-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
اهتمامهم بأمور أعظم غيّبت مظاهر الاحتفال

“عيد الحب”.. لا حدث عند الجزائريين

نادية سليماني
  • 1764
  • 0
“عيد الحب”.. لا حدث عند الجزائريين
أرشيف

كان يوما ليس كبقية الأيام.. محلاّت الزهور مكتظة، وعروض التخفيض كثيرة، والدّبّ الأحمر يتصدر واجهة المحلات الزجاجية المضيئة، والشوكولاطة سيدة المبيعات.. إنه يوم عيد الحب أو “الفالونتاين” والذي بات أقرب إلى ذكرى قديمة في الجزائر.

فالجزائريون أداروا ظهورهم لهذا العيد مؤخرا، ولم يعد يثير اهتمام الأفراد إلا أقلية. وتعددت أسباب العزوف حسب المختصين.
مرّ عيد الحب العالمي والمصادف لـ14 فيفري من كل سنة، باهتا في الجزائر هذه السنة، على غرار السنوات الأخيرة، وبالتحديد منذ ظهور فيروس كورونا وانحساره.
فالمتجول في شوارع الجزائر العاصمة، باعتبارها مدينة كبيرة، ولها تقاليدها الراسخة في الاحتفال بالفالونتاين، يتفاجأ من شبه غياب مظاهر الاحتفال بهذا العيد على غير العادة. فالعروض الحصرية غابت من محلاّت بيع مواد التجميل، و”الدّباديب” الحمراء لم نعد نراها مكدسة على الواجهات، وحتى المطاعم لم تُقدم عروضا حصرية لوجبات عشاء مميزة كالعادة، الاّ قلة من المحلات والمطاعم وفي أحياء معينة بالعاصمة، لاتزال محافظة على الاحتفال بهذا اليوم، رضوخا لطلب بعض الزّبائن المُعيّنين.

عرسان جُدد لم يحتفلوا بعيد الحُب
“الشروق” اقتربت من بعض المواطنين، وسألتهم في الموضوع، وغالبية الإجابات، تمحورت حول موضوع الحرام وانهيار القدرة الشرائية.. “سليم” 30 سنة، مُوظف، ورغم أنه عريس جديد، يؤكد بأن الاحتفال بعيد الحب مع زوجته “غير وارد بتاتا في أجندته”، وسبب ذلك حسبه أنه “موظف بسيط، ومستأجر لمنزله.. وأموال هدية الحب، الأفضل أن تذهب لشراء بعض الخضر والحليب”.

الغلاءُ يمنعنا من الاحتفال بالحب
أما “كريم” أب لطفلين، فرغم أنُّه تاجر، فيؤكد بأن الغلاء وانهيار القدرة الشرائية، وبالخصوص أثناء وبعد جائحة كورونا، ساهم بشكل كبير في تردي الأوضاع الاقتصادية عالميا. وأضاف “أنا تاجر، وأفكر في غلق المحل بسبب قلة الزبائن.. المخروج أصبح أكثر من المدخول، وبالتالي لا مكان لعيد الحب في يومياتنا”.
بينما تتمنى كثير من النساء تلقي الهدايا في هذا اليوم، وتقول رانيا “سأفرح كثيرا لو تلقيتُ هدية في هذا اليوم، خاصة علبة شوكولاطة”، وحسبها النساء “رومانسيات”، وأي سلوك مهما كان بسيطا لإظهار حب الطرف الثاني، بعيدا عن يوم عيد الحب “أكيد سيفرحنا” على حد قولها.

موجة خوف واكتئاب بعد زلزال تركيا وسوريا
بينما تأثرت فئة كبيرة من الجزائريين بزلزال تركيا وسوريا، والذي خلف مشاهد موت ودمار بشعة جدا، مظهرين تعاطفهم مع الشعبين ولو بأضعف الأيمان، عن طريق “إظهار الحزن وتفادي الاحتفال خلال هذه الفترة”، وقالت أم أيمن “صور الدمار الذي خلفه الزلزال أدخلني في حالة اكتئاب وحزن، لن يشفيها الاحتفال بعيد الحب..!”.

“العولمة” فرضت “الفالانتاين”على مجتمعنا
وتفسر المختصة في علم الاجتماع، ثريا بن قرينة، بأن أسباب الاحتفال بعيد الحب، تختلف من فرد إلى آخر في الجزائر. فمنهم من يحاول كسب الطرف الثاني وإرضائه، خاصة في العلاقات الجديدة وبين الأزواج الجدد، ومنهم من يحتفلون تقليدا لغيرهم فقط، بل تجدهم لا يعرفون الحب أصلا في حياتهم اليومية، والأغلبية مؤخرا تحتفل لسبب واحد، وهو نشر الصور عبر الوسائط التكنولوجية، لتحصيل الإجابات.
أما غالبية الجزائريين، وباعتبارنا مسلمين، فهذا العيد بالنسبة لهم “يخص المجتمع الغربي، ولنا أعيادنا نحن المسلمين، وهو ما يجعلهم ينكرون هذه الاحتفالات وبشدة” على حدّ قولهم.
وقلت بأن منصّات التواصل الاجتماعي والتغطية الإعلامية لـ”الفالونتاين” هي ما أدخل ظاهرة الاحتفال بهذا اليوم ضمن الاهتمامات الاجتماعية للجزائريين، والتي لم تكن موجودة خلال سنوات السبعينات والثمانينات، إضافة إلى تأثير طوفان “العولمة” الذي يُراد منه تعميم النموذج الغربي في شتى مناحي الحياة.
وتخلص محدثتنا، إلى أن تدهور القدرة الشرائية لأفراد مجتمعنا، جعلتهم يصرفون النظر عن هذا العيد، والذي كانوا يعتبرونه مجرد “تقليد” لا غير، إضافة لما يعيشه العالم من مآس تسببت في نشر الطاقة السلبية ومشاعر الحزن والاكتئاب، ما يغني عن إبداء أي مشاعر فرح، حسب تفكير كثيرين.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!