جواهر

غادة السمان: العلّة ليست في‮ ‬المرأة بل في‮ ‬حقيقة ممارساتنا كمسلمين

جواهر الشروق
  • 3597
  • 7

عندما كانت الروائية الجزائرية الشهيرة أحلام مستغانمي،‮ ‬صاحبة المؤلفات التي‮ ‬استُهلكت عربيا كالسندويتشات،‮ ‬أقول عندما كانت صاحبة‮ “‬فوضى الحواس‮”‬،‮ “‬ذاكرة الجسد‮”‬،‮ “‬نسيان دوت كوم‮” ‬نطفة من مني‮ ‬تُمنى‮ “‬إبداعيا‮”‬،‮ ‬كانت أناملنا تداعب‮ “‬اعتقال لحظة هاربة‮”‬،‮ “‬البحر‮ ‬يحاكم سمكة‮”‬،‮ “‬الحب من الوريد إلى الوريد‮”.. ‬للروائية اللبنانية الأشهر‮ ‬غادة السمان‮.. ‬وكنا‮ ‬يومها تلاميذ في‮ ‬الإعدادي‮ ‬والثانوي‮.. ‬وما كان‮ ‬يأسرنا حقيقة،‮ ‬هو أسلوب‮ ‬غادة السمان الأشبه بالماء الزلال‮ ‬يسقط على شفاه تصدّعت من الظمإ‮..‬

ولأنّ‮ ‬القارئ الجزائري‮ ‬عاش طويلا،‮ ‬قبل موضة الأنترنت،‮ ‬مقطوع الصلة عن كثير مما‮ ‬يُنشر عربيا،‮ ‬ناهيك عما‮ ‬يُنشر عالميا،‮ ‬فلم نكن نسمع كثيرا أو قليلا عن أحوال صاحبة‮ “‬الحب من الوريد إلى الوريد‮”‬،‮ ‬وإذا بنا نقرأ خبرا قبل مدة على صفحات الجريدة المحترمة كثيرا‮ “‬القدس العربي‮”‬،‮ ‬مفاده التحاق‮ ‬غادة السمان بالجريدة،‮ ‬كاتبة عمود‮ ‬يصدر كل سبت تحت عنوان‮ “‬لحظة حرية‮”..‬

وتزامن التحاق الروائية‮ ‬غادة السمان بجريدة‮ “‬القدس العربي‮” ‬والتحامل‮ ‬غير المسبوق على الإسلام والمسلمين في‮ ‬أكثر من مكان،‮ ‬فاختارت‮ ‬غادة أن‮ ‬يكون عنوان أول عمود تخطُّه صرخة مدوية في‮ ‬وجه هذا التحامل‮: “‬يا للهول‮! ‬ابنتي‮ ‬ستتزوج مسلما‮”‬،‮ ‬وبلغتها الرقراقة المشرقة كعادتها تنسج‮ ‬غادة السمان خيوط فكرتها بهذه الطريقة‮..‬‭ ‬‮”‬طالعتني‮ ‬جارتي‮ ‬بوجه متجهم حين مررت بها لنتسكع معا كعادتنا منذ أعوام على ضفاف نهر السين مقابل البيت‮. ‬وجه‮ ‬يمطر حزناً‮.‬

وقبل استفساري‮ ‬عن سبب تعاستها،‮ ‬صرحت‮: ‬تخيلي‮ ‬الكارثة التي‮ ‬ستحل بي‮.. ‬ابنتي‮ ‬تريد الزواج من مسلم‮! ‬يا للهول‮.. ‬مسلم من أصل عربي‮! ‬وأضافت كرشاش‮ ‬يطلق رصاصه بلا انقطاع‮: ‬يا للكارثة‮.. ‬سيجر ابنتي‮ ‬طالبة جامعة‮ “‬السوربون‮” ‬الباريسية الراقية إلى‮ “‬عالمه‮”… ‬ستقف إلى جانبه وهو‮ ‬يشهر سيفا ليذبح رهينة‮ ‬غربية ويقوم بتعذيب صحافي‮ ‬ذهب بحثا عن الحقيقة‮. ‬تخيلي،‮ ‬ستكون معه حين‮ ‬يطلق الرصاص على شاب مسكين طبيب تطوع لمعالجة مرضى العالم مجانا بدلا من شكره‮.. ‬ويحصد الأطفال في‮ ‬مدرسة ما برشاشه ويخلف في‮ ‬المذبحة أكثر من مائة طفل مقتول في‮ ‬حرب‮ “‬النكايات‮”. ‬هل‮ ‬يعقل أن تقبلي‮ ‬شيئا كهذا لابنتك؟ وقبل أن أجيب بأن لا ابنة لي،‮ ‬وأنني‮ ‬مسلمة،‮ ‬تابعَت وأنا صامتة كشاهدة قبر‮: ‬سيضرب ابنتي‮ (‬التي‮ ‬لم أصفعها مرة‮) ‬لتأديبها وعليها بأمر الشيخ أن تقول له شكرا،‮ ‬سيتزوج امرأة إضافية أصغر سنا منها،‮ ‬وستنظف لهما‮ ‬غرفة‮ “‬ليلة الدخلة‮” ‬وتبدل ملاءات السرير،‮ ‬وستشتري‮ ‬سريرين إضافيين لزوجتين قادمتين بعد ذلك‮!..” ‬

وتواصل صاحبة‮ “‬البحر‮ ‬يحاكم سمكة‮” ‬تصوير تلك الصورة السوداوية التي‮ ‬تتناقلها وسائل الإعلام صباح مساء عن قتامة المشهد الذي‮ ‬تصنعه طائفة من المسلمين‮: “.. ‬وأعتقد أننا لا نستطيع تصحيح صورتنا إذا لم نصحّح حقيقتنا،‮ ‬والعلة ليست في‮ ‬المرآة بل في‮ ‬حقيقة ممارسات بعضنا،‮ ‬علينا مثلا الرفض العلني‮ ‬لممارسات مخزية تتمُّ‮ ‬باسمنا كمسلمين،‮ ‬فالإرهاب هو أهم الهدايا التي‮ ‬قدمناها لعدونا،‮ ‬ناهيك عن حروب الاتهام الأخوي‮ ‬فيما بيننا،‮ ‬وكما نلوم بعض الإعلام الغربي‮ ‬على تشويهه لحقيقتنا إكراما لـ‮ “‬اللوبي‮” ‬المتصهين صاحب النفوذ،‮ ‬علينا أن نلوم أنفسنا أيضا لأننا سكتنا‮ “‬تقريبا‮” ‬عن صبغ‮ ‬الدين الإسلامي‮ ‬بصبغة لا إنسانية‮”.‬

مقالات ذات صلة