-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

غدرٌ صهيونيٌّ في الأيام المباركة

غدرٌ صهيونيٌّ في الأيام المباركة

في أجواء إيمانية، ميزتها نفحات ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، تحركت آلة الغدر الصهيوني لتروّع الآمنين وتبطش بالراكعين الساجدين في المسجد الأقصى الذي يشكو رب السماء مما يفعله شذاذ الآفاق مسوقين بما يسمونه الوعد الإلهي الذي منحهم – بزعمهم – السيادة على البر والبحر والتحكم في رقاب البشر.

ليلة القدر هذه السنة لم تكن كسابقتها، ليلة اختلطت فيها تسابيح المتهجدين بأصوات القنابل المسيلة للدموع التي كانت تخترق الجموع وتنشر الرعب في الأقصى وما حوله، لقد تحولت الليلة التي ينزل فيها الروح الملائكي إلى ليلة للحزن الفلسطيني على الجرحى الذين استهدفتهم قنابل وسياط  جنود بني صهيون.

إن المحن تحمل في طياتها بعض المنح ومن منحها أن تشحذ الهمم وتستنهض الأمم لتعرف عدوها ولكي تعود إلى أسلحتها التي غفلت عنها “ودَّ الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة”. لقد غفلت الأمة الإسلامية في صراعها مع اليهود عن أسلحة كثيرة، مادية ومعنوية، فلا هي أعدّت لهذه المعركة عُدّتها من ركاب الخيل وغيرها مما استحدثه الإنسان في هذا العصر ولا هي أعدت لهذه المعركة عدّتها من الإيمان وسلاح الإيمان خير فأصبحت هدفا يرمى، يعبث شذاذ الآفاق بأمنها وأمن مقدساتها ويشرد أهلها.

لا معنى لليلة القدر إذا تخلت الأمة الإسلامية عن أسلحتها التي خصها الله بها وفي مقدمتها سلاح التقوى، فإذا استوت هي وعدوها في المعصية فإن الغلبة ستكون لمن يملك سلاحا أقوى وأنكى. من المفارقة أن الأمة العربية في الجاهلية كان يُضرب بها المثل في صنع الرماح دفاعا عن شرف القبيلة فلما أكرمها الله عز وجل بالإسلام تخلت عن الرماح وعن كل سلاح فأصبحت ريشة في مهبِّ الرياح.

تحركت آلة الغدر الصهيوني في ليلة القدر والأمة الإسلامية في غفلة من أمرها، منقسمة على نفسها، قد ارتمت في أحضان خصومها، يؤمن بعض أهلها بأن إسرائيل “قدَرٌ إلهي” وبأن التبرم بالقدر “كفرٌ بواح” و”فسق صراح”، يتغنى حكامها وعليّة القوم فيها بأن القدس “خط أحمر” فإذا جد الجد سكتوا كأن على رؤوسهم الطير.

ما كان لإسرائيل أن تفعل ما فعلت في المسجد الأقصى لو أن في الأمة الإسلامية بقية من صلاح الدين الأيوبي، وما كان لشذاذ الآفاق أن يدخلوا البيت الحرام إلا خائفين، يقول الله تعالى: “وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.

عجبت لحال الأمة الإسلامية، تمطر بالليل والنهار وتصرخ  شريفة من شريفات القدس في آذانها “وامعتصماه” فلا تجد في زمن الهوان معتصما ينصرها ويقتص لها. إن منظر النساء وهن يُهَنَّ في القدس يؤكد بأن الكيان الصهيوني عادلٌ في توزيع الظلم فلا فرق عنده بين ضمير المذكّر وبين تاء التأنيث فالكل مستهدَف ومصدر للتطرف.

تحركت آلة الغدر في القدس ففعلت فعلتها ثم انسلت لم يعترضها إلا من يؤمن بأن قدسية المكان من قدسية الزمان، فالمكان المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين والزمان ليلة القدر أعظم ليلة في أعظم شهر “إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر”.

استباح شذاذ الآفاق المسجد الأقصى -وما كان لهم أن يدخلوه إلا خائفين- لأنهم يعلمون أن قيم البطولة قد غابت في هذه الأمة وأن الأبطال قد أصبحوا سلعة نادرة في أمة ضحكت من جهلها الأمم. استباح شذاذ الآفاق المسجد الأقصى غير آبهين بتبعات هذا التصرُّف الإجرامي لأنهم يعلمون بأن إسرائيل فوق الحساب وفوق العقاب لا تسأل عما تفعل وهم يُسألون.

وقع الغدر الصهيوني في ليلة القدر وأمتنا العربية والإسلامية، تؤمن بالقدر وتقعد عن التقدير أنى لها أن تنقذ غيرها وهي عاجزة عن إنقاذ غيرها. وقع الغدر  الصهيوني في ليلة القدر والجدال محتدم بين المسلمين بشأن ليلة الوتر، فليتهم فعلوا في تحري مكامن الخطر على أمة سورة القدر كما فعلوا في تحري ليلة القدر.

حدثنا المطبِّعون قالوا إن للتطبيع منافعَ كثيرة، ومن منافعه إحلال السلام في الشرق الأوسط، فجاء العدوان الصهيوني على المسجد الأقصى ليفند هذا المزاعم وليثبت بأن الطبيعة العدوانية لإسرائيل حقيقة ثابتة وبأن السلام مع إسرائيل مستحيلٌ ماضيا وحاضرا ومستقبلا.

إن إسرائيل كيانٌ محارب، لا يحترم المحراب ولا يحترم الكنيسة ولا يعرف حقا لأحد من المسلمين والمسيحيين وأهل الأديان، كيان يتغنى بالسلام ويغتال السلام في مدينة السلام، فهذه نصوص التوراة شاهدة على عدوانية هذا الكيان: “وأما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة ما بل تحرمها تحريما الحثيين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين كما أمرك الرب إلهك”.

إن المسجد الأقصى رمز من رموز أمتنا وتدنيسه من قبل زبانية نتنياهو يؤلمنا ويحزننا، ولكننا لا نملك إلا الدعاء لأهله المرابطين الصابرين الذين يدافعون عنه لا يخشون في الله لومة لائم، يدافعون عن عنوان عزتهم ومسرى نبيهم الذي أثنى عليه الله سبحانه وتعالى بقوله: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياته إنه هو السميع البصير”.

إن المسجد الأقصى يئنّ تحت وطأة جلاد لا يؤمن بقدسية الأديان ولا  بكرامة الإنسان ولا بحق الإنسان في العيش على أرضه. إن المسجد الأقصى يحتاج إلى من ينصره وليس إلى من يواسيه في الظاهر ثم يرسل رسائل في الخفاء إلى جلاده نكاية به وتحريضا وتأليبا عليه. إن المسجد الأقصى يحتاج إلى بلد كالجزائر تغير كل شيء من حولها، وخان الأقصى الصديقُ والرفيقُ وظلت هي ثابتة على مواقفها تردد مقولة الرئيس الراحل هواري بومدين: “نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة”.

يستنكر بعضهم صواريخ كتائب الأقصى التي تستهدف العمق الإسرائيلي ولكنهم لا يستنكرون العدوان الإسرائيلي على المسجد الأقصى، إن رد العدوان ليس عدوانا بل مقاومة شرعية تجيزها كل الشرائع السماوية والقوانين والأعراف الدولية، إنه الكيل بمكيالين الذي تطبقه إسرائيل مدعومة من اللوبيات الداعمة لها ولسياستها العدوانية تجاه شعب أعزل يتطلع إلى الحرية كما تتطلع إليها كل البرية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • يوغرطة النوميدي

    غدر صهيوني في الاشهر الحرم بفلسطين المحتلة وغزة المحاصرة منذ 20 سنة وغدر سعودي وهابي سلفي ماسوني -نقصد بالسعودي حكام السعودية ال سعود صهاينة العرب الخونة وعلمائهم الفاسدون - باليمن في الاشهر الحر ومنذ 6 سنوات قتل وتدمير وتجويع وتشريد- .