركة عالمية تسيطر على سوق الأدوية، معظمها أوروبية وأمريكية، فيما تعدّ دول العالم النامي الأكثر استهلاكا، لذا فإن كورونا يمثل بالنسبة للفئة الأولى، فرصة لا تعوّض، من أجل مضاعفة المكاسب، وزيادة الأرباح… ونشر الشائعات!

على هذا الأساس، حاربت جهات خفية وأخرى معلومة، اقتراح الطبيب الفرنسي ديدييه راوولت، باستعمال مضاد للملاريا من أجل تقوية المناعة لمواجهة كورونا، حيث رأت فيه خطرا مباشرا على مصالحها، خصوصا أنّ الدواء الذي يروّج له، متوفر لجميع الدول بكميات معقولة وبأسعار زهيدة.

أمّا للمشككين في نظرية المؤامرة أو الساخرين من وجودها أصلا، فننصحهم بمطالعة مجموعة “كتب وشهادات وتقارير” تتحدث عن تدخل شركات كبيرة في نتائج اختراع العقاقير وتجريبها، حيث لم يسلم أي “مرض” من هذا التدخل، بدءا من الاكتئاب ووصولا إلى السرطان!

ومافيا الدواء ليست عالمية فحسب، بل إنّ في الجزائر “مافيا محلية” أيضا، وقد ارتبط حضورها وتمددها برقم أعمال السوق والأرباح الكبيرة التي تدرّها، وبغياب المنافسة النزيهة وعجز الدولة عن مواجهة الفاسدين فيها، وهنا بعض الملامح والأرقام والمؤشرات:

– تستورد الجزائر ما قيمته 1.13 مليار دولار من الأدوية سنويا، وذلك بعد ما كانت تستورد أزيد من 2 مليار دولار قبل ست سنوات فقط.

– عجزت الحكومات المتعاقبة منذ 2015 في تطبيق إجراءات أقرّتها سابقا من أجل ترشيد النفقات المتعلقة بالأدوية، بل وتسبب ذلك في رد عنيف من تلك المافيا عقب الدخول في أزمة وتنامي مشكلة الأدوية المفقودة بالسوق، حيث وصلت إلى أكثر من 200 دواء!

– يقول العارفون بالاستيراد من الخارج، إن القائمة الوحيدة التي يصعب ضبطها أو تحديدها أو التحكم بها ومنذ سنوات، هي… “قائمة الأدوية”!

– يبلغ رقم أعمال سوق الدواء بالجزائر 3.8 مليار دولار سنويا، ويغطي الإنتاج المحلي 55 بالمائة من هذه السوق.

– لا توجد مضاربة نجحت وأثرت في سلوك المستهلكين أكثر من المضاربة بالأدوية، حيث يعمل بارونات السوق على إثارة حرب نفسية وحالة هلع بفقدان بعض الأدوية، فيسارع الناس إلى اقتنائها بشكل كبير وبأيّ ثمن مما يحدث أزمة كبيرة في السوق.

وأخيرا، وهنا الخطر الحقيقي، كشف عمارة زيتوني وهو رئيس مجلس المنافسة في دراسة نشرها الصيف الماضي، أنّ سوق الأدوية في الجزائر تهيمن عليه أربع أو خمس شركات فقط(!)  ما أثر سلبا على نوعية وسعر ووفرة الدواء داعيا إلى احترام قانون المنافسة، أو تطبيق عقوبة قد تصل إلى حدّ خصم 12 بالمائة من الأرباح الخيالية!

المتحدث ذاته، كشف عن وجود فساد كبير وأدوية مغشوشة ومقلدة في الأسواق، لكن الأمور لم تتغير منذ ذلك الحين، فالفساد انتعش دون رادع، وتشكلت لدينا “دولة داخل الدولة”، حيث لم تتخلص السوق من هيمنة بعض الشركات والبارونات!

فإذا كان هذا هو الحال في الأوقات العادية.. فماذا عن الكورونا وزمن الكورونا؟!

مقالات ذات صلة