غريزة الخوف !
الجزائريون باتوا يخافون في السنوات الأخيرة من أي شيء، ولا شيء، فالخوف أضحى غريزة أساسية، وشعورا طبيعيا، وعادة يومية ومرضا معديا، حتى الأشياء المفرحة تثير الخوف، مثل العيد، فرغم أنه يوم بهجة وسرور، وشحم ولحم، لكنه بالنسبة للمسحوقين في الأرض، أو المعذبين على سطحها بات مرتبطا بالكريدي، والركض وراء المال، بأي طريقة من الطرق، لإرضاء الأولاد وإشباع البطن، متنازلين أو متناسين أن الأمر يتعلق بفريضة دينية وسنّة مؤكدة .
-
الجزائريون يخافون من الكريدي، والفقر، ومن التسريح في العمل، ويخافون من الموت بالتسممات، أو في حوادث الطرقات، أو على يد عصابات اللصوص، ويخافون من الزلازل، والفيضانات، ومن الكسوف والخسوف، ومن الأمطار والجفاف، ويخشون المرض الفجائي والمتوقع، ومن الحسد إذا كانوا أصحاء، ومن دخول المستشفيات العامة والعيادات الخاصة، ويخافون من غلاء الأسعار وانخفاضها، ومن ندرة الخبز والحليب أيام العيد، وفي غير أيام العيد؟ !
-
الجزائريون يخافون من الحج الذي يقتل، والصلاة فردا وجماعة، ومن الزكاة المعرضة للسرقات، ومن دخول الأسواق الشرعية واللاشرعية، ومن الزواج والطلاق، ومن الأس 12 والجمعة 13، ومن الخسارة في كرة القدم، وحتى التأهل للمونديال؟!
-
الخوف بات هاجسا، يتكرر مثل الخبز اليومي لدى الجزائريين، وقد كرّس ذلك، السياسات الفاشلة للحكومات المتعاقبة، والتي جعلت الجزائريين يخافون حتى من الفرح، لدرجة أن الزوالية عندما يضحكون كثيرا، وهم نادرا ما يفعلون ذلك، يقولون.. الله يخرج هاذي الضحكة على خير؟!
-
حتى الأفراح والليالي الملاح، باتت ذات مفعول عكسي عند الجزائريين البسطاء، فلا غرابة أن الحكومة، باتت تتدخل حتى في هرمونات وخلايا المتزوجين، وتطالبهم بالإنجاب القليل، وبأن يرحموا أنفسهم ويرحموها من تعب الإحصاء وتوفير الوظائف والسكنات.. وكأنها وفرتها لآبائهم حتى توفرها للأبناء.. ثم أننا لا نجد هذه الوقاحة الرسمية في التعامل مع أفراح البسطاء إلا في عالمنا العربي، ولعله ليس ببعيد، تصريح رئيس وزراء إحدى الدول، قائلا أنه سيعين شرطيا في كل غرفة نوم للمتزوجين من الشعب، لأجل التقليل من الإنجاب.. “ويا خوفي” من الآتي في المستقبل؟ !