الرأي

“عيب عليك” يا شيتور!

رشيد ولد بوسيافة
  • 7775
  • 24
ح.م

التصريحات الأخيرة الصادرة عن وزير التعليم العالي والبحث العلمي شمس الدين شيتور حول اللغة الإنجليزية في الجامعة تكشف مرة أخرى الخلل الواقع على مستوى فهم طبيعة العمل الحكومي، خاصة في شقه المرتبط بتجسيد السياسات العامة والخيارات الكبرى للدولة.
بكلمة واحدة ألغى الوزير “المفرنس” شمس الدين شيتور حلما عاشه الجزائريون قرابة عام، كان هو الآخر جراء قرار متسرِّع وغير مدروس، لكنه قوبل بترحيب كبير على مستوى الجامعة الجزائرية طلبة وأساتذة وعلى مستوى الرأي العام الوطني الذي اعتبر تعزيز اللغة الانجليزية في الجامعة هو بداية للتحرُّر من التبعية اللغوية لفرنسا، ومن الأغلال التي فُرضت على الشعب الجزائري وحرمته من الاندماج في المحيط الاقتصادي.

ماذا يقول الوزير شيتور لـ94 بالمائة من الطلبة والأساتذة الجامعيين الذين صوّتوا لصالح مشروع تعزيز الإنجليزية؟ وماذا يقول إزاء الوضعية الكارثية للجامعة الجزائرية التي تخرِّج سنويا مئات الآلاف من المعوقين لغويا؟ ثم ماذا يقول لأصيل وادي سوف البروفيسور بلقاسم حُبَّة، وإذا كان الوزير لا يعرفه، فإنه واحد من أهمّ المخترعين في العالم، عندما قال “اللغة الفرنسية لا تكاد تُستخدم في الأوساط الأكاديمية حتى في فرنسا نفسها”!

فلماذا تصر على التّخلف والتّبعية يا شيتور؟ وهل يسمح تكوينُك الأكاديمي باللغة الفرنسية باللّعب بمستقبل ملايين الطلبة؟ وهل تعلم أنّ الآلاف من خريجي الجامعة يضطرّون لدخول مدارس للتّعليم المكثّف للّغات لإحراز حدٍّ أدنى من المستوى في اللغة الإنجليزية، بما يسمح لهم بالتعامل مع الجامعات في العالم؟

إذا كان إجراء وزير التعليم العالي والبحث العلمي السابق الطيب بوزيد بتنظيم استفتاءات أفضت إلى البدء في مشروع تعزيز الانجليزية هو إجراءٌ شعبوي ومتسرِّع، فإن واجبك هو تصحيح المسار وتحويل هذا الإجراء الشعبوي إلى مشروع جادّ يهدف إلى التحكم في اللغة الانجليزية، خصوصا في مجالات البحث العلمي، لأن فرنسا ذاتها سبقتنا إلى هذا الأمر، أمَّا أن تقتل هذا الحلم بتصريح مميع تقول فيه إن “المهم هو مستوى التدريس سواء بالفرنسية أو الانجليزية”، فهو ردة معلنة واستفزازٌ صارخ للجزائريين.

وفي الواقع؛ فإنّ هذه الرّدة لم تسجّل على مستوى الوزير شيتور وحده، بل الأمر تعداه إلى الكثير من الوزراء الجدد الذين فاجأوا الرّأي العام في أول ظهور إعلامي لهم وهم يلوون ألسنتهم عمدا باللغة الفرنسية، بمن فيهم الذين يتقنون اللّغة الرسمية للبلاد.

مقالات ذات صلة